بناء طفل مبدع

نظرت إليها وهي جالسة في إحدى زوايا منتدى الثلاثاء بالقطيف، وجدتها مبتسمة وعلى ثقة عالية. تأسفت لأني حضرت متأخرًا ولم أستمع لكلمتها.

إنها فاطمة حسين فتيل مؤلفة قصة (مع جدي) التي تتحدث فيها عن بعض سيرة جدها الحاج الشهيد منصور مدن فتيل الذي كان أحد شهداء تفجير مسجد الإمام علي عليه السلام بالقديح في 3 شعبان 1436هـ.

فاطمة فتيل تبلغ من العمر 12 سنة، تحب القراءة وتطمح أن تكون مؤلفة قصص أطفال.

قصتها (مع جدي) هي باكورة أعمالها وأتمنى أن تكون هناك أعمال قصصية أخرى. هذا العمل يحكي عن علاقة الأجداد والأحفاد أنها علاقة محبة، علاقة حيوية.

ذكرت فاطمة الفتيل بعض صفات جدها رحمه الله فهو كان شخصية (ذا كاريزما مؤثرة) معروفًا بنباهته وقدرته على حل الخلافات (إصلاح ذات البين)، وكان متعلقًا بكتاب الله فقد كان قارئًا للقرآن وحافظًا لآياته الكريمة (شخصية قرآنية)، مواظبًا على صلاة الجماعة، بارًا بوالدته، كما أنه كان ممن يحرصون على التلاقي العائلي من خلال المواظبة على غداء العائلة الأسبوعي (صلة الرحم).

القاص الصغير، الكاتب الصغير
جميل جدًا أن يكون في مجتمعنا مثل فاطمة فتيل، تحمل هذا الطموح، وتنجز هذا العمل، جميل أن يبدأ طفلك بإنجاز مميز (قصة، فكرة)، وأن يتحول هذا المشروع إلى مؤسسة ثقافية تهتم بهذه الفئة، وتأخذ بيدها لمزيد من الإبداعات.

التشيع لطلب العلم
احرص على أن يكون طفلك عالمًا، أن تخصص له يوميًا وقتًا للعلم والمعرفة، روي أن لقمان (عليه السلام) قال لابنه وهو يعظه: يا بني! اجعل في أيامك ولياليك وساعاتك نصيبًا لك في طلب العلم، فإنك لن تجد لك تضييعًا مثل تركه (1).

كما قال الإمام علي (عليه السلام): من لم يتعلم في الصغر لم يتقدم في الكبر (2).

الوالدان القدوة
قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 90].

عندما يرى الطفل والديه على منهجية معينة من التقدم والإبداع فإنه بلاشك سيقتدي بهما، لذلك علينا أن نكون خير قدوة وأسوة لأطفالنا، لتكن مسيرتنا مسيرة ذات طابع إيجابي، وسلوكنا سلوك إيجابي. وتذكر أن “قدرةُ الطفل على الالتقاطِ الواعي وغيرِ الواعي كبيرةٌ جدًّا، أكبرُ مما نظنُّ عادةً، ونحن نراه كائنًا صغيرًا لا يدرِك ولا يَعي”.

همسات لبناء طفل مبدع:
1- علينا أن نكتشف طاقات وإبداعات أطفالنا مبكرًا، فكل طفل وبلاشك لديه موهبة معينة، ثقافية أو اجتماعية أو (رقمية) إلكترونية، لا تدع طاقة طفلك تذهب هدرًا، اكتشفها وعليك أن تنميها وتطورها.

2- صناعة أجواء لنمو هذه الطاقات، كلمات التشجيع والثناء لها دورٌ في نمو الموهبة والطاقة فلا تبخل على طفلك بكلمة تشجيع. وكذلك قراءة القصص التربوية لها تأثيرها الإيجابي في بناء عقلية الطفل المبدع.

3- إتاحة الفرصة للطفل أن يتكلم ويعبر عن نفسه وعن أفكاره، إن خلق أجواء من الحرية في التعبير عن الذات وعن الرغبات هي أول طريق الإبداع.

4- توجيه الإبداعات والمواهب نحو الأعمال الخيرية، الدينية، لا تدع موهبة طفلك تهاجر إلى مواطن (السلبية)، افتح له آفاقًا معرفية جديدة.

5- حضور الفعاليات الثقافية والاجتماعية التي من شأنها أن تنمي موهبة الطفل.

أخيرًا تذكر أن الطفل مبدع بطبعه، فكن ممن ينمي الإبداع.


الهوامش:
1/ ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 3 – الصفحة 2078
2/ ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – الصفحة 1614



error: المحتوي محمي