من وجوه «ديرتي جميلة».. في الملاحة.. كوثر آل حماد عشقت نقش الحناء صغيرة وحولت موهبتها لمصدر رزق في الـ15

كالكثيرات من بنات محافظة القطيف، عشقت كوثر عبد العلي حماد الحماد الحناء منذ صغرها، فحاولت الدخول إلى عالمها مبكرًا، وعامًا بعد عام استطاعت أن تحول شغفها إلى مصدر رزق وهي في الخامسة عشرة من عمرها.

بريق النقوش
تعد “كوثر” إحدى المُبدعات في أصول هذا الفن العتيق؛ حيث بدأت ابنة بلدة الملاحة وذات الـ27 عامًا، رحلتها في عالم الحناء عندما كانت في الحادية عشرة من عمرها بالمرحلة الابتدائية، فقد كانت تشاهد والدتها تضعها في المناسبات، ومثل كل الفتيات بدأ بريق نقوشها يستحوذ على اهتمامها، لتطلب من والدتها بعد ذلك مساعدتها.

زخارف بسيطة
ذكرت “الحماد” لـ«القطيف اليوم» أنها كانت تهوى اكتشاف النقوش والتفنن في عمل رسومات الحناء على يديها، وبدأت برسم نقوش بسيطة، ومع الممارسة أصبحت مُتقنة ومُحترفة في الإمساك بالقمع والنقوش، وساعدها في ذلك والدتها التي كانت تطلب منها شراء الحناء عندما تذهب إلى المدينة المنورة.

وقالت “الحماد”: “والدتي كانت تشتري الحناء وتقوم بخلطه جيدًا لاستعماله في غرض الصبغ لشعرها والتخضُّب لرجليها، وكانت تحضر لي حناء أستخدمها لرسم الزخارف على يديّ، أو أقوم بشراء لاصقات زخرفية تساعدني في رسم الزخارف”.

من هواية لعمل احترافي
تحولت هواية ابنة بلدة الملاحة من محافظة القطيف، مع الاستمرار وكثرة التجربة واستخدام النقوش المختلفة، إلى مصدر رزق خاصة عندما ذاع صيتها بين العوائل في بلدتها الملاحة والمناطق المجاورة لها، لتخوض تجربة العمل في عمر الـ15 عامًا ويصبح لديها زبائن يطلبونها بالاسم بعد ذلك.

الحناء في الأعراس
قالوا قديمًا: “العروس لا تصبح عروسًا إلا بنقش الحناء”، وأبدعت “الحماد” في رسومات ونقوش الحناء للعرائس وأمهاتهن والمقربين لهن، لدرجة أنها تروي موقفًا تكرر معها في عدة أفراح، حيث كانت تأتي بكمية من الحناء ونظرًا للإقبال الكثيف عليها كانت لا تكفي الاحتياج ما يدفعها للعودة إلى المنزل لعجن كمية أخرى تُكمل بها النقوش لجميع العائلة.

صعوبات
واجهت “الحماد” عدة صعوبات في البداية ليس ذلك بسبب صغر عمرها عندما دخلت هذا المجال فحسب، ولكنه بسبب التواصل مع زبائنها، فتروي أنها روجت لأعمالها بالحناء على قروبات في مواقع التواصل الاجتماعي بدون علم أهلها لتتفاجأ بـ اتصالات ومراسلات كثيرة على هاتفها، ولم تجب عليهم إلا بعدما أخبرت أهلها بذلك.

ورغم خوفها من ردة فعلهم في البداية، إلا أنهم رحبوا بفكرتها وآمنوا بموهبتها وهوايتها وبكل حكمة تم احتواء الموقف، ووافقوا على ذهابها إلى زبائن ولكن بشروط معينة وبتوصيات من أبيها تضمن حمايتها وسلامتها نظرًا لصغر سنها، وخوفًا عليها.

تشجيع ودعم
شجعت عائلة “الحماد” ابنتهم وساندها أشقاؤها، فعندما كثر الإقبال على الحناء طلبت من شقيقتها العون والمساعدة واستجابت على الفور، وبدأت في تدريبها حيث لم يكن لديها تجربة مسبقة مع القمع والحناء فأصبحت تمسك القلم وتُزخرف بالورقة زخارف ونقوشًا كتدريب لها لتحترف المهنة، وتُعين اختها بعد ذلك.

مشاركات
شاركت “الحماد” في عدة مهرجانات كبيرة أُقيمت في صفوى، وديرتي جميلة بالملاحة، وتميزت بنقوشها الجميلة والتي تُفضل منها النقش الإماراتي وغيرها من النقوش الهندية والخليجية.

نقوش بالعجين
“النقوش اليدوية بالعجين تُبدع في تجميل اليدين”، بهذه الجملة أوضحت “الحماد” الفرق بين استخدام أقماع الحناء في النقوش وبين استخدام اللاصقات الجاهزة فكلاهما يمكن استخدامه في الرسم ولكن الأقماع تعطي مساحة من الإبداع في الرسومات والنقوش.

مواقف لا تُنسى
مرت “الحماد” بقصص ومواقف لا تُنسى خلال عملها في هذا المجال، منها السعيد الذي ينتهي برسم البهجة على شفاه من حولها، ومنها ما وصفته بالصعب حيث عادت بالزمن لتسترجع موقفًا لن تنساه، قائله: “أثناء عملي مع زبونة كانت عائدة من صالون التجميل بعد عمل تنظيف للجسم وجاءت مباشرة لكي تضع الحناء، ونصحتها أن مساماتها لا تزال مفتوحة وقد تتضرر بالحناء ولكنها أصرت ولم تقتنع، وبعد محاولات كثيرة أخلت فيها الحماد مسؤوليتها من عواقب ذلك، ووضعت لها الحناء وفي اليوم التالي تورم جلدها وانتفخ وأصيبت بالحساسية وذهبت إلى المستشفى”.

انقطاع مؤقت
بعدما تزوجت “الحماد” ظلت تسع سنوات بدون حمل، وعندما رُزقت بالحمل تركت عمل الحناء خوفًا على المولود، وأصبحت الحجوزات تلاحقها وهي ترفض وانقطعت سنة كاملة خلال فترة الحمل، وبفضل الله رزقت بابنتها التي ستحرص على نقل حُب الحناء لها عندما تكبر.

“الحناء موهبة مثل الرسم يحتاج تطوير وممارسة، وفجأة يمكن أن تنقلب إلى هندسة في تصميم الزخارف”، بهذه العبارة اختتمت “الحماد” حديثها عن موهبتها التي طورتها وتطمح للوصول فيها عاليًا، معقبة: “أتمسك أكثر وأكثر بالحناء وكل شيء صعب في البداية ولكن النهاية جميلة جدًا”.

ونصحت كل من لديها موهبة في رسم الحناء، أن تتقدم وتتشجع للدخول إلى هذا المجال الذي وصفته بعالم جميل، وتُراث قديم ينبغي أن نحافظ عليه ونورثه للأجيال القادمة.


ملاحظة.. مصدر صور الحناء كوثر آل حماد

صور من فعاليات “ديرتي جميلة” – تصوير أحمد الصرنوخ



error: المحتوي محمي