من القديح.. بعد إقامة جبرية فرضتها السمنة.. غدًا.. «أفراح» تودع 7 سنوات من ملازمة المنزل وتحكي قصة خسارة وزنها

أعوام طويلة وهي حبيسة وزنها الزائد، الأيام لديها متشابهة، بل ثقيلة جدًا بثقل أنفاسها، تراقب خروج أهلها من المنزل والحسرة تملؤها؛ متى أتمكن من مغادرة مكاني كما يفعلون؟.. ولأن التغيير قد يكون وليد لحظة إرادة، فإن إرادة “أفراح” المفاجئة ورغبتها في أن تحطم قيود وزنها التي كبلتها عن الحركة، كانت كفيلة بأن توصلها إلى باب منزلها بعد أن ظلت سبع سنوات لا تعرف لذلك الباب طريقًا.

“أفراح”، تستعد غدًا للخروج من منزلها لتروي للمجتمع قصة إرادتها التي جعلتها تخسر الكثير من وزنها الزائد، وتستعيد جزءًا من حركتها ولياقتها بعد أن ودعت الحركة لسنوات طوال.

سجن السمنة
بداية الحكاية تنقلها لـ«القطيف اليوم»، اختصاصية التغذية ذكريات العوامي، المشرفة على برنامجها لخسارة الوزن، تقول: “بحسب ما عرفته من أفراح، إنها عانت من زيادة الوزن منذ طفولتها، لكنها شيئًا فشيئًا بدأت تكسب وزنًا إضافيًا على وزنها، حتى وصلت لمرحلة السمنة المفرطة”.

وتضيف العوامي: “ازداد الوضع عندها سوءًا حتى إنها أصبحت طريحة فراشها، ولا قدرة لديها على الحركة منه مطلقًا، بل إنها فوق ذلك أصبحت لا تعيش يومها دون الأكسجين الاصطناعي خلال يومها كله؛ 24 ساعة والأكسجين رفيقها، لا تتركه إلا في أوقات الصلاة، حتى وصل الحال بها أنها لا تستطيع النوم إلا وهي جالسة”.

وتمضي في حديثها: “بقيت على حالها ذلك 5 سنوات، إلى أن قررت أنها لا بد أن تتغير، فقد وجدت أنها تعبت جدًا وأن حالتها أصبحت تحتاج لضرورة تدخل فريق علاجي، وهنا برز دور مستشفى القطيف المركزي، فقد أرسلوا لها قبل ثلاثة أعوام الاختصاصية الاجتماعية منى آل سليم، واختصاصيتا العلاج الطبيعي مريم الخاطر وفضيلة الحلال، لمتابعة حالتها”.

بين مركزي القطيف وحمية “ذكريات”
حالة ابنة القديح الصحية كانت صعبةً جدًا، فالمستشفى لم يتمكن من نقلها من منزلها بالسيارة لذلك أشرف الطب المنزلي على علاجها، -وبحسب العوامي- فإنه نظرًا لوزنها الزائد كان من الصعب  قياس وزنها، وقد تم تخمينه تقريبًا من 300 لـ350 كيلو جرامًا.

وتوضح الاختصاصية ذكريات؛ أنه بعد أن تسلمت الاختصاصية الاجتماعية منى آل سليم، اقترحت ضرورة التعاون مع اختصاصية تغذية تباشر معها نظام حمية يخلصها من وزنها ويساعدها على استعادة حياتها الطبيعية.

تقول العوامي: “هنا وقع الاختيار عليّ من قبل الاختصاصية آل سليم، وذلك لتطوعي السابق مع بعض الحالات التي تحتاج اهتمامًا ورعاية، فقد كنت أشرف على أكثر من حالة تعاني من الوزن الزائد، فعقدت العزم على الأخذ بيدها وألا أفلتها إلا وهي قادرة على ممارسة حياتها الطبيعية”.

ثلاثة أعوام من التغيير
في تاريخ 1 رجب 1441هـ كان اللقاء الأول بين العوامي ومريضتها “أفراح”، اللقاء الذي رسم حياة جديدة لها، وغير واقعها، من امرأة لا تعرف غير سريرها مكانًا لها، إلى أخرى تحاول أن تنطلق مما هي فيه إلى حياة أكثر اتساعًا.

تحكي: “كان أكثر ما يميزها أنها تمتلك إرادة قوية، فقد كانت مصرة أن تتغير، أن ترى الحياة، أن تتخلص من كل معاناتها وهذا ما شجعني على أن أواصل معها بكل حماس، فأنا خلال تعاملي التقيت بأشخاص أوزانهم أقل منها لكنهم لم يستجيبوا للنظام الغذائي وانسحبوا، وآخرين لم يكملوا لأنهم كانوا يرغبون في إجراء عمليات جراحية للتخلص من الوزن الزائد ولا يرغبون في الأنظمة الغذائية”.

بلا تكميم
على عكس الهاربين من الوزن الزائد إلى عمليات السمنة، فإن أفراح رغم تطور حالتها في زيادة الوزن إلا أنها مسحت من تفكيرها خيار العمليات الجراحية تمامًا.

توضح العوامي الأسباب في ذلك بقولها: أفراح امرأة خمسينية، وفي حالتها كانت العملية أقصر وأسرع طريق لعلاجها، لكنها لم تفضل هذا الطريق باختيارها هي، فقد كانت تفضل خسارة وزنها بصورة طبيعية حتى وإن كلفها ذلك وقتًا أطول، كما أنها أيضًا كانت تخاف من عمليات السمنة وتحذر من حدوث مضاعفات لها لا سمح الله.

بدأت “ذكريات” ببرنامج خاص التزمت فيه بعادتها مع بقية الحالات التي تتابعها وهو النظام الذي يركز على “اللايف ستايل” أو أسلوب الحياة، كانت تعتمد فيه على أطعمة ووجبات بكالوريز قليل.

وقد كان لها مع مريضتها الجديدة نظامًا خاصًا، تبين ذلك: “مع الأوزان الكبيرة أحاول ألا أكون شديدة ودقيقة في النظام، فهم بالعادة يحتاجون إلى طاقة أكبر، لذلك نركز على الجانب العلاجي لرفع مستوى الهيموجلوبين وليكون لديهم توازن في الكالسيوم وفيتامين د كما نحاول أن نحافظ على نضارة الشعر والبشرة والأظافر، فالنظام لدي ليس مبنيًا على الحرمان”.

الأسرة سند أول
حظيت أفراح بأسرة محبة ومعينة لها في شدتها، حيث تكفلت أختاها بتحضير الوجبات لها نظرًا لكونها لا تقوى على الحركة من مكانها، كما التزمتا بتقديم وجبات الحمية لها في أوقاتها ودون أي زيادة، فرغبتهما في أن تصل أختهما لهدفها لا تقل عزيمةً وإصرارًا عن رغبتها هي.

ورغم صعوبة حركتها إلا أن الفريق العلاجي رسم لها خطة رياضية بتمارين تتناسب مع وضعها، ولأنها سيدة تمتلك الإرادة فإن قعدة السرير لم تمنعها من ممارسة الرياضة، فكانت تؤدي تمارينها الرياضية وهي على سريرها.

نحو حياة طبيعية
يومًا بعد يوم بدأت أفراح تحرك يديها ورجليها، بعد أن عانت من تقرحات الفراش فيهما لطول استلقائها عليه، وقد ساعدتها التمارين التي رسمها لها فريق المستشفى في أن تتحرك وتغير وضعية يديها ورجليها، كما أصبحت تستطيع أن تمشي لمسافات طويلة بالعكاز لوحدها.

تقول العوامي: مجهود كبير بذله الفريق العلاجي من الطب المنزلي لقد كانوا متكاتفين لتأهيلها، فقد هيؤوا لها دورة المياه لضمان عدم الانزلاق، كما وضعوا لها حواجز جدارية للاستعانة بها عند حاجتها للحركة.

وتضيف: كانت أيدينا تمسك ببعضها لتشجيعها عندما تتعب، كنا كفريق نتابع قياساتها ونحفزها بمكافآت وأكلات خفيفة حتى تتشجع على أن تستمر في مواصلة ما بدأته.

تبين العوامي أنها حتى الآن لا تعلم الوزن الحقيقي لمريضتها، مشيرةً إلى أنها نظرًا للوزن الكبير الذي فقدته فإنها أصبحت تعاني من الجلد الزائد، والخطة القادمة هي قص الجلد المترهل ليخفف عنها وزنها.

تختم “ذكريات” حديثها بقولها “أفراح” تشبه اسمها تمامًا، فهي تجعلني أشعر بالسعادة كلما نظرت للنتيجة التي وصلت لها كما أنها تبادلني نفس الشعور فهي تشعر بالامتنان للمرحلة اللي وصلت لها، وهي من الحالات التي عالجتها بشكل تطوعي ولم أفكر أن أظهرها للإعلام إلا أنني وجدت الكثيرين يشجعونني على أن أقدم قصتها كسيدة ملهمة استطاعت أن تقطع نصف الطريق بإرادتها ولن تستسلم لعدم الحركة، أو انقطاع النفس، لذلك سيتم تكريمها واستضافتها غدًا في مطعم أشتاريا بسيهات، لتتحدث عن قصتها وتروي تجربة النجاح في خسارة الوزن.



error: المحتوي محمي