تلك الأوراق الجميلة الملونة والقطع المعدنية قد تكون أكبر مصدرٍ للشرور إذا لم نضبطها مع أن المال مصدر خير في الأعمّ الأغلب! من يستقصي الشقاقَ بين الناس والعداوة يعرف أن “الفلوس” تخرب النفوس وأن للمالِ نصيبًا كبيرًا من ذلك؛ شراكة، ميراث، بيع بين أقارب وأصدقاء لم يوثّق، دَيْن بين من ظنوا أنهم ثقات لم يكتبوه، تشتري منه سلعة شرط كذا وكذا ولا يفي بالشرط، وعلى هذا فقس من آفات.
آية الدّيْن أو آية المداينة هي أطول آيةٍ في القرآن الكريم، الآية 282 من سورة البقرة، وتغطّي – تقريبًا – صفحةً كاملة أو أكثر في بعض المصاحف فيها تسعة عشر بندًا حضاريًّا من التنظيم الماليّ لا تدع مقدار خرم إبرة للخلاف والاختلاف!
داين من تحب وشارك من تحب، لا ينقطع المعروف بين الناس، لكن اكتب ووثِّق وأَشْهِد. فلان ماتَ وأنكر أبناؤه الدّيْن! فلان غرّر به الشيطانُ وأنكر! وبعد ذلك النار. عنه صلى الله عليه وآله: “أول ما يهراق من دم الشهيد يغفر له ذنبه كله إلا الدّيْن”.
بعض الناس لا يجيد استعمال الحيلة أو القوة فتراه يقول: داينّي وسلفني وعند الراتب أوفيك، يقول هذا لعشرين شخصًا وعندما يحين الحين يهرب مثل الريح ولا تجده! وبعض النّاس يسرق ويقتل عنوة وما أكثر الجرائم التي اختلط فيها المال بأشياء أخرى أو انفرد!
خلاصة الأمر، لا تقس الناس على مقاييس نفسك؛ الدنيا فيها أشكال وألوان من البشر كما يختلفون في الأشكال يختلفون في النيات. لا تقل هذا قريبي أو هذا صاحبي. هناك زوايا وخفايا لا يظهرها إلا المال! ولكي تحمي مالك وحقك وروحك شرع الله وأمر بكتابة الحقوق صغيرها وكبيرها. لا تأنف من التوثيق ومن يأنف من ذلك فحقّ لك أن تشك في نيته، والإنسان بين حياة وموت لا يدري ماذا يفعل الوارثون بعده!
ولمن لا يوفي الدين؛ لا يا أخي، لستَ أفضل عند الله من الشهيد الذي أعطى الله روحه وعمره ومع ذلك “يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدّيْن”. ربما يستحي صاحب الحق في الدنيا من المطالبة والدعاوى أو تستطيع أن تهرب منه، لكن تأكد أنه سوف يبحث عنك في يوم القيامة وسوف يجدك وحينئذ لن تفلت منه ويريد حقه رضيتَ أم كرهت!