بين أعمال 32 فنانًا وفنانة، تقف “ذات النورين” بلباسها القطيفي القديم مستندة على سجادة حيكت خصيصًا لها، تحمل في يديها فانوسين يعبران عن عدلها، أحدهما يشتعل فتيله والآخر لا ضوء فيه.
“ذات النورين” هي الطريقة التي عبرت بها الفنانة التشكيلية فاطمة النمر عن “الأرض”، ضمن مشاركتها في معرض “من الأرض”، الذي ينظمه مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بالدمام، في مقر المركز بالظهران.
ويهدف المعرض الذي يتضمن 32 عملًا فنيًا متنوعًا إلى تعزيز الهوية الوطنية من خلال الأعمال الفنية التي تجسد الحب للوطن وارتباط الفنان السعودي بالتراث الطبيعي لوطنه، وإبراز المواهب وتحفيزها في مجال الفن التشكيلي.
سيدة العدالة تنصف الطبيعة
التشكيلية “النمر” اختارت الطبيعة لتعبر بها عن الأرض، مصورةً إياها على هيئة سيدة عادلة تكافئ من ينصفها وتعاقب من ينشر الفوضى، وقد رسمتها على سجادة صناعية بقياس 140 * 180 سم.
وبما أن فاطمة كفنانة غالبًا تتعمق في التراث الشعبي التقليدي والأساطير، فقد استلهمت عملها الفني سجادة “ذات النورين” من حكايات جدتها التي طالما روت لها حكايات أثناء نسجها للسفة، وتحديدًا حكاية “ذات النورين” التي تدور حول العلاقة التكافلية بين الطبيعة والبشر.
وحول ذلك قالت لـ«القطيف اليوم»: “تكلمت دائمًا عن أن المرأة هي الأرض هي الوطن في منظوري، وهي تستحق أن تكون تاريخ وطن يُحكى من خلالها سواء من خلال القصص الخرافية أو الحقيقية أو التاريخية، لذلك صورت الأرض بالمرأة”.
وأضافت: “ولأن جدتي كانت تحكي لنا أن الأرض تغضب، وكيف يمكن أن يحمل الإنسان في داخله الخير والشر، حاولت في لوحتي أن أشبه سيدة العدالة العمياء باللبس والزي القطيفي، كما أنها تحمل فانوسين قديمين أحدهما فيه نور والثاني بلا نور”.
الأرض تلبس “الثوب الهاشمي”
نقلت “النمر” هويتها القطيفية في عملها الذي عبرت به عن الأرض، فسيدة العدالة أو “ذات النورين”، مثلتها بامرأة ترتدي اللباس القطيفي القديم وقد بدا بارزًا اختيارها للزي التراثي القديم في الثوب الهاشمي المطرز بالزخارف الذهبية.
وأوضحت سبب اختيارها لهذا اللباس تحديدًا بقولها: “ألبست المرأة في لوحتي الثوب الهاشمي أو ما يعرف بالنشل وهو نوع من الملابس القديمة التراثية؛ لأنني أحب أن يعرف العالم ملابسنا ليعرف من خلالها عراقتنا وأصالتنا، فذلك ما يجذب العالم لنا، وقد أبرزته في لوحتي كي ينجذبوا لتراثنا ويحاولوا معرفة المزيد عنه”.
من صنع يديها
رسمت “فاطمة” لوحتها على سجادة بألوان ترابية لتقترب من الأرض أكثر، لكن السجادة لم تكن خامة جاهزة، بل اشتغلتها بيديها.
تحكي تفاصيلها: “لعمل السجاد في لوحاتي، أستعمل عدة خامات ومواد أنسجها لأحول اللوحة إلى سجادة، مثل الجلد والكتان والكنفاس والحرير، وبعد أن أعالجها، أحولها لتكون نافذة لقصص من القطيف أو من المملكة، أحاول توثيقها تاريخيًا حتى تكون كقصة عالمية توثق عبر التاريخ ويعرفها الجميع”.
وبينت أن اللون الذهبي في اللوحة يرمز إلى الذهب بصفته إحدى الثروات التي يمكننا استرجاعها من هذه الأرض التي نعيش فيها جميعًا.
عن المعرض
أوضح “إثراء” أن المعرض يأتي لتعزيز ثقافة الفن السعودي وبناء جسور التواصل مع الفنانين الناشئين والمحترفين وتأسيس قاعدة علاقات فيما بينهم، مشيرًا إلى أن المعرض يشكّل انعكاسًا للفنّ والثقافة التي تعيد قراءة التاريخ وتلتقط أسباب التعبير عن الانتماء في تفاصيل جمالية خالدة.
يذكر أن المعرض سيستمر لمدة 6 أشهر، وتدور الأعمال المشاركة حول سبعة مسارات هي الوسائط المتعددة، واللوحات التشكيلية، والأعمال التركيبية، والمنحوتات، والأعمال المتسلسلة، والتصوير الفوتوغرافي، والخط العربي.