ابتعدت عن ضجيج الأرض إلى سكون الماء والمخلوفات البحرية، وأمتعت عينيها بعالمه الجميل العجيب محاولة كشف أسراره والغوص في أعماقه، لتقع في غرامه من أول مرة وتقرر بعدها أن تحول حلمها إلى واقعٍ ملموس ومتميز، متجاوزةً الصعاب بحبٍ وإصرار لتصل إلى المرحلة الاحترافية، وتنال لقب أول فتاة في القطيف تحظى بأعلى مستوى في تسلسل الغوص الترفيهي.
وتحدثت ابنة الربيعية آلاء حسين محمد البحراني لـ«القطيف اليوم» والتي تعمل فنية مختبر عن قصة حبها للغوص في أعماق البحر وإصرارها على الحصول على لقب كبير الغواصين.
تسلل الفضول إلى نفسها عندما علمت أن والدتها تحب السباحة والغوص في عين “العودة” بتاروت في صباها، وتغوص تحت الماء فيما يسمونه “التنور” وقليل من يستطيع النزول إلى أعماقه، وكذلك محاولاتها الكثيرة في إنقاذ من لم تستطع السباحة، ومن هنا بدأ شغفها للتعلم يزداد وهي تستمع لقصص والدتها والمقربين عن بطولاتها في إنقاذ من لم تستطع السباحة، ومهاراتها في السباحة والغوص.
عرضت على والديها تعلم الغوص في منتصف أكتوبر من عام 2018م، حيث قاما بتشجيعها على خوض التجربة الفريدة من نوعها والتي لم يسبق لها مثيل في مجتمعنا، ومن هنا زادت ثقتها بنفسها حتى أثبتت أنها قادرة على النجاح، وبتشجيعهما لها بعد كل غوصة استطاعت أن تصل لهذا المستوى.
وترى “البحراني” أن ممارسة الغوص هي هوايتها المفضلة ذات الطابع الإيجابي التي من خلالها تستطيع تفريغ طاقاتها السلبية والتزود بالطاقة الإيجابية، وأيضًا هوايتها التي تلتقي فيها مع صديقاتها من مختلف الأعمار والأعراق والمناطق.
وتضيف: “الغوص هو الجانب الآخر من شخصيتي وحياتي التي تسعدني كل لحظة بها وألتزم بالمحافظة عليها، وهي متعة يحس بها الغواص بعيدًا عن ضوضاء الحياة، والغوص ليس حكرًا فقط على الرجال أو النساء إنما هو هواية مشتركة لا يتعدى فيها كل شخص حدوده، وتستطيع النساء ممارسته، وفي ظل رؤية 2030 أصبح المجال مفتوحًا أمام الجميع لممارسة كل الهوايات بالإضافة إلى تسهيل كثير من العقبات لنا”.
“شعورٌ لا يوصف” هكذا عبرت كبير الغواصين لحظة تكريمها من قبل فريق QDivers غواصين الفريق، وكذلك تكريم ماجد عبد المنعم المؤمن، وفاضل عباس الدار، لحصولهم على لقب كبير الغواصين، لافتةً إلى أنه أحيانًا يكون الشعور غير قابل للوصف وتضيع منك كلمات التعبير لحظة تحقيق هدف من أهدافك.
وقالت: “حصولي على رتبة كبير الغواصين (ماستر) من منظمة اتحاد مدربي الغوص المحترفين (PADI) ومن فريق غواصي القطيف (QDIVERS) وتكريم جميع الغواصين الذين يصلون إلى المراحل الاحترافية بالفريق، وحاليًا أنا من ضمنهم بالإضافة إلى كوني أول بنت بالقطيف تصل إلى أعلى مستوى في تسلسل الغوص الترفيهي”.
وأوضحت “البحراني” أن العقبات كثيرة ومن خلالها تستطيع تعلم تكنيك الغوص ومهاراته من مهارات حركية وذهنية، وفي العادة الرجال هم من يتقنونها بشكل أكبر من النساء، لكنها تغلبت عليها وأتقنتها وعرفت كيفية التعامل مع المعدات خارج الماء وداخله وفي الأعماق، مشيرةً إلى أن مشاعر الخوف مع الإصرار على المغامرة وتجربة الغوص هو ما جعلها تقع في حب الغوص والاستمرارية”.
وتابعت: “جميع مراحل الغوص بها صعوبة لمن يرغب في إتقان المهارات وتعلمها بشكل احترافي، حيث إن مرحلة التأسيس تعد من أصعب المراحل حيث تتعلم فيها الكثير من حيث المهارات والمعدات وحل المشكلات وفيها كم كبير من المعلومات تليها المراحل المتقدمة حيث تتعلم مهارات أكثر وبشكل موسع ويبدأ الاتساع الأفقي في المعلومات حتى تصل إلى مرحلة الإنقاذ ومساعدة الآخرين، وهي تعد من أكبر المسؤوليات على عاتقنا، حيث تعد سلامة الغواص ومساعدته في أصعب الظروف هي مسؤوليتنا”.
وعن المواقف التي لا تنسى تقول: “تجربة الغوص في أعماق البحار تمنحك الفرصة لاستكشاف عالم البحار المليء بالعجائب، وفي أحد الغوصات في جزيرة جنا بالجبيل والتي تعد إحدى المحميات الطبيعية كنا نغوص مع الفريق حتى لاحظتهم يشيرون للأعلى وعيونهم مليئة بالسعادة والانبهار وبتتبع نظراتهم وجدتهم ينظرون إلى الأعلى حيث يشيرون، والتفت لأرى أجمل مخلوق توقعت أن أشاهده وكان حلمي أن أغوص بالقرب منه.. وبالفعل إنه القرش الحوتي ذلك القرش الوديع الذي يبلغ طوله حوالي 12 مترًا. تذكرت عظمة الخالق في خلقه.. وكثير من المواقف التي لا يسعني ذكرها”.
وتقول “البحراني”: “الغوص زرع الثقة في نفسي أكثر ومنحني الإيجابية وحب مساعدة الآخرين، وأصبحت بعد هواية الغوص أكثر صبرًا وحماسًا للمغامرات ومحبة للهدوء”.
وتابعت: “شاركت في عدد من حملات تنظيف الشواطئ والكثير من رحلات الغوص المحلية والإقليمية والتي ما زالت تعلمني الكثير”.
وأشارت إلى أنه من لا يعرف عالم الغوص لا يعرف أسراره، وأسراره لا يمكن معرفتها إلا بالممارسة وزيادة التعليم، موضحةً أن هدفها في الفترة القادمة زيادة حصيلتها المعرفية الأفقية وتنمية مهاراتها وصقلها بما يليق بالمستوى الاحترافي الذي وصلت إليه.
واستكملت: “الغوص يحتاج إلى زيادة تخصصاتي؛ حيث إن التخصصات تزيد من حصيلتي المعرفية بتطوير مهاراتي وزيادة معلوماتي عن العالم البحري ورياضة الغوص خاصة”.
وعن المياه التي غاصت فيها أجابت: “قمت بالغوص في مغاصات كثيرة بالخليج العربي منها مغاصات في المملكة العربية السعودية وأيضًا مملكة البحرين ودولة الكويت والإمارات العربية المتحدة (شاطئ الأمواج، وجزيرة جنا، وجزيرة جريد، وهير أبو لثامة، وجزيرة كبر، وقارورة مسندم) بالإضافة إلى مغاصات البحر الأحمر ومنها في مدن المملكة على البحر الأحمر (ينبع وجدة والليث ورابغ وحقل ومقنا)”.
وواصلت: “جميع المغاصات جميلة وكل مغاص يمثل بيئة معينة، والجميل في الغوص أن كل بقعة تمثل لوحة فنية وأكثر المغاصات التي تحبها مغاصات البحر الأحمر حيث التنوع المرجاني والسمكي الأجمل على مستوى العالم وتمتاز أكثر مناطق الغوص فيه بعذريتها”.
ولفتت إلى عدد غوصاتها قائلةً : “تجاوزت عدد 124 غوصة مسجلة، بمعدل 45 دقيقة للغوصة الواحدة والعدد في ازدياد”.
وتذكر “البحراني” موقفًا واجهته بشجاعة وحسن التصرف، قائلةً: “في إحدى الغوصات في البحر الأحمر ونحن على عمق كبير لاحظت ارتباك إحدى الغواصات حيث أصابها (سكر الأعماق) وقامت باستهلاك أكثر الهواء الموجود في اسطوانتها، ومن خلال تدريبي على الإنقاذ لاحظت أن الغواصة تمر بمرحلة (ضيق الإدراك) فتوجهت لها ونظرت إلى عداد الهواء لديها لأرى أن كمية الهواء قليلة جدًا لا تكفيها للخروج فانتابني شعور بالخوف فيما سوف يحصل لها ولكني تذكرت تدريبي على إنقاذ الغواصين فقمت بإمدادها بالهواء الموجود لدي وصعدت بها للأعلى وتوقفنا توقف السلامة المطلوب وقمنا بالخروج للسطح، وبعد خروج الغواصة من الماء واستعادتها لحالتها الذهنية قامت بشكري والامتنان لي على مساعدتي لها، واصفةً ذلك: كم هو شعور جميل مساعدتك للأخرين!”.
وعن طموحاتها تقول: “سوف أصبح مدربة ولها رسالة بتخريج جيل من الغواصات ذات الكم المعرفي والمهارات الاحترافية الواسعة في مجال الغوص والعالم المائي”.
ووجدت “البحراني” أن هواية الغوص تمكن من تحدي النفس واكتشاف الذات وعيش المغامرات المختلفة في كل غوصة تغوصها، والبحر مليئ بأسرار كثيرة وثروة بحرية جميلة، وربما تتردد في البداية في تجربة الغوص ولكن بعد التجربة الأولى لن تندم أبدًا عندما تكسر حاجز الخوف بداخلك.
ودعت إلى ممارسة الغوص كلما أحس الشخص برغبته في الهروب من العالم والاختلاء بنفسه أو لعيش الدهشة مرة ثانية أو الرغبة في مغامرة رهيبة مع أصدقائه، مؤكدةً أن الحياة جميلة ومليئة بالبهجة والمغامرات.
وحصلت “البحراني” على مجموعة من المستويات وهي:
1- اكتشف الغطس.
2- غواص مياه مفتوحة.
3- غواص مغامرات.
4- غواص مياه مفتوحة متقدم.
5- غواص منقذ.
6- مسعفة.
7- كبير غواصين.
بالإضافة إلى مجموعة من تخصصات الغوص الترفيهي:
1- تخصص الغوص بالهواء المخصب.
2- تخصص الغوص الليلي.
3- تخصص الغوص ضد النفايات.
4- تخصص الغوص العميق.
5- تخصص الطفوية المثالية.
6- تخصص البحث والانتشال.
7- تخصص الغوص من القارب.