أنظمة وتدابير سلامة سيرِ المارة والمركباتِ

تحرص الجهاتُ المعنية بالحركة المروريّة في بلادنا على أن تلعب دورًا رئيسًا ومحوريًا في تسيير وتنظيم وتطوير اللوائح والأنظمة المرورية المتعلقة بحركة المشاة وسير المركبات؛ نظرًا لما يحققه ذلك من حفظ للأموال وسلامة للأنفس وصون للممتلكات.

لذلك حرصت الجهات المعنية في بلادنا على اتخاذ إجراءات وتدابير وقائية ببثِّ ونشر الوعي لقادة المركبات والمشاة على حدٍّ سواء؛ للحدِّ من التجاوزات التي يقوم بها سالكو الطرق؛ وتؤدي مثل هذه التجاوزات وهذه المخالفات في غالب الأحيان إلى ترك آثار سلبية منها الإعاقات الجسدية التي تؤدي إلى تباطؤ عجلة التنمية المستدامة في بلادنا، وإتلاف في الممتلكات، وهدر الطاقات، وفقدان وإزهاق الأنفس -لا قدر الله- من أجل ذلك وضعت الدولة -أيدها الله- عقوبات مغلَّظة على الفئة التي تتعمد وتتجاوز هذه الأنظمة باستمرار ويظهر منها اللا مبالاة والاستهتار من حين لآخر.

فمن المسلَّم به والبديهي والعقلي أنًّ مَنْ يمسك زمام قيادة المركبة فإنه يكون مسؤولًا مسؤولية كاملة عن تصرفاته ولا يكون في حلٍّ من خطأ وقع منه على الطرف الآخر أو ذاك؛ لما سوف يتبع ذلك الخطأ من استهلاك لوقت ومال وجهد، والذي يصل بالأمر في كثير الأحيان إلى إحداث أضرار جسدية وحتى نفسية على الطرف الآخر؛ فالذي يقوم بقطع إشارة المرور الضوئية أو يدخل الدوار بدون معرفة ودراية بنظام الأفضلية لمن في داخل الدوار، ويتسبب في تلفيات وإزهاق الأرواح -لا قدر الله- فإن ذلك الفعل قد جرى بعمد عن سابق معرفة وتساهل منه، ولما سوف يتركه لا محالة من أضرار وتبعات خطيرة لا تحمد عقباها، ويترتب على مرتكب هذه المخالفات بالضرورة أن تجرى عليه العقوبات والغرامات على أثر ما قام به من تجاوز أو مخالفة.

مما لا شك فيه، أن قيادة المركبة تبقى فنًا في حسن التعامل مع المركبة وذلك بالالتزام بمبادىء القيادة السليمة المبنية على إرشادات وأنظمة المرور ووسائل السلامة والتعليمات من الشركة الصانعة لهذه المركبة، وصيانة السيارة لتكون ملائمة ومواكبة للسير المتوازن الذي لا يؤدي إلى إعاقة المرور ويؤثر على انتظام السير، وقيادة المركبة أيضًا هي ذوق في التحلي بممارسة أفضل الطرق والأساليب للوصول إلى قيادة آمنة، والقيادة هي أخلاق في التجاوز عن المسيء وتدارك الخطأ قبل وقوعه وبمعنى آخر فإن قائد المركبة لا يكتفي بقوله إنني لا أخطأ بل ينبغي عليه توقع الخطأ من الآخرين وتفاديه بقدر ما يستطيع.

لقد حرصت حكومة المملكة العربية السعودية على وضع لوائح وأنظمة ممثَّلة بالإدارة العامة للمرور تعنى بهذا الموضوع وسخّرت الإمكانات والجهود كافة للحيلولة دون وقوع المزيد من التجاوزات والمخالفات، والاستعانة بكلِّ ما هو حديث من تقنيات متقدمة لرصد تفاصيل هذه المخالفات والحد منها، وتشديد العقوبة على متكرري المخالفات والمستهترين بالأنظمة والتعليمات كسحب رخص السياقة منهم أو حجز مركباتهم أو حتى إيقاف المخالف نفسه إذا استدعى الأمر ذلك.

وعند استعراضنا لتلك اللوائح والأنظمة التي حظيت بعناية واهتمام من المعنيين في الدولة، سوف نجد أنها شملت التفاصيل كافة، المتعلقة بأنظمة السير وسلامة قادة المركبات حتى تسدَّ الذرائع على كلٍّ من أراد الإخلال بمتطلبات القيادة.

فقد جاء في نظام المرور الذي صدر بالمرسوم الملكي رقم م / 85 بتاريخ 28 / 10 / 1428هـ لوائح وتنظيمات تغطي وتلبي هذه المتطلبات المذكورة آنفًا، فنظام المرور هذا تضمن ثمانية أبواب فيها خمس وثمانون مادة تناولت المصطلحات، وتسجيل المركبات ورخص السير، وأوزان المركبات وأبعادها وفحصها، ورخص القيادة، وأنواع الحوادث وضبط المخالفات وتحديد الجزاءات، وأحكام عامة.

ولم تكن مقاصد الشريعة المقدسة ببعيدة عن هذه المطالب وعن كلِّ ما يضمن سلامة الطريق وسلامة سالكيه، والتأكيد على هذا الأمر في أكثر من موضع ومناسبة؛ نجد ذلك في قوله تعالى:{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} (لقمان: 19).

وقد أرشدنا النبي الأكرم (ص) إلى ضرورة إماطة الأذى عن الطريق والذي يشمل بالضرورة الأذى بأشكاله كافة وصوره بما في ذلك الالتزام بآداب الطريق وبمن يستخدمونه حيث قال عليه الصلاة والسلام: “من أماط عن طريق المسلمين ما يؤذيهم كتب الله له أجر قراءة أربعمائة آية كل حرف منها بعشر حسنات”.

كما أنَّ للمرجعيات الدينية دورًا في الحثِّ والتأكيد على ضرورة الالتزام والتقيد بهذه الأنظمة التي تحفظ أرواح الناس وتصون ممتلكاتهم، فقد ورد استفتاء إلى مكتب المرجع الديني السيستاني فيما نصه: نرجو بيان الحكم الشرعي في مخالفة قوانين المرور من قيادة السيارة بغير ترخيص من غير إجازة أو ضرب الإشارة الضوئيّة أو عدم الالتزام بإشارات رجل المرور والسير بطريق مخالف للطريق المألوف أي: عكس اتّجاه الطريق الصحيح، فما الحكم الشرعي عن هذه المخالفات المروريّة؟

وقد كان الجواب بأنه يلزم التقيّد بأنظمة المرور إذا كان عدم مراعاتها يؤدّي ــ عادةً ــ إلى تضرّر من يحرم الإضرار به من محترمي النفس والمال بل مطلقًا على الأحوط.
وينبغي التعاون مع القائمين بهذا الشأن.

الهوامش:
1- القرآن الكريم.
2- موسوعة أحاديث أهل البيت (ع).
3- نظام المرور السعودي .



error: المحتوي محمي