كفـانـا كماليات وبهرجـة

آن الأوان أن نتخلى عن الكماليات والبهرجة، آن الأوان أن نتوقف عن إهدار المال في الشكليات ونضع حدًّا للمظاهر الزائفة ونكف عن التباهي والاستعراض.

إلى متى نبالغ في حفلات عقود الزواج والزفاف؟
لماذا نسمح للعادات والتقاليد أن تحكمنا؟ فنحذو حذو الآخرين في كل فكرة وطريقة يسنونها في عقود الزواج وحفلات الزفاف، ونُبعِد العقل والمنطق والحكمة، فنُثقِل كاهلنا بالديون والقروض لسنوات طويلة قد تؤثر بشكل كبير على قدرتنا في تأمين الاحتياجات الأساسية للأسرة.

عـزيـزاتـي الفـتـيـات:
لماذا تجعلن من كل ما يفعله الآخرون في العقود وحفلات الزفاف من مبالغة وإسراف وتبذير وبذخ وكأنه واجب شرعي ينبغي الإتيان به والالتزام بتطبيقه بكل تفاصيله؟

متى سيتخلى أبناؤنا وبناتنا عن هوس التكنولوجيا الحديثة المتمثلة في اقتناء وتغيير الهواتف الذكية (الجوَّالات) والآيبادات والبلايستيشن وغيرها؟

إلى متى نستجيب بدون تردد لكل طلبات أبنائنا وبناتنا دون النظر لأهمية تلك الطلبات وضرورتها؟
إلى متى نتعاطى مع طلباتهم بعواطفنا؟ مبررين ذلك بقولنا: (لا نريـد حرمانـهم مـن أي شـيء)، و(لا نـريد نحسّرهـم على شـيء نـفسهم فيـه).

إن التعاطي العاطفي المستمر مع طلبات الأبناء يؤدي إلى أن يُثقِل رب الأسرة كاهله بالديون والقروض الطويلة الأمد التي قد تؤثر سلبًا على حالته النفسية والمزاجية وعلى علاقته مع أسرته والآخرين.

على أبنائنا وبناتنا ونسائنا أن يعوا أن المال وسيلة لتوفير المستلزمات الضرورية، وتحقيق الحياة الكريمة، وليس لصرفه في الشكليات والأمور الثانوية.

كما ينبغي على رب الأسرة أن يُصارح أفراد أسرته بإمكاناته المالية المحدودة، فلا يُكابر ولا يُظهِر لهم أن إمكاناته المالية ممتازة، وذلك لكي يراعوا وضعه المالي ولا يحمِّلونه فوق قدراته المالية ودخله الشهري.

لا أعني -بكل ما ذكرته آنفًا- حرمان أفراد الأسرة والبخل عليهم، بل الاعتدال وتقنين المصروفات ووضع المال في المستلزمات الضرورية، فهناك احتياجات أساسية لتسيير أمور الأسرة أهم وأولى من الأمور التي يطلبونها، وهنالك احتياجات يطلبونها يمكن تأجيل شرائها.

أعـزائـي الآبــاء:
لكي نخفف الأعباء المالية ونتجنب الديون المُنهِكة نحن بحاجة لـ(التخطيـط المالـي) وهو عبارة عن وضع خطة مالية لإدارة المصروفات والإيرادات الأسرية وتحديد الأولويات، وتحقيق التوازن بين المصروفات والإيرادات.

يتوجب علينا كأولياء أمور العمل بـقاعدة (الأهـم، ثـم المهـم)، فمهم أن تسافر في العطلة الصيفية بأسرتك للترويح عن نفسها بعد عام دراسي بذلوا خلاله الكثير من الجهد إلا أن ترميم المنزل أهم.

ومهم أن تقوم بتغيير الأثاث القديم إلا أن توفير وسيلة نقل (سيـارة) للأسرة أهم. وهكـذا في شتى الأمور..

فينبغي علينا أن نرسخ في أبنائنا وبناتنا قاعدة (الأهـم، ثـم المهـم) ونجعلها جزءًا من ثقافتهم، وأن نعمل على توعيتهم بأهمية ترشيد المال وتجنّب التبذير والإسراف.

كذلك على نسائنا أن يتركن (تـقـلـيـد الآخـريـن)، فهل من المنطق والصواب أن أُثقِل كاهلي بالديون لسنوات طويلة من أجل أن أُلحِق أبنائي بمدارس خاصة لأن أبناء أخي، أو بنات أختي يدرسون في مدارس خاصة؟

ينبغي أن نعي أنَّ لكل أسرة وضعها المادي وقدراتها المالية الذي تمكنها من تحقيق كل ما تصبو إليه، وبالتالي كل أسرة تصرف وتقتني وفق دخلها الشهري ومستواها المادي.

لكي نحد من المصروفات ونوفر المال نحن بحاجة إلى أن يكون لدينا (ذكــاء استهلاكـي) ويتمثل هذا الذكاء في الآتي:
ــ شراء (المـواد الغذائيـة) بكمية مناسبة تكفي لشهر واحد بحيث يتم استهلاكها قبل انتهاء صلاحيتها.
ــ شراء مستلزمات المنزل من خلال العروض، أو من محلات البيع بالجملة، أو عبر المتاجر الإلكترونية لأنها أقل سعرًا.
ــ البحث عن بدائل للسلع الغالية بسلع مشابهة لها تقوم مقامها لشركات أخرى أقل ثمنًا.
ــ اقتناء (عطـر واحـد) يكفي لشهر أو أكثر بدلًا من شراء أكثر من عطر.
ــ الذهاب للكافيه أو المطعم مرة واحدة كل شهر أو كل شهرين بدلًا من كل أسبوع.
ــ استثمار المال في شراء (الـذهـب) بدلًا من صرفه في الكماليات، حيث يُعَد الذهب ملاذًا آمنًا وعونًا في الأزمات المالية.
ــ إقامة حفلات عقود الزواج في المنزل، أو في (قـبـو) وعلى نطاق ضيق يقتصر على الأرحام فقط وبدون مبالغة وتكلّف.
فهناك من تم عقد قرانه وزفافه خلال جائحة كورونا بطريقة مبسّطة متواضعة وتم الزواج على أكمل وجه وبأقل جهد وأقل تكلفة.
ــ أن تكون الدعوة في حفلات الزفاف خاصة وليست عامة وبالتالي تقل التكاليف.
ــ استئجار قاعة أفراح وفق إمكاناتنا المالية.

بينما نحن نعيش التكلّف والتباهي نجد الأثرياء والمشهورين الغربيين يعيشون البساطة في شتى جوانب حياتهم من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وسيارات وعقود زواج وحفلات زفاف.
فكـفـانـا كمـاليـات وبـهـرجـة..



error: المحتوي محمي