لم تفلح محاولات جدها في التسلل من ورائها للذهاب لمزرعته؛ لأنها كانت تنجح في اتباعه بخلاف جميع الصبية ببيت العائلة الكبير، فقد جذبتها الزراعة معه من الصغر إلى أن غدت صاحبة مبادرة “حديقتنا الداخلية” في الكبر، والتي تهدف لتحسين بيئة العمل.
وفاء أحمد هلال من بلدة أم الحمام امتد شغفها بالزراعة ليطول تربية أنواع من دود الأرض أثبت تحمله لتربة المنطقة لإنتاج سماد يعد من أغلى الأسمدة حول العالم.
وكان لـ«القطيف اليوم» لقاء مع وفاء التي تشارك في فعالية “بيدي أزرع” والمنظمة من قبل مكتب وزارة البيئة والمياه والزراعة بمحافظة القطيف، بالتعاون مع بلدية المحافظة، وعدد من الجهات الأخرى، والمقامة في حديقة الناصرة على مدى ثلاثة أيام.
بداية
تروي “وفاء” قصتها مع الزراعة قائلة: “بدأت قصتي مع الزراعة منذ أن كنت طفلة صغيرة خلاف جميع الصبية ببيت العائلة الكبير، فقد كنت أتبع جدي للمزرعة، حيث كان -رحمه الله- يخرج متسللًا ولا ينفعه ذلك، فكثيرًا ما كان يتفاجأ بوجودي خلفه وهو يفتح باب المزرعة”.
وتابعت: “كان يعطيني حبات الطماطم الناضجة لأقوم بعصرها في الشرب (الحوض الزراعي) بعد أن أجهزه بالسماد والسقي، ولهذه المواقف الجميلة وقع في نفسي حيث أكسبتني حبًا عميقًا لثمرة الطماطم على الخصوص فلرائحتها عبق كعبق الزهور”.
غياب وعودة
قد تبتعد عن شغفك لسنين لتعود بقوة، وهذا ما عناه حديث “وفاء” حين قالت وهي تتابع قصتها: “كبرنا وأبعدتنا مسؤوليات الحياة، ولكن ما زال الشوق والحب للزراعة في ازدياد لكني لم أملك مكانًا أستطيع الزراعة فيه، وبعد إنشاء منزلنا الجديد كانت المساحة المتاحة تفتقد لوجود الشمس فخطرت لي فكرة زراعة السطح ولأنه غير مهيأ كنت أزرعه شتاءً فقط”.
واستطردت: “فزرعت العديد من أصناف الطماطم، والباذنجان، والفلفل، والجزر، والورقيات مثل أنواع الخس والبقدونس، والأزهار مثل تباع الشمس، ومجد الصباح، وأبو خنجر، والشاي الأزرق، والكثير من الأنواع”.
انضمام لمجموعة ولّد اكتشافًا!
حين تنضم لمجموعة جديدة فعقلك يفوز بنظرة ثاقبة من خلال عقول أصحابها مجتمعة لا عقلك فقط، وهذا ما أثبته انضمام “وفاء” إلى مجموعة الزراعة المنزلية، حيث ذكرت أن انضمامها إليها قبل أربع سنوات كان بمثابة انضمامها إلى عائلة من الإخوة والأخوات الذين قدموا لها الكثير من المساعدات والنصائح، فهي تضم نخبة من خيرة المتمرسين من المهندسين والمزارعين وأصحاب المشروعات الكبيرة في المنطقة، لذلك عدتهم عائلتها الثانية، ومن عالمهم الزراعي اكتشفت دودة الأرض التي أحبتها وأحبت التعامل معها حسب تعبيرها.
وقالت: “قرأت وبحثت كثيرًا عنها وعن فوائدها التي لا تحصى حتى قررت تربيتها، وبدأت بـ50 دودة من دود الرد ويجلر، ومع استمرار البحث اقتنيت الزاحف الإفريقي والماليزية الزرقاء وبدأت في تكاثرها”.
وتابعت: “وهذا الشغف قادني -بتيسير من الله- لاقتناء مزرعة صغيرة هي الآن تحت التأسيس، ولا بد من تخصيص مساحة لإنشاء حلم تربية الدود بشكل أوسع”، مشيرة إلى توجه ولي العهد -حفظه الله- ومبادرة السعودية الخضراء التي أيقظت حلم الكثير من محبي الزراعة وعلى الخصوص الأجيال التي عاشت في واحة القطيف الغناء لإرجاعها لسابق عهدها واحة ترفل بثمار النخيل والفواكه.
مشاركتها في “أزرع بيدي”
وعن مشاركتها في فعالية “أزرع بيدي” التي ضمت 50 ركنًا لأصحاب التجارب الناجحة في زراعة الأسطح والمزارعين قالت: “مشاركتي جاءت ضمن مجموعة الزراعة المنزلية، وهي مجموعة مهتمة بتوفير المعلومات الزراعية ومساعدة المبتدئين من مزارعي الحدائق المنزلية، وحيث إني أهتم بتربية دودة الأرض وأمتلك أنواعًا مختلفة من الدود البلدي الموجود بالتربة، فدود التربة أثبت تحمله لتربة المنطقة، وهو أنواع وأفضلها على الترتيب: الرد ويجلر، الزاحف الإفريقي، الماليزية الزرقاء، ونستطيع تربيته لإنتاج سماد يعد من أغلى الأسمدة حول العالم”.
ممنوعات ومسموحات
وخلال مشاركتي أعرض أنواع الدود وطرق تربيتها والعناية بها، وطرق فرز السماد وأنواع الأطعمة المسموحة والممنوعة حيث إنه من المسموح لها من الأطعمة بقايا الفواكه والخضروات التالفة ومخلفات المطبخ، ويمنع عنها البصل والثوم والفلفل والحمضيات وجميع الأطعمة المطبوخة واللحوم.
ولفتت إلى أنها جميعها تتناول نفس الطعام وتستهلك حوالي نصف وزنها يوميًا من الطعام وتتكاثر بشكل لافت فخلال 70 يومًا يتضاعف العدد، كما تتغذى على مخلفات المزارع والأسمدة المتحللة.