بينما كنت في حديث عائلي ودي عن البلد، وتميز أهلها بالعديد من الشيم والنخوة تطرق شقيقي الأكبر (م.حسن) إلى ظاهرة رائعة كان أهالى العوامية يتبعونها في الماضي القريب، وهي حينما يريد شخص إنشاء منزله “العريش” فإنه لا يحتاج الى عمالة أو مقاول، بل كان يهب بعض الرجال والشباب لإنشاءه بلا مقابل “فزعة”.. واستمروا بذلك حتى إلى مرحلة البناء الخشب “الصنادق”.
طبعاً هذا مجرد مثل لعدة مواقف وأحداث ذكرها أشقائي كان الأهالي يقومون بها سواء بين بعضهم أو للمناطق المجاورة..
إذاً فإن النخوة والشيمة متأصلة في أهالي هذه البلدة(نعت صفة لقوم لا تعني نفيها عن غيرهم) وقد لوحظ ذلك حتى في “فزعتهم” لمناطق وبلدات أخرى،، وليس نحن هنا بصدد مدح وعُجب وخيلاء ، إنما لتأكيد على صفة متلازمة لنفسية العوامي وهي غريزة فطرية تجري بعروقه كجريان الدم،، وليس سلوك مصطنع يظهره العوامي متى ما أراد!
وإن هذه الشيمة التي لا يتوانى من تقديمها لأي فرد أو جماعة دون إهتمامه بما يمثله هذا الطرف أو ذاك، هي من الصفات الأخلاقية التي تنسجم بل وتتناغم مع شخصية العوامي ورثها كجينات خلقية من أجداده..
وإن الفتور الذي ينتاب هذا التناغم في الحاضر إنما هو غفلة عابرة متى ما لقت المًوقظ لها، لرأيناها تسطر مجدداً أروع الأمثلة وأرقى مراتب التكافل الاجتماعي بمختلف الأعمال التطوعية الإنسانية الراقية وأفضل الممارسات المتفانية في خدمة الأخرين..
إذاً ونحن في أيام الحسين عليه السلام، وهي شعلة تسطر للإنسان نهج الإيثار والتفاني للإصلاح وكذلك في مرحلة هامة ليس لإنشاء صندقة أو عريش بل لإعادة بناء وهيكلة مجتمعنا بما ينسجم ويتوافق مع الأوضاع الراهنة..
وكعادة هذه المجتمع المعطاء؛ فإننا نترقب يقظة مباركة تجعلنا في أرقى السلم الحضاري ،وليس هذا بغريب عليه.