فُرصة للحياة

خُلِقَ الإنسانُ لا يملك عِصمة صغرى ولا كبرى إلا الأنبياء وأولياء الله الصالحون.

أما نحن كبشر عاديين لسنا ملائكة ولا أنبياء ولا حتى من الصالحين وإنما نحنُ بشر نُخطئ فإما أن نتعلم من أخطائنا فنصحوا أو أن نستحق الصفعة تلو الصفعة من رب العباد لكي نصحو فنتورع عندها عن الأخطاء والذنوب ما ظهر منها وما بطن.

(أدّبني ربي فأحسن تأديبي)
رغم أننا نخطئ ونظلم أنفسنا بهذه الأخطاء العظيمة ولكن الله مع ذلك يسعنا برحمته ويعطف علينا ورغم أنه يؤدّبنا بطريقته الخاصة إلا أنه بمقدار هذا التأديب التربوي يغمرنا بالحب والرحمة التي هي أعظم حتى من رحمة الأم وحبها لابنها.

الله يهبنا فرصًا كثيرة للحياة رغم كل شيء اقترفناه وهو أحق ألا يغفر لنا.

قِف
قِف أيها الإنسان لحظة مع نفسك. أنت أيها القارئ لهذه السطور ابحث وتفكر هل أنت خالٍ من الذنوب؟ هل أدّبك ربك يومًا بها أم أنه سترك؟ فإن تعلمت من أخطائك فاشكره وإن لا فتخيل الصفعات الإلهية التي قد تجعلك تصحو فترعوي بعدها؟

هل تخيّلت الأمر كم هو موجع؟ ومع ذلك ذات الرب الذي أدّبنا هو نفسه يحتوينا ويهبنا فرصًا جديدة بل ولادة جديدة، لنصحح أخطاءنا ونبدأ صفحات جديدة في حياتنا بما يحبه الله ويرضاه لنا إن اعتبرنا من أخطائنا.

بمقدار ما ترغب أيها الإنسان أن يهبك الله فرصًا جديدة لتصحح أخطاءك ليغفر ذنوبك ليسترك، ليقبلك، ليحتويك بمقدار هذا كله لماذا لا نهب إنسانًا مثلنا فرصة أخرى؟ خاصة بعد معرفتنا لمجريات الأحداث التي نشرتها (صبرة بالتفصيل) فمن حق الجميع أن يعرف ما حدث وعندها يملكون الاختيار.

وهذا ليس تشجيعًا على الخطأ وليس معناه أن يستغل آخرون هكذا أخطاء بحجة أن الناس سيقفون معنا لا.

إذا كان الشاب مؤيد القصير أدّبه ربه بهذا المقدار من الامتحان وبهذه المدة التي قضاها خلف القضبان وهو ابن 17 سنة أي لا يفقه، لا يستوعب فظاعة الخطأ الذي ارتكبه ومع ذلك هناك فرصة جديدة له ولادة جديدة له، وفي هذه الأشهر الفضيلة، لماذا لا نهبه فرصة للحياة ما دمنا نحن البشر نملك الاختيار؟

أيهما أعظم عتق رقبة أم صلاتك المستحبة؟ أم صيامك أم العمرة؟ أيهما أعظم؟ أن تهب الإنسان حياة جديدة أم شراؤك كوبًا القهوة؟ ساهم ولو بثمن ذلك الكوب ولا تستهن بهذا القليل فالجبال تبنى من حبات رمل صغيرة.

عِبرةً لمن يعتبر
أعلم جيداً فظاعة الخطأ الذي ارتكبه هذا الشاب وهو عبرة لغيره ممن يعتبر كي لا يقعون في مثله، وأعلم مرارة الألم الذي خلّفه لدى أسرة أخرى لا ذنب لها مازالت تعاني تبعات ذلك الخطأ إلا أن رحمة الله وسعت كل شيء.

وأرجو أن يكون هذا الدرس عبرة لكل شاب وشابة ولكل إنسان لا يدرك تبعات أخطائه على حياته. وحتى لا يستهان بسفك الدماء ولا نتحول لغابة بشرية شرع الله القصاص. ولكي لا يُغلَق باب الرحمة والتوبة شرع الله الديّة.

رحمة الله أوسع
أيها الإنسان القارئ لهذه السطور تذكر أنك يوماً ما قد تكون في أمسّ الحاجة لمن يقف معك ويرحمك ويقبلك ويحتويك ولن تجد غير رحمة الله أوسع لك، الله الذي سيسخر لك الوجود كله ليقف معك لأنك يوماً ما رحمت عِباده حباً له.

لنرحم هذا الشاب قربة لله تعالى، حتى لا تموت الرحمة في قلوبنا، فلنرحم بعضنا البعض ولنكن لُحمة واحدة لنهب هذا الإنسان فرصة للحياة فلتكن قربة لله في هذا الشهر الفضيل.

دعونا نستقبل ميلاد منقذ البشرية عجل الله تعالى فرجه بهذا القربان فنحن جميعاً بحاجة لفرص للحياة وبحاجة لولادة جديدة وأن نعتق من النار.




error: المحتوي محمي