في معجم الذاكرة الإنسانية لحظات سعيدة، يصعب أن تذروها الذاكرة أما السرّ في عدم نسيانها فهو أن الإنسان يحتفظ بالسعادة لزمن طويل عندما يتقاسمها مع الآخرين فتربطهم الأحداث السعيدة وتنساب انسياب النسيم في الحياة.
وفي ذاكرة المعلم الكثير من المواقف الحياتية وأجملها عندما كان يرسم الابتسامة على وجه طلابه يفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم.
وأجمل ما في حياة المعلم أن يتردد اسمه في منازل لم يدخلها، فلا سعادة تُعادل إظهار مشاعر الحبّ من طفلة صغيرة لمعلمتها قد احتفظت بقطعة حلوى حصلت عليها من محل الحلويات لتعطيها معلمتها في اليوم التالي.
تُعيد المعلمة قوانين الولادة، فتحظى بالعديد من البنات اللاتي لم تلدهن.
تعيش المعلّمة السعادة الحقيقية عندما توقّع حضورًا ليس في كشف المدرسة فحسب وإنما في قلوب طالباتها.
وليس كلّ من أراد شيئًا وُفِّق له، فإذا اجتمعت النّية المخلصة والقدرة الموقّعة من الله عزّ وجل تمّ التوفيق وجاءت إصابة الهدف.
كما يُعيد المعلم رسم الخرائط المكانية فيتواجد ويتردد اسمه في أماكن لم يزرها؛ يذكره طلابه بحب، فإذا حضر فرحوا بتواجده، ونراهم يتسابقون ليلتقطوا معه أجمل الصور، ويسرعون لضيافته ليكون حضوره في المحافل الاجتماعية مهرجانًا شعبيًا، وغيابه حضور في القلوب.
يقول الشاعر:
هو المعلمُ فاخترْ له ما شئتَ من لقبٍ
يسبّحُ له الحوتُ في البحرِ مدى الزمن
وبقدر التعب الذي يراه المعلم إلا أنه يتقاضى أجره مضاعفًا فهو يتقاضى أجره المعتاد وبجانبه محبة الناس.
وما لا يعرفه الناس عن المعلمة بين طالباتها أنها تجني في كلّ يومٍ أجورًا متعددة من الحبّ والتقدير، وتُعطى هِبات لا حصر لها من كلمات الثناء من الجميع، ومنبرها هو عشق طالباتها الذي يتصدر قائمة الحب لديها.
لعلي لا أبالغ عندما أقول: إنّ القلم الرصاص من أفخر هداياهن عندي فهو أحد العناوين الكبيرة للحب.