كشف الاختصاصي النفسي أحمد حسن آل سعيد، عن الآثار التي تتركها الأجهزة على سلوك الطفل، ومنها؛ التوحد، الانعزال، الأضرار الصحية، الانفتاح غير المحدود، واكتساب العنف.
جاء ذلك خلال المحاضرة التثقيفية التي قدمها “آل سعيد”، بعنوان “أولادنا وسوء الاستخدام للأجهزة الذكية”، أمس الثلاثاء 24 جمادى الآخرة 1444هـ، ونظمها مركز سنا للإرشاد الأسري التابع لجمعية البر الخيرية بسنابس.
وأكد خلال المحاضرة، على أهمية دور الآباء في توجيه ورعاية الأطفال للحد من أضرار التكنولوجيا عليهم، مضيفًا: “قضاء الأطفال ساعات أمام شاشات الأجهزة يعرضهم للأشعة المنبعثة منها مما يؤدي إلى ضعف النظر وتحسس العين حيث كشفت الإحصائية أن 88% من أطفال ما قبل الدراسة يعانون من ضعف البصر، ضمن فعالية أقامتها جمعية الصفا بصفوى يونيو 2022م، فالإفراط في استخدام أي شي يقلب مزاياه إلى عيوب وأضرار لا تحمد عقباها”.
سبب المشكلة
وعن سبب المشكلة، أوضح أنّ انشغال الآباء عن أولادهم هو بدافع رغبتهم، وعليهم أن يتيحوا الفرصة لوجودهم كوالدين، مبينًا أنّ غياب الأب عنهم يزيد الأمر سوءًا، فهناك قصورٌ من الآباء لعدم احتواء وتأسيس أطفالهم وتعريفهم بما يناسبهم من الاستخدام الصحيح للأجهزة.
غزو تكنولوجي
وتابع “آل سعيد”: “نحن نعيش في عالم تغزوه التكنولوجيا بسرعة فائقة، وغفلة الآباء ساعدت على سرقة الأبناء، ولا بد من الوعي حتى نستطيع حماية أطفالنا من هذا المستنقع الخطر، ومتى ما حصل الإهمال تأزمت المشكلة، ومتى ما حصل الاهتمام حُلت المشكلة، وهذا يكون بالتواصل الإيجابي مع الأبناء”.
وذكر أنه من المستحيل أن تجد طفلًا لا يستخدم الهواتف الذكية والكمبيوتر والآيباد في هذا الزمن، حيث لا يجد الطفل صعوبة في استخدام شاشات اللمس أو الضغط على الأزرار التي تحتويها تلك الأجهزة الذكية، موضحًا أنها بذلك أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، مما أدى إلى عدم تقبل الأطفال في المراكز التعليمية وحتى المدارس بسبب سلوكياتهم غير المرغوبة، وهذا ما نلاحظه في العيادات النفسية فاللجوء للمختصين في هذه الحالات أمرٌ ضروري.
تساؤلات
وطرح “آل سعيد” عدة تساؤلات خلال اللقاء حول استخدام الأجهزة الذكية مستفهمًا: ما أبرز فوائد الأجهزة الذكية؟ ومتى يكون استخدام الأجهزة سلبيًا وسيئًا للأولاد؟ وما دور الوالدين في سوء استخدام الأجهزة الذكية؟ وهل بإمكانهم مساعدة أولادهم في تحسين طريقة استخدامهم للأجهزة وعدم الإدمان عليها؟
فوائد الأجهزة
وأجاب عن الأسئلة تباعًا، وبدأ بقوله: “إننا لا ننكر فوائد الأجهزة؛ حيث إنها تساعد في تطوير مهارات الطفل بشكل ملحوظ، وتنمية مواهبه أو دعمه بالمعلومات اللازمة والتوسع في القراءة عن مجالات يهتم بها والتي بكل تأكيد تقوم بتوسعة مداركه، واكتسابه ثقافات ومعلومات في مجالات مختلفة، كما نرى في بعض المسابقات المحلية والدولية ولكن تحت رقابة الوالدين وإشرافهم”.
استخدام سلبي
وتطرق لإجابة سؤال متى يكون استخدام الأجهزة الذكية سلبيًا وسيئًا للأًولاد؟ لافتًا إلى أن ذلك يكون عند ملاحظة أن طفلك لا يستطيع الاستغناء عن الجوال بأي شكلٍ من الأشكال؛ فهنا يكمن الخطر في تعلقه الشديد به، ويتحوّل من الإدمان إلى الجنون، وقد يصل الأمر إلى أن يقوم الطفل بتهديد والديه بالانتحار أو القتل فهذه من المساوئ الشديدة للأجهزة.
واستنكر أن يُفكر الوالدان بإعطاء الطفل جهازًا خاصًا به في عمرٍ مبكر؛ فهذا أكبر خطأ في حق الطفل ولا بد من تعريفه بطريقة الاستخدام السليمة والإيجابية للجهاز، ويظل تحت الرقابة في العمر المحدد.
دور الوالدين
وبينّ إسهام الوالدين في سوء استخدام الأولاد للأجهزة في عمر مبكر، وهو قد لا يحتاجه لغير طرد الملل وإسكاته، وإشغاله عنهم فقط مما يُعد خطأً كبيرًا في حق الطفل، مؤكدًا أن دور الوالدين جزءٌ مهم؛ كونهم يملكون الركيزة الأساسية في تربية الأبناء، مستدركًا بأنه ليس من الصحيح أن نربي أبناءنا على مبادئ وقيم تربوية ونحن في واقع الأمر نخالف هذه المبادئ والقيم.
مخاطر ورقابة
وتحدث عن الأهمية الفائقة للرقابة الذاتية والوالدية خصوصًا إذا كان الإنترنت مفتوحًا بشكل دائم؛ حيث يشكل ضررًا دون رقابة، فالمخاطر كثيرة تحيط بأطفالنا ويجب التنبه لها، ولا نغفل ذكاء الطفل الآن فبإمكانه أن يتصفح المواقع حتى أثناء دراسته دون علم والديه، وأغلب المواقع تنشئ علاقات غير جيدة، وتبني مفاهيم سلوكية خاطئة، ويتعرض الطفل من خلالها للتحرش وتنتقل به من مجرد لعبة إلى إدمان.
قواعد للاستخدام
واشترط “آل سعيد” قواعد للاستخدام من الضروري أن يقوم الآباء بوضعها من حيث عدد الساعات ومتى يقوم الطفل بقضاء بعض الوقت في الألعاب أو يشاركهم في الأنشطة المنزلية فينشأ الطفل على هذه القواعد وتصبح عادة في حياته.
إلى الآباء
وخاطب الآباء مُعاتبًا: “أنتم من تُحفزون رفض أبنائكم المشاركة والخروج من المنزل برفقتكم بسماحكم لهم باستخدام الأجهزة أثناء بقائهم لوحدهم، هذا هو التحفيز الخاطئ، عندما يرفض طفلك الخروج معك لا تعطه الجهاز أبدًا حتى يتعلم ويتقيد بالقرار الذي تحدده أنت، مُبشرًا بأن الحلول في أيدي المربين وهم المسؤولون عن إدارة الأسرة ودورهم الفاعل في جدولة الاستخدام الآمن، وطرح الأسئلة الهادفة على الأبناء بطريقة عقلانية تجعلهم يتقبلون الأمر بكل هدوء.
وسائل وقائية
وتحدث “آل سعيد” عن الوسائل الوقائية التي تساعد الآباء في إخراج أولادهم من سوء استخدام الأجهزة والإدمان عليها، ناصحًا: “رتبوا أوقات نوم أطفالكم وواجباتهم، لا تسمحوا لهم باستخدام الجوال قبل النوم، ولا قبل خروجهم إلى المدرسة في الدقائق الأخيرة أثناء انتظارهم لباص المدرسة فهذا عامل مشتت لتركيز الطفل وبسببه يتدنى مستواه التعليمي، لنكن حذرين!”.
توصيات
وأوصى في ختام حديثه، قائلًا: “كونوا مع أولادكم، امنحوهم وقتًا كافيًا فهم بحاجة لوجودكم بينهم، اشغلوا أوقاتهم بمشاركتكم لهم في الحوار والتعليم والأنشطة الذكية، والزيارات العائلية. شددوا على حضورهم معكم، لا تنهروهم بكلماتكم الجافة بل دغدغوا مشاعرهم بالكلمات الجميلة. إنّ غرق الأولاد في الأجهزة أصبح متعبًا نفسيًا فهي مستنقع خطر يحيط بأولادنا”.
واختتم الاختصاصي النفسي، المحاضرة بفتح المداخلات من الحضور بالنقاش، وطرح المقترحات للتقنين من الأجهزة الذكية بالطرق الصحيحة التي يتقبلها الأولاد دون حرمانهم منها.