قبل أن نمشي في طول هذه الخاطرة أذكّر أصدقاءَ الطفولة بأيّام الرياضة. أيام كنا نلعب فيها وننط في كلّ بقعةٍ فارغة وفي كل نادٍ رياضي يُسمح لنا باللعب فيه. من هؤلاء الأصحاب من لا تزال الرياضة والنشاط يجري في عروقهم جريان الماء في شجر الربيع، وإن هو كما يقول الشاعر الكميت بن زيد:
طَرِبتُ وما شَوقًا إلى البِيضِ أَطرَبُ ** ولاَ لَعِبًا مِنّي أذُو الشَّيبِ يَلعَبُ؟
لم تعد الرياضة حكرًا على الشابّ “الطائش” الذي يبحث عن اللهو وتقطيعِ الوقت، أو الغنيّ الذي عنده سعة في المال والوقت. إنما أصبحت جزءًا من حياة البشر. هموم الحياة وضغوطها تحتاج إلى متنفس والأمراض المستجدة تحتاج إلى علاج دون دواء إن أمكن، وإلا عادت بالضرر الشديد.
الشيوخ والشباب أصبحوا الآن قادرين على ممارسة الرياضة ولا أحد يستنكر. حتى وإن كان شيخًا في السنّ أو عالم دين، فمن حقه أن يمشي وينشط جسمه، ومن حقه أن يستمتع بصحته وينفس عن ضغوط حياته بممارسة الرياضة. أصبحت ضرورة مثلها مثل الأكل واللباس للجميع سواءً بسواء!
في أماكن الرياضة – المحترمة – يحضر عالمُ الدين والطبيب والمهندس والمعلم، منهم الشباب ومنهم كبار السنّ. ولهذا التنوع في الحضور منافع، منها التعارف الاجتماعيّ والفكري، الكلّ يستفيد. ومن جمال الدين الإسلامي أنه اعتنى برياضتي الروح والجسد. ومسيرة الإنسان العملية – شرعًا – لا تخرج عن خمس حالات: واجب، حرام، مستحب، مكروه، أو مباح، فأين يرى القارئ الكريم موقع الرياضة الجسدية – المنضبطة – من هذه الحالات الخمس؟!
الرسالة من الخاطرة هي التالي: أن يجد القارئ الكريم والقارئة الكريمة أن في الرياضات البدنية ما يناسب كل فرد، عالم دين أم غيره. وأن في مثل هذه الأيام، لا يعدم المرءُ مكانًا لذلك! على شواطئ البحر الهادئة بعد شفقِ الصُبح، حيث تحط الطيورُ المهاجرة رحالها طالبة الراحة من عبء الرحلة مستجيرةً بأهل القطيف من صيد الصيادين، أم بين ما تبقى من بساتين القطيف. ساعةً يصفّي فيها ذهنه ويستعدّ ليومٍ جديد فيه من تحديات الحياة ما فيه!
على أن يدرك القارئ الكريم والقارئة الكريمة أن في بعض الرياضات ما فيها من تضييع الواجباتِ الدينيّة والعمر والمال وإهدار الطاقات البدنيّة والعقلية في غير ما ينبغي، وفي بعضها مخاطرة بالحياة، ما ينقلها من خانة حكمٍ شرعيّ لآخر!
همسة: لا تستغرب إذا رأيتَ من الناس – أنا وغيري – فضولًا واستغرابًا فائضًا عن الحاجة؛ شيخ، كيف يمارس الرياضة؟ رجل كبير، لماذا يتزوج؟ فقير، كيف يمتلك بيتًا أو سيارة فارهة؟ بالإجمال نحمل فئاتٍ من النّاس ما لا يحتملون!