سيرة طالب (٤٣)

الدراسات البلاغية تعتبر جزءا لا يتجزأ من الدراسات الحوزوية، وأول كتاب درسته في البلاغة هو كتاب شرح مختصر المعاني للتفتازاني المؤلَف عام ٧٢٢ هجرية.

وقد درستُه عند الشيخ علي الشملاوي من بلدة أم الحمام، أثناء دراستي في سوريا ثم بعد ذهابي إلى قم كان أول درس درّسته نفس الكتاب مختصر المعاني لبعض الطلبة المتميزين.

في فترة تدريسي للكتاب تكونت عندي بعض الملاحظات المنهجية عليه، نتيجة لذلك انقدحت في ذهني فكرة أن أكتب ملزمة في البلاغة مع الأخذ بعين الاعتبار تلك الملاحظات وتزامن ذلك مع تشجيع بعض طلبة العلوم الدينية لي على الكتابة منهم: الشيخ محمد محفوظ الزويد، وهو أحد الطلبة الأحسائيين، حيث حثني وبشدة على البدء في الكتابة.

وبالفعل كتبت الملزمة ثم درستها لمجموعة من طالبات معهد السيدة خديجة عليها السلام في قم

بعد ذلك راجعت الملزمة ونضجت أفكارها، ودرستها لمجموعة من الطلاب المحصليين، من ضمنهم الشيخ محمد آل عمير (حفظه الله)، وهو من قرية التوبي.

بعد انتهاء الدرس عزمت على طباعة الملزمة فراجعتها للمرة الثالثة نضجتهاأيضا، ثم طبعتها بعد ثلاث مراحل تطويرية.
حيث ولد الكتاب تحت عنوان ( تكوين البلاغة قراءة جديدة ومنهج مقترح ) من بداية الفكرة إلى طباعته استغرق حوالي السنتين بجهد ليس بقليل، كما أن عمق التفكير في الذهن أكثر من الكتابة بدرجات.

مميزات الكتاب

ويختلف الكتاب عن الكتب القديمة في المنهج حيث أن الكتب القديمة اعتمدت المنهج العقلي الفلسفي وحتى أغلب ما كتب حديثا سار على نفس المنهج القديم، ولكني طرحت منهجا جديدا، وهو المنهج الاستقرائي الذوقي، والعلم يتلون بلون المنهج،  كما توجد فيه جهات ابتكارية كثيرة لم تسبق.

شخصيتان عملاقتان

أعطيت الشيخ عبد الهادي الفضلي نسخة من الكتاب، وقرأه كاملا، وفي ثلاثة مجالس مختلفة قال لي : إن تكوين البلاغة أفضل كتاب قرأته في البلاغة.

لا أريد هنا أن امدح كتابي إنما أريد تعظيم الشيخ حيث أنه هو نفسه عنده كتاب في البلاغة بعنوان: تلخيص البلاغة، ومع ذلك يصدر منه هذا المدح والثناء وهذا يدل على تواضع الشيخ بل يدل على أنه يفني نفسه أمام غيره.

كما أشاد بالكتاب الشاعر الكبير محمد العلي، وكتب عنه مقال نشر في إحدى الجرائد، واقترح ان يكون منهجًا يدرس في الجامعات.

كما ذكر لي بعض الأصدقاء من طلبة العلوم الدينية أن الكتاب يدرس في بعض الحوزات في لبنان وفي قم.

ونتيجة لإحتواء الكتاب على الكثير من المصطلحات الجديدة عمد بعض الطلبة إلى تأليف كتيبا في مصطلحات تكوين البلاغة، ولكن لا أدري لماذا لم يطبع للآن ؟

لفتة

واللطيف ان نهاية الكتاب هذه الأبيات، من شعر حسان في أمير المؤمنين (ع):

جبريل نادى معلنا * والنقع ليس بمنجلي
لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فتى إلا علي

بأن نزيد عليه تفعليتين في آخره، ليكون (مشرعا) كقولنا:

جبريل نادى معلنا والنقع لي..
..س بمنجلي عن ضربة البتار
لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى
إلا علي ذا كلام الباري

وانتهى الكتاب.




error: المحتوي محمي