قد ابتعدت المسافات بيننا التي تنأى ضفاف مشاعري، بعد أن أصبحت أيامي فارغة لا جديد فيها بعد غيابك ورحلتك الطويلة يا فقيدتي الحانية (أمي).
فقد رحلت عن عالمي، وتركت خلف رحيلها صورًا مليئة بالذكريات، تؤجج مشاعري بين حين وآخر. تجعلني أتذكر ولم أنسَ ذكراها، فروحها تحوم فوق عاتق روحي، وأشعر بأنني أعد الانحناء؛ لأقوى على غيابها؛ لأنني معتادة عليها كثيرًا، فهي صديقتي، وتوأم روحي، أتذكر أجمل أيامنا، أجمل لحظاتنا التي مرت، ونحن سويًا، أتذكر أجمل الضحكات تلك التي تطلقها ببهجة، وفرح، فتدمع عيني بلا شعور.. بين ألم، وتعب، طال فراقنا الموجع لرحيلك يا أمي، مرت تسعة أشهر، واختفى النور الذي يشع بين زوايا المنزل، ويلامس روحي، أخشى الاختباء لكني لم أعد أستطيع! أخبئ ما بداخلي، وبين جوفي من ألم فقدك، فقد غرس الشوق لهيب الحنين مزامير لنبضي الذي تدق نبضاته شوقًا، واعتزازًا لمكانتك الكبيرة بقلبي بكل حب، وود..
بقيت لي فقط الذكريات توقظ أحزاني، فكلما اشتقت إليك يا فقيدتي، أنظر إلى صورنا، وأبحث بين كراسة مجموعة الصور؛ لعلني أرى صورًا جديدة لم أرها من قبل.
أبدأ بالبوح العالق لوصف طعم أيامي الخالية دون رفقتك، فيأخذني الحنين لسماع صوتك الجميل الذي أعده لغة الحوار لنسيج أوتاري، ويعانقني صداه الأثير الغامض، بعد غيابك أجول بأفكاري لمحاولة تقبل فكرة رحيلك، لكيلا أجعل الشوق يبعثرني بين حكايتي، وترتسم على ملامح وجهي الذبول، أتوجه للكتابة التي جعلتها تلامس كياني، فكلما اشتقت لك أكتب، إلا أنني لا أعلم ماذا سأقول؟ وماذا علني أكتب يا فقيدة قلبي؛ لأنني أشعر برعشة رنين عالقة لصوتك بين مسامعي كرفيف نسيم يغزو مسامع الهديل.
وبين طيات ذلك الألم بكل قضاء، وقدر محتم الذي خط أناملي بعد أن عاهدت نفسي بكلمات الله عز وجل؛ لأتمسك بالصبر والسلوان (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).
فرحم الله روحًا ذهبت لخالقها..
فأقدم دعوتي لك يا فقيدتي الراحلة..
جعل الله قبرك روحًا وريحانًا وجنة ونعيمًا..
وإن أصبحت المسافات حاجزًا بيني، وبينك، لكني لم أنس يا فقيدتي أجمل أيامي برفقتك..