أثكلت القديح يا سيد العطاء

كسرًا للقاعدة بالكتابة كل جمعة، تفرض أخبار اللحظة نفسها، حين فقدنا -نحن في القديح- رجلًا عزيزًا، حبيبًا ومحبًا لمحيطه وأهله، ورائدًا من رواد العمل الاجتماعي.

فترة صعبة عشناها وقت مرضه وحزينة جدًا عند سماع خبر وفاته، وما أقصر الوقت الذي كان بين الابتلاء والوداع، ليغادرنا بعدها فقيدنا السيد محمد آل سيد ناصر “الخضراوي” -رحمه الله- والذي يعد أحد الرجال النماذج الذي تشرَّب العطاء ونذر نفسه لخدمة مدينة القطيف بعمومها سواء من خلال وظيفته في البلدية طوال سنوات عمله فيها حتى تقاعده، أو عضويته في المجلس البلدي في فترته الأولى، والتجديد الذي لم تتم مدته بعد أن انحلت المجالس البلدية في عمومها، وأيضًا خدمته لمسقط رأسه القديح من خلال نشاطاته المتفرقة في مؤسساتها الاجتماعية، أو من خلال جهوده الشخصية التي نعرفها أو تلك التي بينه وبين ربه -عز وجل-.

طبيعي جدًا أن ترى رجلًا يتوجه لجهة خدمية واحدة ليعطي فيها، ولكن أن يتشابك العطاء والتفاني ليصب في كل جهة إخلاصًا وتفانيًا، ويعطي ثمرًا جنيًا وفيرًا، فتلك لعمري لا تحصل لكل أحد، وقد توفرت فعلًا في هذا الرجل الذي لم نره في راحة شخصية طوال فترة عمره مذ شب على شغفه بخدمة وطنه ومحيطه المجتمعي.

فقد شارك رسميًا تقريبًا، أو تعاون مع الجميع، بين الجمعية الاجتماعية والنادي وربما الزواج الجماعي واللجان الإصلاحية وحملات الحج، وكان من مؤسسي المجلس الأهلي الذي ناهز عمره العشرين عامًا، وبقي فيه حتى قبل وفاته -رحمه الله تعالى-، وأكاد أجزم أنه كان العنصر الأكثر فعالية وإنتاجية وقد شاهدت حقيقة ذلك عيانًا في الفترة التي التحقت فيها بالمجلس.

روحٌ وثابة لا تستكين، ولم يكن يتأخر عن الجلسات لسبب سوى تأدية خدمة أخرى أو جهد في مكان أخر، وربما لم يصدق البعض أنه كان مريضًا إلى وقت رحيله، فهو لم ينقطع تمامًا عن جهوده ولا زيارات الناس وحضور المناسبات، وحين اختفى، اختفى للأبد.

كم نحن محزونون من أجلك -أيها السيد النجيب- ومتحسرون على فقدك وخسارتك. ونعلم أن القديح ولادة ولن يكون عصيًا عليها كما أنجبتك سوف تنجب أمثالك مئات ومئات، وإلى تلك اللحظة سنظل نعيش حالة الحزن والذكريات التي غطت القديح من جميع الزوايا والأنحاء.

نم بسلام -أيها النجيب- وأن تحمل أعمالك الصالحة التي يشهد لك بها القاصي والداني، وندعوه تعالى بفضله ومنه ورحمته أن يبدلك بها الجزاء الوافر والعاقبة الحسنة التي تجعل روحك مطمئنة وراضية مرضية.



error: المحتوي محمي