من أم الحمام.. المسؤولية المجتمعية تقود علي الطويل لتحويل جزء من مسكنه إلى معرض لـ السلامة المنزلية

شعوره بالمسؤولية تجاه سلامة الآخرين بحكم عمله سنوات طويلة في مجال الخدمات الفنية اللوچيستية لدعم رجال السلامة ومكافحة الحريق، هو ما دفع “علي الطويل” إلى تخصيص جزء من منزله لإنشاء أول معرض للسلامة المنزلية، يشارك فيه الناس خبراته في هذا المجال، ويثقفهم بأدوات السلامة وأنواعها المختلفة.

“علي الطويل” رجل عاصر مرحلة التغيير في الكهرباء بالمملكة العربية السعودية؛ هذا المشروع الممتد على مدى 25 سنة، والذي بدأ في 20 رمضان 1431هـ، وينتهي في شهر رمضان 1456هـ، في خطة تدريجية لتغيير جهد توزيع الكهرباء في المناطق السكنية والتجارية من الجهد الحالي (220/127) فولت إلى الجهد الدولي (400/230) فولت، وقسمت المدة على مرحلتين تمهيديتين؛ الأولى مدتها (10) سنوات تم تنفيذها بمنع جهد (127) فولت بنزع خط التعادل من بعض المشتركين الجدد بعد صدور القرار الحكومي، والمرحلة الثانية تزويد البعض الآخر من المشتركين بالجهد الجديد (230/400) فولت تماشيًا مع خطة مراحل القرار، وبذلك يكون الجزء التمهيدي من المرحلة الثانية قد اكتمل، والذي كانت مدته 10 سنوات، والجزء الثاني التنفيذي مدته 15 سنة، وينتهي في شهر رمضان 1456هـ.

خدمة الناس
“كان قلبي يعتصر ألمًا لكل حادث حريق يقع في منزل ما، وذلك حينما أعرف أنه وقع جرّاء أسباب بسيطة وأشاهد عواقبه الكبيرة”، بهذه الكلمات بدأ اختصاصي السلامة “علي الطويل”، يروي قصة معرضه لـ«القطيف اليوم»، متابعًا: “يخسر بعضنا حياته وحياة أفراد عائلته وبيته؛ بسبب شاحن جوال أو توصيلة رديئة أو استخدام خاطئ أو ما شابه، فأخذت على عاتقي نقل خبرتي بعد التقاعد لخدمة الناس”.

خارج الصندوق
ولم يكتفِ “الطويل”، بفترة عمله في مجال السلامة والصحة المنزلية حين كان يباشر حالات الحريق ويساعد رجال السلامة من خلال فصل الطاقة الكهربائية والإسهام في التحقيق، والبحث عن أسباب الحريق، وإعطاء توصيات السلامة الفنية لتدارك الوقوع بمثله مرة أخرى وحسب، بل ذهب يفكر خارج الصندوق ليجد طريقة يكمل بها رسالته في هذا المجال.

معرض السلامة
وبدأ حينها في تنفيذ فكرته بإنشاء المعرض، الذي خصص من أجله أحد مجالس المنزل، بمساحة 5*6 على نفقته الخاصة وباجتهادات شخصية، حيث جهزه بطفايات الحريق، وأجهزة كهربائية بالإضافة إلى الأسلاك الكهربائية والوصلات والملحقات الكهربائية، والعديد من الوسائل التعليمية المبسطة، ليتمكن من شرح طرق السلامة والحماية في المنزل.

وأوضح “الطويل”، أن المعرض متاح للجميع مجانًا، ولكن زيارته تتطلب تنسيقًا مسبقًا بحسب تواجده، لافتًا إلى أنه يخطط مستقبلًا لأن يكون المعرض في مساحة أوسع ومواعيد معروفة.

وحول الموضوعات التي يركز عليها المعرض، ذكر “الطويل”، أنه يركز على السلامة المنزلية، والسلامة الكهربائية، وسلامة النقل المدرسي، وسلامة الطفل وأدوات السلامة وطرق استخدامه، فضلًا عن الجولة التي يصطحب فيها الزوار لاستعراض أسباب حرائق الأجهزة الكهربائية، وطرق التعامل معها وشراء الجيد منها، وتقديم إرشادات الوقاية التي أبرزها؛ عدم تحميل التيار الكهربائي أكثر من طاقته، وعدم استخدام الوصلات الكهربائية في الأجهزة الحرارية؛ كأجهزة التدفئة، والأجهزة التي تحتاج تيارًا كهربائيًا عاليًا.
إضافة إلى موضوعات أخرى مهمة، منها؛ أخطار الصعق الكهربائي، وتجهيز السخانات الكهربائية، ومخاطر الاحتجاز في الغرف، أو دورات المياه، وكيفية التعامل معها.

تحديات
وعن أبرز الصعوبات التي واجهته في إنشاء المعرض، يقول “الطويل”: “لم أجد صعوبات بحكم أنه مجال تخصصي، ولكن ربما كانت هناك بعض التحديات التي واجهتني في بداية إطلاق الفكرة، ككيفية عرضها وترتيبها والذي احتاج مني وقتًا وجهدًا لتنظيمها وإظهارها بشكلها الحالي، وحاولت استغلال جميع ما يمكن عرضه من وسائل سواء مكتبية أو أي أجزاء محترقة وتالفة من موقع الحدث بعد استئذان أصحابها لشرحه كجزء من مسببات الحرائق، وبعض التكاليف في تجهيزات المعرض (شباك الحرامي) وأقفال الألومنيوم لشرح فك الاحتجاز بطريقة عملية”.

تخصص وخبرة
وطوال مسيرة عطائه، جمع “الطويل” بين خلفيته التعليمية كونه خريج دبلوم صناعي تخصص تمديدات كهربائية، وخبراته في هذا المجال حيث حصل على المركز الأول على مستوى المملكة في المسابقات المهنية للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بين قطاعاتها الفنية عام تخرجه 1408هـ، لتثقيف الناس بالسلامة المنزلية وحمايتهم.

وقد كلف وقتها بإعداد نشرات تثقيفية للساكنين بالمجمع السكني التي وزعت على محطات التحلية بالمملكة كافة والإدارة العليا بالرياض.

مشاركات متعددة
وبعد التقاعد، بدأ “الطويل” في نقل خبراته وتعزيز الجانب المعرفي للناس بالكهرباء من خلال عدة قنوات، منها؛ المحاضرات، والمشاركات في الفعاليات الوطنية، وعبر قناة المعرفة والسلامة باليوتيوب، وحساب Safety first 2020 على الإنستغرام.

مسعفون بلا حدود
استكمل “الطويل” حديثه، موضحًا أنه انضم لفريق “مسعفون بلا حدود” التطوعي في سبتمبر 2022م، حيث تم استحداث قسم السلامة المنزلية بالفريق إلى جانب نشاطه الأول في تدريب الأفراد على الإسعافات الأولية والثانوية، حيث أسندت إليه مهام مشرف شؤون السلامة المنزلية بالفريق.

وعلق “الطويل” على انضمامه للفريق، قائلًا: “كان لكل منا قصة وهدف جعله يرغب في الانضمام للفريق، يجمعنا الواجب الوطني والتفاني في أن نكون سببًا لإنقاذ الأرواح، وكان الهدف من انضمامي هو توسيع نشاط الفريق والسعي لتجنب وصول الأفراد للحاجة للإسعاف”، مشيرًا إلى أن الخطط المستقبلية للفريق، هي استمرار تقديم التوعية في الجهات التعليمية والمراكز والأماكن العامة، وإقامة مبادرات ودورات توعوية وأنشطة وتقديم محتوى معرفي في برامج التواصل الاجتماعي لرفع مستوى الوعي.

للصغار والكبار
وتطرق “الطويل” في حديثه عن أهمية السلامة المنزلية إلى كونها الخط الرفيع في الحفاظ على الأرواح والممتلكات، والتي يرى أهمية إشراك الصغير والكبير فيها على حد سواء، معقبًا: “يجب أن نسلحهم بالمعرفة للوصول لهذا الهدف، وذلك من منطلق (الوقاية خير من العلاج)، ولا أجد فرقًا في تعليم أساسيات السلامة بين الكبار والصغار، ولكن مع الأطفال نحرص أن تكون المعلومات عملية ومبسطة قدر الإمكان؛ ليسهل عليهم تطبيقها وتذكرها في وقت الحاجة”.

وسائل السلامة
وعدد “الطويل” وسائل السلامة، ذاكرًا أهمها، وهو وجود طفاية حريق متعددة الاستخدام بالمنزل من النوع الثلاثي (ABC)، والتي صنفها بأنها الأفضل لمكافحة الحرائق الناجمة عن الزيوت أو الماس الكهربائي، وتدريب أفراد الأسرة على اختيار زمن وكيفية استخدامها حال حدوث حريق، وذكر النوع A مخصص للمواد الصلبة (الكربونية) كالخشب الذي يمثل الجزء الأكبر من الأثاث في منازلنا، (B) للحروق التي سببها الزيوت، و(C) وهو مخصص للحرائق الكهربائية وتكون جمعيها بطفاية واحدة.

ويوجد نوع آخر من الطفايات ينصح به وهو نوع (Co2) وهي مادة ثاني أكسيد الكربون وهي أيضًا مفضلة للمنازل في الأماكن القريبة من العداد الداخل للكهرباء والأجهزة الصوتية والكهربائية الدقيقة وهي نفسها نجدها في المصانع للمنتجات البترولية وتتميز عن سابقتها بأنها لا تترك أثرًا؛ الأولى تكون عبارة عن بودرة ويمكن أن تغطي الأثاث والأجهزة وأن تتسبب في تلف الأجهزة الدقيقة لذا تعد الثانية مثالية لمثل هذه الحالات.

وأوضح “الطويل” أنه من الأخطاء الشائعة استخدام (الخيشة) والتي هي مادة قابلة للاشتعال بالأساس وقد تؤدي لنتائج عكسية وفضل اقتناء بطانية الحريق خاصة (fire blanket) التي هي مصنوعة من مادة الفايبرجلاس المعالجة حراريًا والتي تتحمل درجة تصل إلى 950 درجة مئوية ولها مقاسات 120 * 120 ومقاس 120* 180 وسعرها لا يتجاوز 50 -60 ريالًا، ويمكن الحصول عليها من محلات السلامة.

نصائح
ووجه “الطويل” نصيحة للجميع في موسم الشتاء، بأنه يفضل وضع جهاز التدفئة في وسط الغرف، وبعيدًا عن قطع الأثاث والستائر، هذا إلى جانب اختيار الأنواع الحديثة الزيتية أو الهوائية وهي تمثل الأمان من بين الأنواع الضوئية المتوهجة، كما أشار إلى ضرورة إيصالها بشكل مباشر بالكهرباء دون الحاجة لتحويلات أو توصلات.

وكحلول لتقليل البرودة في المنازل في موسم الشتاء يفضل تغطية الأرضيات بالسجاد والنوافذ الزجاجية والألومنيوم باستخدام الستائر السميكة كعازل حراري خاصة للمنازل ذات النوافذ الكبيرة.

واختتم “الطويل”، حديثه متوجهًا بالشكر باسمه ونيابة عن فريق “مسعفون بلا حدود” إلى كل من دعمهم، متمنيًا أن تصل ثقافة السلامة المنزلية والإسعافات الأولية لكل منزل وللصغار والكبار.




error: المحتوي محمي