الأصل في مشروعية الزواج الاستحباب الذي يتحول إلى واجب شرعي على مَن يخاف الوقوع في المحظور بتركه، هنا القادر عليه وهناك العاجز عنه الذي يحتاج الوقوف معه لتحقيقه أسبابًا لا قدرة له على تجاوزها منفردًا:
أولًا: السكن: سابقًا الزوج يسكن مع أبويه وإن كان ميسورًا، والمتعارف وقتها أنه مِن المعيب أن يبتعد عنهما وإلا عُد عاقًا، أما الآن وإن قبل الزوج والزوجة عابوه وإياها وقبحوا لها ذلك وأحيانًا الشاب نفسه وإن كان معسرًا يسعى للاستقلالية ولو على حساب غيره. حتى تحولت إلى مشكلة رئيسة ولمعالجتها للجادين من الطرفين أن يُهيأ سكن بقدر الحاجة في بيت العائلة إن أمكن يكفي لثلاث أو خمس سنوات “ويكون وفر مبلغ الإيجار وقلل من تكلفة الماء والكهرباء” أو استئجار بمبلع يناسب الدخل وإذا تحققت القناعة مع البحث يوجد. ثانيًا: مصادر الدخل: سابقًا حرفة الزراعة والبحر والمهن المحلية البدائية أو الأجر اليومي والقليل من التجارة ويمكن لمن يفقدها سرعة إيجاد البديل عنها دون ترفع وعناء، حاليًا أكثر الاعتماد على وظيفة غير مضمونة وبتخصص علمي أو مهني فقدها والبحث عن مثيلها ليس سهلًا أو يتأخر وربما لا يوجد، والتحول قد لا يجدي في الدخل والعمل، ولحل هذا يجب تنويع الدخل بأكثر من مصدر أحادي باثنين أو ثلاثة على الأقل عند غياب الواحد يكون الآخر حاضرًا يملأ الفراغ ومع التواضع بجدية تتوفر فرص عمل متنوعة مقبولة ولو وقت الحاجة والبحث جار عن الأفضل ومتى وجد تحول إليه.
ثالثًا: كان الإنفاق في الماضي على الأكل فقط، وفي يومنا تعددت وجهاته وتغيرت فما كان ضروريًا بالأمس عند الكثير في وقتنا أصبح غير لازم كما هو الغداء والعشاء والإفطار كان في البيت تم التوجه لتناولها خارجه وما كان مجهولًا أو معدومًا صار من الضروريات كالسيارة والجوال والنت لهذا نحتاج لدراسة وتقنين أهم الحاجات ومستوى الدخل لنتعايش مع الحاضر المستجد بمقدار دخلنا المادي نتحاشى النقص ولا نتحمل ديونًا لنتجنب كثيرًا من الخلافات الأسرية.
رابعًا: كانت الزوجة عندها ملكة القناعة مختارة كانت أو مجبرة لانعدام المغريات من سلع ومال عند الأغلبية والعلاقات والمناسبات والفعاليات محصورة وانغلاقنا المجتمعي عن الآخرين، أما وقد كثر المعروض المتنوع منها وترامت العلاقات بانفتاحنا على العالم من شرقه لغربه كل هذه قنابل موقوتة في وجه الرجل إن سلم من إحداها أصيب بأخراها مهما بلغ راتبه الشهري لا يغطيها ومعظمها لا جدوى منه أو له لازم، لماذا كل مناسبة زواج فستان بنصف الراتب؟ وكل مولود هدايا وكثرة أسفار وأعياد ميلاد وتغيير أثاث وأجهزة وغيرها، كلما عرض جديد في الأسواق وحتى يغلق هذا الباب مستقبلًا يجب على المخطوب أن يبدأ بالمكاشفة المبكرة للمخطوبة قبل العقد وإيجاد الحلول الوسطية بقدر إمكاناته والتفاهم عليها فإذا كانت قنوعة راضية أجراه.
خامسًا: متطلبات الزوجة: سابقًا لسانها لا ينطق ببنت شفة وليس لها من الأمر شيء، اليوم أصبحت الآمرة الناهية. وللحد من هذه المبالغات لا بد من أن يُرفض كل ما هو جانبي والتعامل بالبساطة فيما بقي وإذا لم توافق يبحث عن ثانية وثالثة “من جد وجد” أما قول ولا أحد يقبل كلامًا مردودًا غير دقيق ولا هو بصحيح مع التثقيف والتأهيل تحصل القناعة للكثيرات منهن. وعلى الشاب أن يجتهد بإصرار في توفير ما يحتاجه من مال لا أن يبذل كل دخله أو يبقى دون عمل ويعتمد على الغير في كل تمويل زواجه مثل هذا لا يستحق المساعدة.
سادسًا: التأهيل.. (للطرفين) دينيًا واجتماعيًا وسلوكيًا ومظهرًا وثقافة حوار عند الخلاف وحسن التصرف في المعيشة والقناعة والرضا بالموجود بإحداث دورات توعوية وبرامج تخص ذلك نتمنى من الجهات الرسمية أن تجعلها إلزامية عن طريق اختصاصيين كل في مجاله “كما هو الفحص الطبي” لا يتم إجراء العقد إلا بشهادة اجتياز الدورة بنجاح.
سابعًا: أن يكون لدينا جرأة وإحداث خطوة نوعية مستحدثة استباقية وهي تحديد ما هو مطلوب من الزوج لصرفه على بيت الزوجية بدقة وما مدى قبول الأخيرة به “بمعنى كشف إمكاناته” المطلوب الشرعي معروف ولكن المشكلات تكمن في غيره وهو ما يعجز عنه من هنا لا بد من توضيحه وإيقاعه في شكل اتفاق يستحسن أن يكون مكتوبًا مشهودًا دون استحياء ومن يخالفه يتحمل شرطًا جزائيًا ممكنًا وسائغًا شرعًا.
ثامنًا: الخطوبة: تكون مختصرة جدًا بحيث لا يكلف الشاب بإحضار موائد أو يدفع نقدًا والحضور لا يتعدى الأقارب في منزل أحدهما في جو أسري هادئ “كما كنا نعمل في احترازات جائحة كورونا” أيضًا طول المدة الفاحشة التى يمتد بعضها لسنوات هي بنك مملوء بالسلبيات قد تنهي زواجًا حان وقته وإرهاق للزوج ماليًا في ظروف هو أحوج بتوجيهها للتأثيث وخلافه.
تاسعًا: وليمة الزواج: يفضل أن تكون مبسطة وبالتقاسم بين الاثنين كل واحد يتكفل بما يلزمه والكل وشأنه وحبذا لو تكون لجنة عند الحاجة مختارة من العلماء والجمعيات ورجال العطاء وأصحاب الخبرة والنشطاء الاجتماعيين تعمل بسرية لها موقع للراغبين في الزواج تقوم بدراسة كل حالة وتذليل عقباتها ووضع الحلول الناجعة وتكون من أولوياتها توفير سكن شبه خيري للعاجزين ولو لمدة معينة من بداية الزواج.
الوضع خطير وما لم يواجه بشكل جماعي أسري لمساندة الشباب والفتيات تتعرض الأجيال القادمة لظاهرة مأساوية لا تحمد عقباها في مقدمتها العزوف الذي ينتج عنه كثرة العوانس وجرائم يصعب السيطرة عليها من الجانبين..