خذوا صورة لهذا اليوم الماطر ولا تكثروا من الشكوى. هذه الأشجار بدت أكثر نظافة واخضرارًا والسطوح أكثر لمعانًا، بعد أن غسل المطرُ الغبار الذي علاها مدة طويلة. هذه دفعة مؤخرة من المطر من حساب السنة الماضية التي كانت أجفّ من حشفة! ما أكثر الصور التي تمر في حياتنا واليوم خطر في بالي صورتان: الأولى عندما نلتقي والأخرى عندما نفترق.
كم من صديقٍ لا تنسون روعة اللقاءِ الأول الذي التَقيتم فيه؟ ذلك اللقاء أو first impression ترك في أنفسكم أثرًا طيبًا لا تمحوه الليالي والأيام. وهناك آخرون عملتم معهم زمنًا طويلًا لم يتركوا فيكم أثرًا يذكر!
نظرة واحدة على وجه الشخص نكون بعدها أول انطباع! تُظهر الأبحاث أن الأمر يستغرق ما بين 33 و100 مللي ثانية فقط لشخص ما لتشكيل أحكام حول شخصٍ آخر. تسأل: يا ربّ، لماذا أحببتُ هذا الشخص؟ أو لماذا لم أحبه؟ لغة عيونه، ابتسامته، رائحته؟ ربما أفكاره! قد لا تعرف.
لعل السر هو في روحه وكأننا التقينا من قبل في عالم آخر! عنه (صلى الله عليه وآله): “الأرواح جنودٌ مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف”! تلتقي شخصًا لا تعرفه فتجد هواه مطابقًا لهواك وأفكاره متسقة مع أفكارك وتأتلف معه، آخر تجده مثل قطبي مغناطيس متشابهين، يتنافران ويتضادَان على الدوام! انتبه: أحيانًا من تظن أنه من الملائكة في أول لقاء هو من الشياطين، فليس دائمًا الحدس يصيب!
من الواضح أن مثل هذا الوقت القصير لا يكفي لقياس شخصيّة الشخص بدقة. ومن الطبيعيّ بالنسبة لنا أن نضع افتراضات حول شخصٍ ما عندما نلتقي به لأول مرة. وقد يكون من الصعب جدًّا تغيير الانطباع الأول لشخصٍ ما عنا، كما نحن نتعلق بانطباعاتِنا الأولية عن الآخرين ونجد صعوبة في تغيير رأينا، حتى عند تقديم أدلة متناقضة.
تمر السنوات وتتبدل فيها الانطباعات والصور ويكون آخرها إما أجملها أو أشدها سوءًا. الحياة فيض غزير من الانطباعات والصور، وأهمها ما يذكر بعد نسيان كل شيء. أجمل صورة هي التي تبقى – عند الله – وفي أذهان الناس عندما يمشي خلفنا الحمالون: رحمه الله كان إنسانًا جميلًا. وأسوأ صورة عندما يقولون: أراحَ واستراح!
ساعة يختفي المالُ والجمال اختر الصورة التي تريد أن تبقى في الذكريات. إما ورقة معلقة على الحائط يعلوها الغبار، أو صورة غضَّة طرية في قلوب النَّاس لا تزول!
قبل أن أودعكم اليوم، أعطي صورة – قديمة – لأبناء جيلي: هل تذكرون كيف نذهب للمدرسة صيفًا وشتاءً، أكان مطرًا أم صحوًا! كنا نخوض في بِرك الماء ونصل إلى المدرسة مبللين مثل العصافير! تذكرون هذه الصورة؟ الآن تغير كل شيء!