بَوحٌ هَادِر

أبحرتُ في عينيكِ مرتحلًا ** وقارِبي مِن نبضِ أشعاري

 

لُذْتُ بها عنكِ وَلي عتبٌ ** عليكِ يستميل أقداري

 

يا أعذبَ “الحاءاتِ” أنطُقها **بِلذّةٍ كشهدِ أزهارِ

 

وحين تنسابُ على وَرَقٍ ** طيفُك يزهو بينَ أسطارِ

 

ما كان إبحاري على عجلٍ ** بَل طفتُ في صبرٍ وإنكارِ

 

إذ كنتِ في طُغيانِ غازِيَةٍ ** تسودُ مِن وراءِ أستارِ

 

بسَطْوِ عينٍ سحرُها حَوَرٌ ** وفي البياضِ زيغُ إبصاري

 

رحلتُ في سوادِ مُقلتها ** حتّى توارت كلّ أقماري

 

بحثتُ في الأحداق عن سَكَنٍ ** في الأُفق ضوءٌ غرّ إبحاري

 

قد طال تجديفي بِلا كَلَلٍ ** مدٌ وجزرٌ عاق تيّاري

 

حَولي هديرُ الصّمتِ يُربكني ** صداهُ يستحثُّ أنظاري

 

في غفوة للموجِ مُرْعِبَةٌ** فهيّجت وَسواس أفكاري

 

وسالتِ الآهاتُ مِن ثَمِلٍ ** تحت انبهارٍ بثّ أسراري

 

تحرّر اللّسان مِن حَذَرٍ ** لَم تفهَمِي بوحي وإقرارِي

 

تفوّهَ الدّلال مختبرًا ** صبري وما يُخفيهِ إيثاري

 

دلالُكِ الجمُوح في خَفَرٍ ** ما غاظني .. بل زاد إصراري

 

وآسيتُ قلبًا فزّ مندهشًا ** حتّى تهاوتْ كلُّ أعذاري

 

مِنْكِ الكلامُ لَغوُ منفعلٍ ** طاش بِلا فكرٍ وإنظارِ

 

ولا تَغُرَّنَّكِ معذرتي** سِواكِ لا ينالُ إعذاري

 

حتّى يظلّ الحُلم مُتّقدًا ** يَرعاهُ ذِكرٌ بعد إقبارِ

 

والحبّ يبقى في سنابلهِ ** تذرُوهُ أرياحٌ بِأخبارِ

 

هلّا جمعتي ذرّها صِلةً ** هذا المُنى في كلِّ أذكاري

 

إن كان ليس للغزاةِ هوًى ** في نشْرِ إحياءٍ وإعمارِ

 

تحقّقُ الآمالِ سيّدتِي ** بعثٌ لأرواحٍ وأعمارِ

 

إن تعبُري العمر الجديد مَعِي ** نطوي معًا أشجان أسحارِ

 

منافذُ الآهاتِ نَهدمها ** فلا نهيمُ بَينَ أسوارِ

 

يعودُ لِي قلبٌ تملَّكهُ ** الهوى وطولُ عزفِ أوتارِ

 

مِن صِغَرٍ يراكِ جامعةً ** أهلي وأحبابي وسُمّاري

 

وأوّل الأوطانِ في حضري ** ومنتهى أوطانِ أسفاري



error: المحتوي محمي