أبحرتُ في عينيكِ مرتحلًا ** وقارِبي مِن نبضِ أشعاري
لُذْتُ بها عنكِ وَلي عتبٌ ** عليكِ يستميل أقداري
يا أعذبَ “الحاءاتِ” أنطُقها **بِلذّةٍ كشهدِ أزهارِ
وحين تنسابُ على وَرَقٍ ** طيفُك يزهو بينَ أسطارِ
ما كان إبحاري على عجلٍ ** بَل طفتُ في صبرٍ وإنكارِ
إذ كنتِ في طُغيانِ غازِيَةٍ ** تسودُ مِن وراءِ أستارِ
بسَطْوِ عينٍ سحرُها حَوَرٌ ** وفي البياضِ زيغُ إبصاري
رحلتُ في سوادِ مُقلتها ** حتّى توارت كلّ أقماري
بحثتُ في الأحداق عن سَكَنٍ ** في الأُفق ضوءٌ غرّ إبحاري
قد طال تجديفي بِلا كَلَلٍ ** مدٌ وجزرٌ عاق تيّاري
حَولي هديرُ الصّمتِ يُربكني ** صداهُ يستحثُّ أنظاري
في غفوة للموجِ مُرْعِبَةٌ** فهيّجت وَسواس أفكاري
وسالتِ الآهاتُ مِن ثَمِلٍ ** تحت انبهارٍ بثّ أسراري
تحرّر اللّسان مِن حَذَرٍ ** لَم تفهَمِي بوحي وإقرارِي
تفوّهَ الدّلال مختبرًا ** صبري وما يُخفيهِ إيثاري
دلالُكِ الجمُوح في خَفَرٍ ** ما غاظني .. بل زاد إصراري
وآسيتُ قلبًا فزّ مندهشًا ** حتّى تهاوتْ كلُّ أعذاري
مِنْكِ الكلامُ لَغوُ منفعلٍ ** طاش بِلا فكرٍ وإنظارِ
ولا تَغُرَّنَّكِ معذرتي** سِواكِ لا ينالُ إعذاري
حتّى يظلّ الحُلم مُتّقدًا ** يَرعاهُ ذِكرٌ بعد إقبارِ
والحبّ يبقى في سنابلهِ ** تذرُوهُ أرياحٌ بِأخبارِ
هلّا جمعتي ذرّها صِلةً ** هذا المُنى في كلِّ أذكاري
إن كان ليس للغزاةِ هوًى ** في نشْرِ إحياءٍ وإعمارِ
تحقّقُ الآمالِ سيّدتِي ** بعثٌ لأرواحٍ وأعمارِ
إن تعبُري العمر الجديد مَعِي ** نطوي معًا أشجان أسحارِ
منافذُ الآهاتِ نَهدمها ** فلا نهيمُ بَينَ أسوارِ
يعودُ لِي قلبٌ تملَّكهُ ** الهوى وطولُ عزفِ أوتارِ
مِن صِغَرٍ يراكِ جامعةً ** أهلي وأحبابي وسُمّاري
وأوّل الأوطانِ في حضري ** ومنتهى أوطانِ أسفاري