من سنابس.. على غير العادة.. سارا الكزاز تفكر «داخل الصندوق» وتبدع.. مهندسة كيميائية اقتربت من الأطفال بـ«علب كرتونية» تمتلئ فنًا

فكرت خارج الصندوق، وغردت بعيدًا عن سربها، لكنها ارتأت أن تضع أفكارها داخل صندوق تشحنهُ بجميع الأدوات المطلوبة لإخراج عمل فني معين للأطفال؛ فقد أردات “سارا محمد حسن الكزاز” أن تسهّل مهمة البحث لدى الصغار، فبدلًا من قضاء وقت مشتت لاختيار الأدوات التي يرغبون في اقتنائها لميولهم وهواياتهم بصورة عشوائية وبفواتير شراء متعددة أيضًا، صنعت صناديقها الملأى بكل الأدوات التي يحلمون بها من صناديق للألوان المائية، وأخرى للديكوباج، وثالثة للأكريليك، ولم تنسَ أن تضع -بكل عناية- التعليمات المخصصة لكل صندوقٍ على حدة، ومن هنا، كانت البداية لمشروع تنفّس صبحه تحت مسمى “صناديق سارا”.

دورات وصناديق
تعمل “الكزاز” مهندسة كيميائية، لكنّ شغفها بالفن والرسم والطفولة أضاء بها ولها جانبًا آخر في حياتها، فكان مشروع “صناديق سارا” حلمًا بدأ بالبيع وانتهى بالمرسم، وعن صناديقها تحدثت “الكزاز” لـ«القطيف اليوم» قائلة: “بدأت مشروعي بشكل فعلي في سبتمبر 2020 ببيع الصناديق، وبعدها في صيف 2021 شرعت في الدورات الفنية الحضورية للأطفال والكبار، ولاقيتُ -من خلالها- إقبالًا واسعًا على الدورات والصناديق معًا، مما دفعني لتوسعة المشروع؛ ليصل إلى أكبر عدد من الناس”.

وتضيف: “ولأن مواردي وطاقاتي محدودة مقارنة بما أحلم به، فقد جاءت فكرة أن أكوّن لي إستديو أو مرسمًا على شارع تجاري، بحيث يسهل وصول الفنانات إليه، وأيضًا أدعمه بالطاقات والمدربات للرسم؛ لأصل بالفن إلى حيث الأفق الواسع لأحلامي”.

صناديق الفرح
‏أرادت ابنة سنابس أن يكون مكان مشروعها قريبًا من منزلها بعيدًا عن المطاعم أو الكافيهات، مطلًا على شارع تجاري، وأن يتوفر على عدد كبير من المواقف، ووقع الاختيار بعد بحثٍ وتقصٍ على موقعه أمام بلدية تاروت؛ لاستيفائه الشروط التي أرادتها، فكان مخرج شارع الرياض بوابة الانطلاق الفعلي لمرسم صناديق سارا، وجاء اختيار الاسم تعبيرًا عن صناديق الفرح والبهجة التي تصنعها بمشاعر الفرح للأطفال ‏منذ فتحها إلى العمل عليها، إلى حين إخراج العمل الفني النهائي منها.

كن صديقًا
ولّدَ العمل للأطفال عند “الكزاز” الخبرة اللازمة بالإمكانات والأدوات التي يحتاجها كل من ينشئ مشروعًا خاصًا للأطفال، فهي ترى أنّ التعامل مع فئة البراءة والنقاء تستلزم التشجيع الدائم، والتواصل الدؤوب معهم ومحادثة الطفل كصديق موازٍ لسنّه، وهو أمرٌ في منتهى السهولة، فمشاركة بسيطة معه بالحديث عن الرسم مثلًا، أو المدرسة، أو عن ميوله وهواياته، يزيد حب الطفل للمرسم ويعده ساحة للألعاب، مما يجعله يترقب الرجوع إليه في كل حصة، وكلما جاريت الأطفال في الحديث كلما رأيت منهم انسيابية وراحة أكثر في الرسم.

والدها السند
‏مما ساعدَ “الكزاز” في نجاح مشروعها ما تلقته من دعم وتشجيع طيب من أهلها وأصدقائها، ولكن والدها كان سند ابنته الحقيقي وداعمها في مشروعها معنويًا وماديًا بتوفير الخشبيات وغيرها، لقد كانت البداية لصناديق سارا في صفحتها بالإنستغرام بصناديق فنية، ودورات للأكريلك فقط في قبو بيتها، وسرعان ما كبر هذا المشروع ‏ليشمل ‏صناديق لمختلف أنواع الهوايات، ومفكرات للسنة الجديدة، ‏ومذكرات لتدوين رحلة الزفاف وأخرى لتدوين رحلة الحمل، ومذكرات لتدوين رحلة بناء مشروع ما وكتب لتعليم الرسم للأطفال والكبار، وأيضًا بطاقات إهداء ‏بطابع تراثي، وكلها من تنفيذ مرسم صناديق سارا.

دورات رسم
أدخلت ابنة سنابس إلى مرسمها دورات الرسم بالرصاص، ودورات الرسم بالألوان المائية، واستعانت لذلك بقيادة مدربات موهوبات في هذا المجال، وتسعى مستقبلًا ‏لتوفير مساحة في مرسمها للاحتفال بأعياد الميلاد بطابع فني، تتمثل فكرته في قيام الأطفال بصنع أنشطة فنية بأيديهم في حفلات الميلاد، والمغادرة بها.

تجارب ومهرجانات
‏شاركت ابنة سنابس بصناديقها ومرسمها في ثلاثة مهرجانات؛ كان المهرجان الأول في يناير 2021 مع وزارة الصحة، حيث شاركت بـ6 أركان للأطفال مع 12 متطوعة، وفي فبراير 2022 شاركت في مهرجان الزراعة برعاية جمعية القطيف مع 10 متطوعات بأركان فنية مجانية للأطفال، وتزيين أصيص الزراعة بشكلٍ فني.

‏أما آخر المشاركات القريبة، فكانت بمهرجان “جزيرتنا الخضراء” المقام بجزيرة سنابس، تحت رعاية جمعية تاروت الخيرية، حيث حظيت “الكزاز” بفرصة المشاركة بـ8 أركان مع 24 متطوعة.

جزيرتنا خضراء
‏شاركت صناديق سارا في مهرجان “جزيرتنا خضراء” بأركان منوعة استهدفت الأطفال من سن العام الواحد إلى سن الـ15، فركن البالونات خُصّص للأطفال الصغار من سنة إلى 4 سنوات، أما باقي الأركان فهي تناسب الفئة من 4 سنوات إلى 15 سنة، وجميع الفئات ‏تتلقى الدعم والمساعدة من قبل المتطوعات اللواتي ساعدن جميع الأطفال بكل رحابة واستمتاع.

وأركان أخرى
مما ميّز “الكزاز” في ركنها بالمهرجان استدامة العمل فيه، فكل ما ينتجه الطفل من عمل فني مجاني يأخذه معه إلى البيت مثل الرسم على الزجاج أو التلوين على الخشب والجوخ أو الطباعة على المحافظ، وجميع المنتجات اليدوية بأيدي الأطفال فيها يستفيدون منها لاحقًا بتعليقها بفخر في غرفهم أو في سيارات آبائهم، ويستخدمون المحافظ لوضع أدواتهم المدرسية ونقودهم، لكن فكرة المرسم الأساسية تكمن في زيادة الوعي الفني لدى الأطفال، والترويح عن النفس، والمشاركة المجتمعية، حيث تؤمن “الكزاز” بأن الفن للجميع، لا سيما الأطفال وإبداعهم الجدير بالعناية والالتفات.




error: المحتوي محمي