زَارَنِي فَزُرته

قال اَللَّه تَعالَى فِي مُحكَم كِتابه ﴿ مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [ الأنعام: 160]
كمَا قال عزَّ وجلَّ ﴿ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ﴾ [ الإسراء: 7]
مَا أَصعَب التَّناقضات فِي علاقاتنَا الاجْتماعيَّة ، نُحِب بَعضُنا ونجْرح بعْضنَا بِنَفس الوقْتِ ، فالْكلُّ يَتَنافَس فِي سِبَاق مَن هُو الأفْضل . . وَممَّا يُؤسَف لَه أَننَا نعيش تَحْت نَظَريَّة المعاملة بِالْمِثْل . . زَارَنِي فزرتْه ، أهْداني فسأُهديه ، عَادَنِي أَثنَاء مَرضِي فسأعوده ، لَم يَحضُر حَفْل زَواجِي فلن أَحضُر زواجه وهكذَا . . وَهذِه الظَّاهرة مُنتشرَة حَتَّى مع الأقارب وأفْرَاد المجْتمع بل قد تَصِل فِيمَا بَيْن أَفرَاد العائلة الواحدة . .
اَلعُمر قصير وَأجنِحة اَلحُب تُرفْرِف فِي كُلِّ بَيْت فلماذَا لَا نَنثُر الزُّهور فِي قُلُوب بَعضُنا ؟ ! لِماذَا لَا نضع أعْذارًا لِبعْضِنَا لِيبْقى اَلوِد ويعمِّر اَلحُب ؟ ! أليْس اَلنبِي ( ص ) أوْصانَا بِأن نَحمِل إِخْواننَا على سبْعين محمَل ؟ ! هل نَفذَت المحامل فِي صُدورِنَا ؟ ! لِماذَا لَا نَكُون نَحْن المبادريْنِ ؟ فلماذَا هذَا الكبْرياء ؟ !
اِجْعلوا صَفَاء النَّوايَا تَسكُن أرْواحكم لِتثْلج صُدورِكم وتسْمو . . خلف كُلِّ باب قِصص وحكايات وابْتلاءات لَم ولن تظْهر . . فرفْقًا بِبعْضِكم بعْضًا . . فالْعلاقات لَا تُقَاس بِالْحبِّ المشْروط . . أَنْت حِينمَا تُسَاعِد فقيرًا فَإنَّك تُدخل السُّرور لِقلْبه . . فمَا بَالُك بِأقْرب النَّاس إِلَيك وأنْتَ تَدخُل عليْه مُبْتسِمًا حِينمَا تَعودَه أَثنَاء مَرضِه وَتحكِي لَه كم أَنَّك تَفتقِده . . كَيْف سَيكُون وقع مِثْل هَذِه المبادرة على علاقاتكم فَمِن اَلمُؤكد أَنهَا ستقوى وَتُزهِر . .
كَبِيرَةٌ هِي وَعَظيمَة تِلْك الأرْواح المبادرة اَلتِي تَجعَل نِيَّتهَا مع اَللَّه وباللَّه . . فأنْتَ حِينمَا تَبادِر فَإنَّك تَعمَل لِنفْسك وَاَللَّه سيكون معك ويسهِّل دَربُك . . كُن كريم المشاعر لَا تُبَالِغ فِي حُبِّك حَتَّى لَا تَنكَسِر وَلكِن كُن حذرًا مِن أن تَكسِر قلْبًا فيدْعو عليْك . . كُن مَظلُوما ولَا تَكُن ظالمًا فالْعدالة الإلهيَّة سَتنزِل ولو بَعْد حِين . . تَيقَّن ذَلِك والْأمْثال كَثِيرَة فِي هَذِه الدُّنْيَا . .
اَلحُب والسَّلام الرُّوحيِّ يَقوَى بِنَثر المحَبَّة . . كَونُوا مُتماسكين . . أوْقفوا رِيَاح سُوء اَلظَّن بيْنكم لِأنَّ أَنفُسكم ستتْعب إِن واصلْتم فِي هذَا المسَار . . اِرجِعوا إِلى المسَار اَلصحِيح وبادروا واعْملوا بِالَّتي هِي أَحسَن . .
بدأ اَلْعام اَلجدِيد فاجْعلوا شِعَار التَّسامح حاضرًا فِي قُلوبِكم . .
دُمتُم بِخَير وَسَعادَة



error: المحتوي محمي