ربما أخطئ، وقد أصيب عندما أقول بأنه لا يتم الانتظار في الأشعة كثيرًا، فالذهاب للعيادة، وتشخيص الطبيب لحالتي من الطبيعي ودون تردد سأفعل جميع ما يطلبه الطبيب، ويحدد مسار العلاج الذي يبدأ بالأشعة، قبل أن أنصرف من عيادة العظام نظرت إلى الساعة المعلقة، وجدت عقاربها واقفة ظننت أنها معطلة، ولم أظن أنها صادقة، لا يهم!
ترميم المستشفى وإعادة تجديده، جعلني أضل طريقي إلى قسم الأشعة، رأيت الكثير يذهبون للأقسام وفقًا لحاجتهم رغم ذلك إلا أنني لم أتردد بأن اتبع الشريط الذي يوصلني لوجهتي، فأصبح كل المرضى يعرف الطريق المؤدي للأشعة نتيجة إلى الشريط الإرشادي، وكان أحدهم يحاول فتح الباب الرئيسي، وينظر إلى الساعة المعلقة في الجدار، لقد فعلتها وكررت ما فعلته في تلك العيادة! وخيّبت ظنه بعدم صدقها هي هذه المرة، حينها ساعدته بفتح الباب لوجود زر يستطيع المراجع الضغط عليه ليدخل المراجعون، وعند دخوله سألني، وهو منشغل في هاتفه النقال، أين قسم الأشعة؟ أجبته: أنت الآن في قسم الأشعة، ولايزال يطيل النظر إلى هاتفه، ولكي يبدي أهميته لي نزع نظارته الشمسية التي طالما كانت معلقة على وجهه حتى وصوله، ولكنه غادر مباشرة، ولم يخبرني عن وجهته! أخفى ابتسامته التي لم أرها إلا لحظات سريعة، كوميض زال عند فتح الباب له!
الآن بعد أن انصرفنا نحن الاثنين كل لوجهته لابد لي من الذهاب للقسم المعني بالأشعة، لقد انتهيت! وتوجهت للعيادة، وكان الطبيب ينتظرني، لا يوجد لديه أي مراجع، ونظام الحاسب الآلي أصاب وفعل فعلته، وتفوق على تلك الساعات المعلقة هنا وهناك، وصدقه بإرساله نتيجة الأشعة قبل وصولي للطبيب، عند جلوسي سألت نفسي، لماذا الأشعة؟ هل هي ستأتي بنوعية العلاج، أم هناك أسباب أخرى، يعلمها الطبيب، حدثت نفسي مرارًا، هل كان موظف الأشعة متسرعًا، ويخفي علي أن ينتظر ذلك المراجع الذي غادر بعد الإخفاق الذي أصابه في معرفة صدق الساعة، ولم تعطه ما يريد وحقيقة لم ألاحظ، ولكن الأهم النتيجة النهائية، هكذا الأمر، يبدو منطقيًا بالنسبة لي.
إذًا الأشعة، هي تصوير لموضع من مواضع الجسم لكي توضح للطبيب العلاج اللازم، ليقرر ماهية الخطة العلاجية، وكيف تسير، وهل يحتاج المراجع إلى مواعيد أخرى، أم يكتفي بالعلاج وفي حقيقة الأمر فإن المريض سيختار مسار شفائه، أم يترك العلاج إن وجد أنها لا فائدة منه، لذلك لن يأتي للعيادة مرة أخرى! وهذا تصرف غير مناسب، فالطبيب الأعرف بحالته الصحية، وله طريقته العلاجية.
الشفاء بيد الله سبحانه وتعالى، ولكن الأخذ بالأسباب أمر لابد منه، فهل يعقل أن ابتعد عن الذهاب إلى المستشفى، واستخدام العلاج، وأقول بأني سوف أتماثل للشفاء.
في كل محطة من محطات الحياة، وبالأخص عند الجلوس على كرسي الانتظار، تسافر روحي إلى المناجاة الذاتية، الارتباط بالوجود الإلهي المقدس، فأول مرحلة من مراحل العلاج أن يكون الإنسان متوكلًا على الله عز وجل، متفائلًا، مطمئنًا، وهذه تمثل الحالة النفسية الإيجابية، لها فاعليتها في العملية العلاجية، فالعلاج الجسدي يحتاج إلى تهيئة النفس، ليأخذ مجراه التفاعلي.
إذًا الأشعة السماوية، هي التصوير الحقيقي لمواضع الإنسان لكل عمل يقوم به.
إن التصوير يلعب دورًا مهمًا بأفعاله وبشمولية مطلقة، هو من يضع لمساتها ومخرجاتها، نحتاج أن ترفع جميعها لله عز وجل بعقل واع، وأعمال متزنة، وأن نحسّن صورنا لأنفسنا، ومراعاة بأنك ليس وحدك في هذه الدنيا، وتحتاج للحاجات الرئيسية كما صورها العالم إبراهام ماسلو، فإن الآخرين يحتاجون لهذه الحاجات، لذا لنتصور ردود أفعالنا، هي أفعالنا الموجهة لنا من الناس، ودون الوقوع في الضرر على من حولنا لنعيش بسلام!
ينبغي على الإنسان أن تكون له وقفة مع النفس، يسألها؛ ماذا أنجزت؟ لماذا أنا موجود في مجتمعي وعائلتي ومع نفسي؟ لنضع أشعة تصور ذلك كله بشكل إيجابي، ونحدد مسارًا مستقيمًا، لننجي أنفسنا عندما نغفل، ويأخذنا الازدحام، ونبدأ يومًا بعد يوم، نعانق الابتسامة، لنغدو في الخير بألوانه المختلفة، لكي يرضى عنا الله عز وجل، وينجينا من ملذاتنا التي لا تنتهي، وإن انتهينا نرجع لها من جديد لغفلتنا، من هنا ستبدأ الحياة الحقيقية آليًا، من خلال عادات مكتسبة صحيحة دون التأثير والتأثر بصغار الأشياء والتفاهات.