أكرمني صديقٌ عزيز بدعوة لحضور زواج ابنه مساء يوم الجمعة، 23 كانون الأول/ ديسمبر، وتلك دعوة لم أستطع أن أغيب عنها لأن كثيرًا من الزملاء والأصدقاء القدامى مدعوون أيضًا. حضرتُ الدعوة وكانت ترتيبات الحفل على أتمّ وأجمل ما يرام! الحضور والأكل والمنشد والتنظيم، كل ذلك علامة كاملة! السماء غائمة قليلًا في الخارج لكن قاعة الحفل أضاءت بنور من حضر من أهل الودّ والصفاء!
في صباحِ اليوم التالي تركتُ رسالةً على هاتفِ صديقي الذي دعاني، شكرته فيها وأخبرته بما رأيت من جمال الترتيب والحضور والأكل وأظنّ أن صاحبي سرته الرسالة -وأنا صادقٌ فيها-.
في مجتمعنا، نعد الشكر عادةً من الأخلاق الجيدة، بينما في الواقع لا نمارسه كثيرًا. أما في الغرب فهم يقولون شكرًا مرّات عديدة في اليوم (سواءً كانوا يعنون دائمًا ما يقولون أو لا فتلك مسألة أخرى)!
أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ.
كَذَٰلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ.
.. لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
كلمة الشكر ومشتقاتها وردت في القرآن الكريم حوالي 75 مرة! أليس في هذا التكرار دعوة لنا لنشكرَ الخالق والمخلوقين على ما يقدمونه لنا من أفضال؟ أما إذا أردت أن تحصي الأحاديث الدينية الداعية إلى الشكر فدون ذلك خرط القتاد، مع ذلك لا بأس أن أذيقَكم حلاوةَ بعضها:
الإمام الصادق (عليه السلام): “مكتوبٌ في التوراة: اشكر من أنعمَ عليك وأَنعم على من شكرك، فإنه لا زوال للنعماءِ إذا شُكرت ولا بقاء لها إذا كُفرت، والشكر زيادة في النعم وأمان من الغير”.
الإمام علي (عليه السلام): من أُعطي الشكر لم يحرم الزيادة.
الإمام الباقر (عليه السلام): لا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر على العباد.
المقارنات بين اختلاف العادات في الغرب والشرق ليس حبًّا في التنظير، لكن دعوة لنكون نحن أصحاب الأرقام الممتازة فيأخذ غيرنا من طيب سلوكنا وعاداتنا. على العكس من الغرب عندنا، تعطيه حق الأولوية في عبور الطريق ولا ينظر إليك، تمسك بالباب ليمر منه قبلك “محتمل” أن يقول شكرًا، وقس على ذلك الكثير من الفرص التي تضيع.
التفاتة: أصبحنا نأخذ الكثيرَ من العادات “السيّئة” من الغرب، فهل أيضًا نأخذ العاداتِ الجيّدة؟ أم هو طريق وسكة في اتجاهٍ واحد؟ لا أدري متى ينقلب المسار! لكن أختم الفكرة بشكر القارئ العزيز الذي يصبر على التذمر الذي يبدو قبيحًا مزعجًا أحيانّا، راجيًا أن يكون الجيل الحاضر والقادم أكثر شكرًا لله ولمن يستحق من النّاس!