مهرجان «جزيرتنا خضراء»

يبدو أن الحس البيئي عند الكثير من الناس الذين تكحلت أعينهم بجمال المزارع والبساتين التي كانت تحيط “بجزيرة تاروت” لم يمت بعد، فمهرجان “جزيرتنا خضراء” عاد ليعرف الناس وبالخصوص الجيل الجديد بحقيقة جمال الطبيعة في جزيرة تاروت.

في بلدتي جزيرة تاروت استيقظنا على جمال الطبيعة فكانت المزارع والبساتين على أطراف منازلنا، نطلع نهايل ونلعب وننام في كل مكان، في البيت والمزارع والنخل، وفي البر والبحر كلها أمان، وحينما يمر بي شريط الذكريات ويعيدني إلى مرابع الطفولة في حيّنا الشعبي “الحوامي” فأتذكر بيوت الطين وأسقفها المبنية من السعف التي تغطيها السميم وبواباتها الجميلة المعمولة من جريد النخيل فأترحم على الناس الطيبين الذين غادروا الحياة دون رجعة.

كانت جزيرة تاروت واحة خضراء تحيطها النخيل والأشجار من كل الاتجاهات، وكان الكثير من الناس فلاحين يعملون في المزارع والبساتين ويعتنون بها، فلا حرارة الشمس الحارقة في فصل الصيف ولا برودة الشتاء القارصة أوقفتهم عن الاهتمام بمزارعهم وبساتينهم، قبل أن يزحف التمدد العمراني إليها فَتُجْرَّف المزارع والبساتين وتدفن العيون الطبيعية وتتحول الجزيرة الجميلة إلى صحراء خالية من النخيل والأشجار.

كان يؤنسنا خرير الماء في الساقية حينما يمر عليها الماء لسقي الأشجار والنخيل، وتطربنا تغريدة البلبل فوق أغصان الشجر ويشجونا صوت الحمامة الذي يصدح في البساتين، وتلهفنا مناظر تراقص النجوم في قبة السماء في الليل الهادئ، وتمايل الأشجار حينما تهب عليها رياح البوارح، فنتحسر على رائحة الأرض المبتلة بعطر الورد والريحان، وحينما يمر شريط الذكريات على تلك الأماكن الجميلة يعتصر القلب حزناً وأسفاً على تخريب المزارع والبساتين وتراجع جمال الطبيعة في جزيرة تاروت.

على أرض مهرجان “جزيرتنا خضراء” أخذني شريط الذكريات إلى أيام الطفولة والصبا في الزمن الجميل، وأنا أتذكر العيون الطبيعية والبساتين الجميلة في نفس المكان، وحينما أنظر إلى أقدم مسجد وربما أجملها “مسجد الخضر” فأتذكر جماله بين البساتين وكأنه نجمة تتلألأ في أعالي السماء، مشاهد يختزنها شريط الذكريات لا تغيب عن ذاكرتي وذاكرة زملاء الطفولة والصبا حيث كنا نلعب سويًا على أطراف البساتين الجميلة التي كانت تحيط بالمكان، وتظللنا أشجارها ونخيلها الباسقات وتبلل أجسامنا مياه عيونها الطبيعية، ومن ثمار أرضها الطيبة نأكل الرطب، والموز، واللوز، والتين، والرمان وغيرها.

ختامًا: إن مهرجان “جزيرتنا خضراء” يعكس الصورة الحقيقية لجمال “جزيرة تاروت” وهي خضراء ببساتينها ومزارعها وعيونها الطبيعية وأهلها الطيبين، فشكرًا لكل القائمين والداعمين لهذا المهرجان الهادف إلى رفع الحس البيئي بين الناس، والمحافظة على جمال الطبيعة بزراعة الأشجار في ربوع جزيرة تاروت.



error: المحتوي محمي