القلم.. وكرة القدم!

انتهت مسابقة كرة القدم العالميّة، فرحَ من فرح بالفوز وحزنَ من حزن بسبب الخسارة.

لعبة كرة القدم لعبة جميلة، لا أظنّ أن أحدًا فوق الكرة الارضيّة لا يعشق الكرة المستديرة، ولم تسحره يومًا في صغره، بين بيوت الجيران والأزقة وفي الطرقات الضيّقة. لعبناها مثل المجانين في سنوات صغرنا، ننظم فرقًا من مختلف البلدات ونضع عليها “كابتن” وأمين سر وأمين صندوق، مع العلم أننا كنا أطفالًا، لا أسرار ولا أموال ولا هم يحزنون، اللهم إلا جنون كرة القدم! من استطاع أن يجمع القرشين والأربعة قروش من مصروفه حظيَ بكرةٍ جلديّة والباقي كَوروا الأكياسَ والخرق والخيش بدلًا من الكرة الحقيقة. تصادقنا، تشاجرنا، وتصَادقنا في كرة القدم!

ليتنا أيضًا -في هذه الآونة- نعتني بشيءٍ آخر مثل عنايتنا بكرة القدم، ألا وهو القلم! الاثنان لا يتعارضان بل هما يكملان بعضهما بعضًا من باب العقل السليم في الجسمِ السليم، ومن باب التشجيع على الرياضة.

بالرياضة وكرة القدم يزكو البدن وبالقلم يزكو العقل! وهما شيئان حثّ عليهما الدين والعقل والمنطق. الأمة التي تُعنى بالرياضة تأخذ نصيبها من التقدم والمكانة الدوليّة والشهرة، وأمّة القلم لها نصيب من المكانة العالميّة بين الحضارات.

ليس من صراع وتضادّ بين كرة القدمِ والقلم أبدًا! من الكتاب وحملة القلم من استهوتهم الكرةُ الساحرة المستديرة؛ بعضهم لعبها وآخرون كانوا يشاهدون غيرهم يلعبها، وبعضهم عاداها. ونحن الناس البسطاء لعبناها أيضًا.

رسالة لشباب اليوم: العبوا كرة القدم ولا تنسوا القلم! مستقبلكم ومستقبل الأجيال القادمة في كمال الجسم وفي كمال العقل. أعظم وأروع اختراع بشريّ هو القلم، لا السيّارة ولا الطائرة ولا شيء آخر، وهو -القلم- الذي صنع بقية المنتجات.

ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ.
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ.
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ.
آيات دالة على مكانة القلم، القلم يكتب ونحن نقرأ. كم هو جميل أن يقسم الله تعالى بالقلم؟ بل سمى سورةً كاملة بسورة القلم! كم هو بديع أن يطالبنا الله بالقراءة؟ إنّ تطور العلوم والبشر وتكاملهما يحصل بفضل فعلي القراءة والكتابة. من يظنّ أن عصر القلم انتهى وجاء عصر كرة القدم فهو واهم. لا، لن ينتهي عصر القلم أبدًا، فإذا كرة القدم لديها مليار عاشق، فإن القلم له مليارات العشاق. وإذا كانت الكرة تجلب المالَ والشهرة، يكفي القلم ما ينشره من علمٍ ومعرفة بالمجان.

في عصرٍ تنتشر فيه المخدرات والسموم، أفضل منجى ومأمن للجسد الرياضة، ومأمن العقلِ والروح القلم. فإذا ما بقي على الأرضِ شخصان، فإن واحدًا منهما على الأقلّ سوف يكتب!

احفظوا للقلم مكانه، لا يكن غريبًا عنكم.



error: المحتوي محمي