أنسنة المدن وصناعة المكان.. وسط العوامية نموذجًا

س/ لماذا نحتاج لأنسنة المدن؟
س/ هل نحن نخطط لمدن وأحياء تخدم النسان فعلًا؟
س/ هل يرتبط مفهوم أنسنة المدن بجودة الحياة؟
س/ كيف نصنع المكان أو نهيئه من جديد ليتلاءم مع مفهوم أنسنة المدن؟

نعلم أن رؤية المملكة العربية السعودية 2030 قد اعتنت بصناعة الأماكن العامة ضمن برامجها في تحسين جودة حياة الفرد فيها، ترجم ذلك في اهتمامها بمواقع التراث وهوية المكان. كما أخذت في الاعتبار الاهتمام بكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والعناية بالتشجير مع توفير مواقع مناسبة لإقامة فعاليات وأماكن آمنة للمشي.

من هذا، فأنسنة المدن مفهوم حيوي ومستمر جاء لمعالجة تبعات بعض ما شاب التطور السريع من أمور كانت خارج الاهتمام، أو العشوائية في بعض الأماكن.

ولأن الإنسان هو محور التنمية فكان لابد أن تعطى الجوانب الثقافية الأخرى ما تستحقه من الاهتمام فهي المحرك للحياة. من هنا، أطلقت وزارة البلدية والقروية والإسكان هذا البرنامج والذي يهدف إلى تحسين المواقع والأماكن والأحياء بما يؤهلها لأن تكون صديقة للإنسان والبيئة.

بمعنى أن يكون المكان ملائمًا للعيش وصديقًا للإنسان ومساندًا له في توفير الخدمات أي أن يكون المكان، المكان المؤنسن الصديق للإنسان، في مقابل الممكنن الصديق للمركبة.

فعندما يكون المكان ممكنن فإنه: يزيد في استخدام وسائل النقل. ولا تتوفر في المكان بيئة للمشي وتنقص أو تنعدم المساحات الخضراء ويتأثر المناخ تأثيرًا سلبيًا وتتلوث البيئة. وتكون مناسبة فقط للأسوياء دون التنوع الاجتماعي، وتكون هناك فراغات في الأماكن غير مستثمرة.

من هنا كانت دعوة البلديات للمهتمين بسياسات المدن والمطورين والعقاريين إلى الاهتمام بصناعة المكان أو التخطيط له مسبقًا في حال إنشاء الأحياء الجديدة، وكان تشجيعها في صناعة السياحة ودعم الفعاليات وصناعة الترفيه فيها؛ للمساهمة في جذب الاستثمار المحلي مما يخلق السعادة ويحقق مفهوم أنسنة المدن ويرفع من جودة الحياة.

واضح جدًا أن صناعة المكان هو عمل تشاركي يتكامل فيه العمران والهندسة والتطوير العقاري والترفيه ولا ننسى الفنون البصرية.

وهذا بالفعل ما رأيناه في مشروع وسط العوامية، هذا المشروع الذي حقق التنمية المستدامة ورفع من جودة الحياة للأحياء القريبة منه، لما تضمنه المشروع من معالم معمارية في صورة جميلة وفعاليات تخدم وتلبي حاجيات الفرد الثقافية والترفيهية.

إن برنامج الأنسنة للأحياء القديمة يهدف إلى تحسين المواقع فيها من أحياء عشوائية يشوبها الكثير من التشوهات البصرية والعمرانية إلى أحياء نموذجية وتحف معمارية تحمل الكثير من هوية التراث للحي.

ومن بيئة غير منظمة إلى بيئة عمرانية وحضارية منظمة إضافة لمشاركة هذه الأحياء ببعض البرامج الاجتماعية والثقافية التي تمثل جزءًا من العناصر لمكونات الأنسنة في إيجاد مساحات مناسبة تمثل متنفسًا للأهالي والسكان. وينتج أحياء تنبض بالحياة وتمنح سكانها هذا الإحساس. وهذا ما تم عمله في مشروع الرامس فأصبح بيئة مؤنسنة من التنظيم والمرافق الحضارية لجودة الحياة.

وهذه مقومات تجلب السعادة من البنية التحتية الأساسية والجمال البصري والمرافق الخدماتية وزيادة المساحات الخضراء المفتوحة وأماكن للمشي ودعم اقتصادي محلي، كما أنه خلق منه مكانًا مناسبًا لجميع فئات المجتمع الأطفال والشباب وذوي الاحتياجات وكبار السن، مع توفير أماكن لإقامة فعاليات ثقافية وترفيهية تخدم المواطنين والمقيمين القريبين منه.

كانت المدينة فيما مضى نتاجًا للتخطيط العمراني فقط، أما الآن فلقد أصبح نتاج شراكة بين المعماريين والمصممين والفنانين ومصممي البيئة، كل واحد منهم يتناول المدينة أو الحي من زاوية مختلفة.

أنسنة المدن والأحياء هو إعادة تطوير الأحياء وهو أسلوب لحياة أفضل.



error: المحتوي محمي