لست في سباق مع أحد ولست في معركة إثبات وجود أنا أنا ولست أحدًا أحاول الوقوق كلما سقطت فالوقوف يعني لي أنني أنا ولست أحدًا آخر. فمرحلة إثبات الذات والتعبير عن النفس تنتهي بانتهاء مرحلة عمرية معيّنة ننتقل بعدها إلى مرحلة تتغير معها مواقفنا وطريقة تفكيرنا وتعاملاتنا، وربما سلوكياتنا وطريقة معيشتنا بحيث لا تكون تلك المتطلبات نفسها ولا تلك الحاجات هي ذاتها بما في ذلك المادية والمعنوية فالطبيعة والتشريع والعقيدة ميزان المقايسة والضبط لسلوكياتنا وتصحيح مساراتنا في خط الحياة.
تجاربنا المتعلقة بالعلاقات في أغلبها محكومة بالفشل لكونها من منظور زوايا ظاهرية بعيدة عن فلسفة التعمق، وفهم ماهية تلك العلاقة، فمحكوم العلاقات الراهنة المصلحة والمجملات.
فالمشاعر السطحية المبالغ فيها بهرجة توقعنا في الشراك، بتلك العلاقات سواء أكانت إيجابية أو سلبية فربما نتطور ونرتقي بها ونكتسب خبرة ونتعمق في ذواتنا أكثر من خلال تعرفنا على شخصيات تشاركنا نفس الصفات، أما إذا كانت تلك الشخصيات التي تعيش الضبابية فهي حتمًا تجربة بألم، علاقات عابرة تنتهي منذ بدايتها وعلاقات رفيقة عمر ترحل قبل أن تموت لأنها فقدت صفاتها القديمة.
المواقف مع الشخصيات المتعاكسة حتمًا لم نخرج منها بالخسارة بل محركة للخيال ومثيرة للعاطفة ومحفزة للعقل، لكون هذه الشخصيات متلونة على حسب الموقف تمتلك سرعة بديهة تمكّنها من التملص في أحدق المواقف، غير أن بداخل كل منا قوة تظل متوقدة تمنحنه طاقة ورغبة جديدة في الحياة؛ فتبدأ علاقات جديدة بعناق حار ومشاعر ملؤها الدفء بالرغم من برودة الشتاء، وقساوة الحياة، حيث الابتسامة رغم الوجع.
فما يدفعنا إلى تجارب جديدة؛ شغف التجربة والطبيعة الاجتماعية لكون العلاقة بالآخرين تشبه الكتب فقراءتها هي الحياة التي خلف حروفها.