نحن ولاعب كأس العالم والتاجر؟

عزيزي القارئ، “الربح” كلمة تربط بيننا كلنا في الحياةِ وبعد الممات، لاعبين أو مدراء أو فقراء لا نملك نعلاً يقي أقدامنا من وطء الأرض! كلنا نبيع ونشتري، نربح ونخسر، وأغلى ما نبيع ساعاتِ العمر! إذًا تسأل كيف نفوز؟ كلمة ثانية تجمع بيننا وهي “المحاسبة”.

بعد الانتهاء من مسابقة كأس العالم، سوف تلاحظ بعض الفرق المتسابقة تغير مدرب الفريق أو تستبدل لاعبًا بآخر، كل ذلك جزء من مراجعة المسار؛ لأن ذلك سوف يساعد في تعزيز وتحسين النتائج المستقبلية. لا بدّ من طرح أسئلة في هذه المناقشات والإجابة عنها، ولنأخذ فريقًا لم يصل إلى مبتغاه عليه أن يسأل:

أولًا: لماذا فشلنا في الوصولِ إلى الهدف؟

ثانيًا: ماذا علينا أن نفعل لكي نصل إلى الهدف في المسابقة القادمة؟

ثالثًا: ماذا نحتاج من وسائل للوصول إلى النتيجة المطلوبة؟

الفريق الرابح لا تقل حاجته لإجراء فحص ما بعد المسابقة عن الفريق الخاسر لتعزيز فوزه! هكذا تتقدم الأعمال والمنشآت والفرق ومن يخشى المراجعةَ والتغيير فإن النتيجة حتمًا تبقى كما هي!

همسة: ليس الخاسر الحقيقي من يخسر المالَ أو كأس الفوز، إنما الخسارة: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}. كل الناس مستثمرون في الزمن، فقراء كانوا أم أغنياء، يجري بهم الزمن أسرعَ من وقت لعب كرة قدم. فإذا ما انتهى اللعب، نُودي بهم: {وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْؤولُونَ}. عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتجهزوا للعرضِ الأكبر”. فهل من خسارة أعظم من أن نخسر أنفسنا، ثم أزواجنا، وأبناءنا وأهلنا؟ ونحن في العذاب الشديد؟!

الإدارة الناجحة تقوم بعد كل مشروع بما يسمى “Post-Mortem” عملية فحص نهاية المسار. عملية تساعد في تحسين المشاريع من خلال تحديد ما نجحَ وما لم ينجح، وتغيير العمليّات التنظيميّة ودمج الدروس المستفادة. تعقد هذا النوع من الاجتماعات في نهاية المشروع. وفي المشروعات الأطول، يمكن إجراء عمليّات فحص التقدم بانتظام (شهريًّا أو ربع سنويًّا أو سنويًّا) للسماح بتصحيح المسار وضمان عدم إغفالِ الحوادث. للأسف، نادرًا ما يتم مراجعة المسار في معظم المؤسسات. كل ما يفعلونه بمجرد الانتهاء من المشروع هو الانتقال إلى المشروع التالي من أجل تحسين الإيرادات.

هكذا نحن الأفراد! يمر يوم، ثم شهرٌ ثم سنة ثم العمر كله، وأخيرًا يبيض الشيب دون أن نتوقف ونجري جردةَ حساب. ونفيق ساعة نصطدم بحائطِ الموت “الناس نيامٌ فإذا ماتوا انتبهوا”!

ثانية أقول: إذا أردتَ أن تنجح في اللعب أو المال أو غير ذلك، افحص المسار! أسوأ الأمور أن تضيع فرصةُ النجاح مرَّة أخرى!



error: المحتوي محمي