أصيلة مدينة الثقافة والفنون.. بعيون فنان سعودي

معشوقتي أصيلة..
وصلت مدينة أصيلة نهاية النهار قادماً من مدينة أغادير حيث مشاركتي في المعرض الدولي للفنون المعاصرة، يادوب ألحق على منظر الغروب، وضعت حقائبي وغادرت للمدينة، تجولت فيها قليلاً لكن الليل داهمني وتوجهت لمطعم شعبي في وسط المدينة وتناولت عشائي بين المارة متأملاً تلك الوجوه ومشاعرهم وعدت للفندق.

في الصباح الباكر توجهت بعد تناول وجبة الإفطار إلى وسط المدينة وإذا بها عروس ترتدي اللون الأبيض وتتحلى بألوان الفرح، وبدأت بزيارة مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية وهو عصب الحياة الثقافية في مدينة أصيلة ومنه موسم أصيلة للثقافة والفنون، المركز في غاية الجمال المعماري، حيث الضوء والفضاء واللون، وهنا تذكرت ذلك الإنسان المثقف الذي أبدع في نهضة أصيلة ثقافياً وفنياً، الوزير محمد بن عيسى الذي حقق حلمنا كتشكيليين في العالم وحول أصيلة إلى ملتقى الفن والثقافة، ومنه انطلقت رحلتي لاكتشاف المدينة، هنا اكتشف أهمية أصيلة ثقافياً وتميّزها بين مدن المغرب والمدن العربية، هنا وجدت قيمة الفن والفضاء، وكيف تكون المدن صديقة للإنسان.

أصيلة قد لا تجد في العالم مثيلاً لها في نظافتها وحب أهلها لمدينتهم، كرماء في تعاملهم مع كل زائر، في الصباح الباكر تجدهم ينثرون الماء أمام منازلهم لتكون أكثر إشراقة، مدينة مليئة بالحب والورد واللون والضوء.

وفي الأثناء استوقفني مبنى جميل وضعت عليه قطعة من الرخام منقوش عليها اسم المكان، فتوجهت لقراءة المكتوب فوجدت أن هذا المركز تم ترميمه على نفقة صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز بإعادة قصر الثقافة وهو المقر الدائم لمؤسسة منتدى أصيلة بعد ترميمه وتوسيع مرافقه ليكون ملتقى للثقافات العربية والإسلامية مع ثقافات الشعوب والحضارات الأخرى ومنبراً للرأي الحر والحوار الخلاق.

ما كتب على هذه القطعة الرخامية وسام على صدور المثقفين والفنانين العاشقين للتنوير.

وبعد هذه الوقفة الجميلة لابد لي أن أطير من الفرح بين أزقة هذه المدينة الأصيلة التي طالما حلمت بزيارتها والمشاركة في موسمها الثقافي الجميل، منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن كنت أسعى جاهداً لزيارة موسم أصيلة، لكن التشكيليين السعوديين الذين كانوا يرتادون أصيلة كانوا لا يرغبون في منحي أي رقم للتواصل مع أي أحد من إدارة منتدى موسم أصيلة.

هنا تجد البيوت المتلاصقة مليئة بالحب، وكأنها روضة من رياض الجنة، كل زنقة لها هوية جميلة بهوية الفنانين الذين مروا بها، مدينة يكسوها البياض والنقاء، كنت أفتش حينها عن أي شخص يوصلني بأعضاء منتدى أصيلة الثقافي، لكني لم أوفق لوجود العطلة في ذلك اليوم، وبعد الظهر غادرت أصيلة مودعاً إياها على أمل العودة مجدداً بإذن الله.


عبدالعظيم محمد الضامن – فنان تشكيلي وكاتب في الشأن الثقافي



error: المحتوي محمي