لو عادَ الزمان هل تتزوج الشخصَ الذي تزوجته؟

في ليلةٍ من ليالي الشتاء وأنت تستمتع بمشروبٍ دافئ، يأتي هذا السؤال: أنت تزوجتَ منذ مدّة فلو عاد الزمان وعلمتَ ما كنتَ تجهل عن زوجكَ أو زوجتك، هل تقبل بنفس الشريك مرّة أخرى أم لا؟ في مشاريع الحياة يبني أحدنا بيتًا وبعد مدّة يقول: لو عادَ الزمانُ لغيرتُ تفاصيل البناء، يكتب كتابًا وبعد مدّة يقول: لو عادَ الزمانُ لكتبتُ في هذا الشأن بدلًا من الذي كتبت فيه! عشراتُ الأفعال؛ لو تركتُ هذا لكان أجمل ولو فعلتُ ذلك لكان أجمل!

لا أعرف ما هي إجابتك، القارئ الكريم، فمن الطبيعيّ أن تسمع: وددتُ أني لم أعرفه وتزوجت الشيطانَ بدلًا منه، أو لم أتزوج أصلًا! لوددتُ أني لم أعرفها، وجه النحس، تزوجتُ غيرها أو بقيت عازبًا طوال عمري. أجمل الإجابات هي: لو عاد الزمانُ ألف مرّة ومرّة، ما تزوجتُ غيره وما تزوجتُ غيرها. يسطر بعض النساء وبعض الرجال وفاءً لا يضارعه وفاء. يمرض زوجها وتعتني به سنوات، لا تمل! تمرض زوجته أو تكون ساطيةً مشاغبة ويحتمل أذاها حفاظًا على الودّ والعشرة!

إليك هذه الحقيقة: التباين والاختلاف ملح الحياة، فإذا نقص الملحُ أو زادَ فسد ذوقُ الطعام. وبعض ما يراه البعيدُ من السراب إذا جاءه لم يجده شيئًا! من الرجال والنساء نكديّ، شأنه أن يجلب الهَمَّ والحُزْنَ إلى نفسه وإلى مَنْ حوله.

{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}! ما لم تصل الأمور إلى الحدّ الذي لا يطاق وتنكسر الجرّة، فالطيب يغلب الطبيب والمداراة خير دواء. واحدٌ من الخيرِ الكثير الذي تبشر به الآية الأزواجَ – الذين يصبرون – الأبناء الصالحون.

ماذا تظن النتيجة لو أُجري إحصاءٌ في مجتمعنا؟ أجزم أن أكثر من 70% من المتزوجين يقولون: نعم! نحن شريكان جيدان في الدنيا ونشترك غدًا في سرور الآخرة {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ}.

في هذه الآونة، يطفش الشابّ من زوجته أو الشابّة من زوجها يومًا واحدًا وفي اليوم التالي يذهبان للقاضي من أجل الطلاق! ولا تستغرب إذا عادوا ثم طلقوا أكثر من مرة! يطلقون زوجاتهم ويتأسفون! في مثل هذا، طلَّق الفرزدق زوجته النّوار، وكان يحبها حبًّا جمًّا، فأنشأ يقول:
نَدِمتُ نَدامَةَ الكُسَعِيِّ لَمّا ** غَدَت مِنّي مُطَلَّقَةٌ نَوارُ
وَكانَت جَنَّتي فَخَرَجتُ مِنها ** كَآدَمَ حينَ لَجَّ بِها الضِرارُ
وَكُنتُ كَفاقِئٍ عَينَيهِ عَمدًا ** فَأَصبَحَ ما يُضيءُ لَهُ النَهارُ
وَلا يوفي بِحُبِّ نَوارَ عِندي ** وَلا كَلَفي بِها إِلّا اِنتِحارُ
وَلَو رَضِيَت يَدايَ بِها وَقَرَّت ** لَكانَ لَها عَلى القَدَرِ الخِيارُ
وَما فارَقتُها شِبَعاً وَلَكِن ** رَأَيتُ الدَهرَ يَأخُذُ ما يُعارُ

همسة محبّ: حافظ على ما عندك لعلك لا تجد من هو أفضلَ منه!



error: المحتوي محمي