عادت من المدرسة.. رمت بحقيبتها على الكنبة.. ونادت والدتها: أين أنت يا أمي؟ أريد أن أحدثك بموضوع مهم.
حضرت والدتها.. سألتها ما بك.. لماذا تبدين حزينة؟! هل حدث لك مكروه.. هل تأخر عليكنّ الباص؟!
أجابتها: لا يا أمي.. لكني.. لكني.. أريد أن أغير المدرسة.. لا أريد هذه المدرسة..
وانفجرت بالبكاء..
سألتها أمها: لماذا تبكين.. لماذا تريدين تغيير المدرسة.. هل ضايقتك بعض الطالبات؟!
أجابتها: نعم يا أمي.. مرة أخرى ولن تكون الأخيرة.. في كل مرة تستهزأ بي تلك (الشلة).
ماذا قلن لك هذه المرة؟ سألتها أمها …
سألوني إن كنت سأرافقهم الليلة لحضور جلسة شاي في المقهى، فأجبتهم بـ (لا) حيث أن لدي ارتباط مع والدتي… فقالت إحداهن: لقد نسينا أنك بنت الملاية وربما لديكم (مجلس قراءة) هذه الليلة…وأكملت الأخرى: ماذا ستقرئين الليلة يا ملاية المستقبل؟ وقالت الثالثة: أعتقد أن جدولك هذه الأسبوع مزدحم … بصراحة إني أتعجب منك ألا تشعرين بالبؤس وأنتِ تجلسين مع مجموعة نساء كبيرات من جيل الحرب العالمية الثانية…
أما الرابعة فقالت: إن حساب السناب شات الخاص بالملاية زينب كأنه حسينية مليء بمقاطع العزاء والنعي الحسيني … المفترض تسمي حسابك (حسينية زينب)…
وبدأن يضحكن على هذه النكته …
أرجوك يا أمي أريد أن أغير المدرسة …
نظرت لها والدتها وقالت: هل هذا الكلام يؤذيك؟ إن ما تقومين به هو تجسيد لقوله تعالى: “الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا” الأحزاب(39) أنتِ صاحبة رسالة عظيمة يا بنتي … في زمن صعب عبر عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله: يأتي على الناس زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر(1).
عليك أن تصمدي أمام هذه التيارات و هذه الفئة من الناس.
السناب شات يا بنتي هو لنشر القيم والمثل الحقة وليس لنشر التفاهات ونشر المواقف والصور الفارغة كما تفعل بعض الفتيات…
إن حسابك ينشر فضائل وقيم أهل البيت (عليهم السلام) ألم تسمعي قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أدى إلى أمتي حديثا، لتقام به سنة، أو تثلم به بدعة، فهو في الجنة (2).
لكن يا أمي أنا أشعر بضغوط يومية من قبل هذه (الشلة) فهن يسخرن من حجابي، ويقلن أني أبدو كبيرة بهذا الحجاب وهو موضة قديمة…
ابتسمت لها والدتها وقالت: أليست فاطمة الزهراء قدوتك؟!
قالت زينب: بالتأكيد يا أمي …
قالت الأم: نحن نلتزم بما تعمله السيدة الزهراء عليها السلام، ففي مناسبة ولادة أو استشهاد فاطمة الزهراء عليها السلام نقرأ هذا المقطع عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال:
قال علي (عليه السلام) استأذن أعمى على فاطمة (عليها السلام) فحجبته فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لها:
لم حجبتيه وهو لا يراك؟ فقالت (عليها السلام): إن لم يكن يراني فإني أراه وهو يشم الريح فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أشهد أنك بضعة مني (3).
هكذا تعلمنا الزهراء (عليها السلام) المعنى الصحيح للحجاب، وليس كما تفعله بعض النساء اليوم من اختلاط، وتزين، واستهتار بالحجاب…فظهرت أشكال وألوان من العبايات…
في هذه الأثناء دخل الأب وسمع كلمة العبايات…
سأل ما الموضوع اليوم؟ أهو موضوع ألوان العبايات، أم الوداع للعبايات؟!
قالت الأم قصة زينب وما حدث لها اليوم في المدرسة …
تقدم الأب نحو زينب وقال :”وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ ۘ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ۚ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” يونس (65)
يا بنتي: أنت بالحجاب ،درة مصونة فالمحجبة جوهرة ،ياقوتة محفوظة من أعين وأيدي (الفاسدين) كما تحفظ اللآلئ في أصدافها.
يا بنتي: حجابك ليس تخلفاً ولا رجعية، بل هو العفاف والسعادة والعزة والكرامة.
افتخري يا بنتي فأنت جوهرة وما أجملك من جوهرة …
الهوامش:
1 ) الأمالي – الشيخ الطوسي – الصفحة ٤٨٥
2 )ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ١ – الصفحة ٥٤٧
3 ) بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٤٣ – الصفحة ٩١