يعتبر الجمهور السعودي هذه البطولة أنها على أرضه وبين جمهوره وهي كذلك، فقد استطاع منتخبنا التأهل والمشاركة في هذه البطولة وافتتح أول وأكبر المفاجآت الكروية في هذه البطولة وذلك بفوزه الكبير والتاريخي على المنتخب الأرجنتيني المرشح للفوز بهذه البطولة.
الجمهور السعودي الكبير كان اللاعب الأبرز جماهيريًا في الدوحة، فقد حضر في قطر وتعرف وتفاعل مع مشجعي المنتخبات الأخرى الذين شاهدوا وتعرفوا على الجماهير السعودية قبل أن يروا تفوق المنتخب السعودي في مباراته مع الأرجنتين.
لقد أشعل هذا الانتصار جذوة الحماس لدى المنتخبات الكبيرة التي اعتادت المنافسة على الصدارة في مثل هذه البطولات، كما أشعل الأمل أيضًا لدى المنتخبات التي ليس لها تاريخ أو حظوظ وافرة في بطولات كأس العالم. وقبل هذا وذاك أشعل فوز المنتخب الحماس أكثر لدى الجماهير العربية التي تشجع المنتخب وكذلك الجماهير غير العربية أيضًا.
إن إقامة بطولة كأس العالم في دولة قطر جعلت عشاق كرة القدم على مستوى العالم يتوقون للتعرف على منطقتنا العربية، أما فوز منتخبنا الوطني على الأرجنتين المرشح الأقوى للفوز بالبطولة فقد جعل بوصلة العالم كله تتجه نحو المملكة برؤية أكثر اتساعًا وعلى أكثر من مضمار.
لعل من أهم الدروس المستفادة من هذه البطولة المتميزة: أن لغة الرياضة قادرة على فتح آفاق أوسع من الرياضة، وأن لدى المملكة ودول الخليج تحديدًا من الثقافة والتراث المحلي ما يمكن أن يبهر ويثري العالم، وأنها ليست دول نفط فقط أو أي شيء من تلك الصورة النمطية غير الصحيحة عن دول الخليج العربي. وأن الدول العربية وقارة آسيا تحديدًا قادرة على تنظيم كأس العالم وبمقاييس أكثر جودة واحترافية، ولم تعد دقيقة مقولة أن الدول العربية ليس لديها مقومات النجاح في تنظيم هكذا بطولات عالمية.
لقد تأكد للعالم اليوم أن المملكة لم يعد حضورها الدولي مقتصرًا على النفط والاقتصاد كما يروج الإعلام الغربي، بل أخذت الدائرة تتسع أكثر لتغطي جوانب قد تكون غير تقليدية أو تبدو مقتصرة على دول محددة مثل مجالات السياحة والبيئة والمناخ، كما أخذت تعزيز حضورها الثقافي على المستوى المحلي في مختلف مدن المملكة وكذلك على المستوى العالمي عبر المنظمات الدولية، وها هي اليوم تنطلق مرة أخرى عبر شرارة الفوز على الأرجنتين لتعزز حضورها الرياضي أكثر على الساحة العالمية.