أنا مجموعة مشاعر دافيهْ
رادتْ تقوله حَبيبي أنا أحبَّكْ
رادتْ تزوره وتقل له العافيهْ
اتعرت بلهفتها طلعت عافيهْ
يوم رادت تدخل القلب إمْ نِحبهُمْ
لبست التفعيلة والمكياج صار القافيهْ
بهذه القطعة بدأ الشاعر باسم العيثان حديثه عن تجربته في الشعر الشعبي، والشاعر باسم العيثان هو باسم بن محمد بن أحمد العيثان، ولد في مدينة الحلة في العراق، نشأ وترعرع فيها، أنهى دراسته في التعليم العام ثم عاد إلى موطن آبائه وأجداده الأحساء – المنطقة الشرقية من السعودية عام 1982م، حاصل على الماجستير في الرياضيات من جامعة الملك سعود بالرياض، يعمل حاليًا مدرسًا في إحدى المدارس الثانوية، وهو شاعر مبدع له ديوان (غمضة جرح)، شارك في العديد من المناسبات في منطقته، ينظم الشعر الحر أو ما يسمى بـ(قصيدة التفعيلة) تميز شعره بالرمز والصور الجميلة.
وقد تحدث عن تجربته الشعرية في أمسية أقيمت في منتدى سيهات الأدبي “عرش البيان” مساء الأحد 2022/12/4م مع ثلة من الحضور والمهتمين بالشعر الشعبي من أعضاء المنتدى وبعض أعضاء ملتقى سيهات الاجتماعي، وسرد تعريفًا مجملًا عن شخصيته وفصّل في بعض جوانب تجربته الشعرية منذ سنيّ يفاعة عمره حيث كان يُلقي ما يكتبه من الشعر الشعبي باللهجة العراقية حيث نشأته على يدي والدته وكانت تصوّب له بعض الأبيات، حيث كانت والدته شاعرةٌ أيضًا، ثم تدرج في مراحله الدراسية، حتى أسس مع ثلة من الأدباء منتدى ابن المقرب العيوني بالدمام، ولا يزال يمارس نشاطه الأدبي كشاعر وكعضو في هذا المنتدى إضافة إلى وظيفته في التعليم، وقد أجاب عن بعض المداخلات عن تجربته الشعرية، وهل كتب شعرًا باللهجة الأحسائية فأجاب بأن له بعض القصائد باللهجة الأحسائية ولكن ليست بكمية ما كتبه باللهجة العراقية لأنها لهجته الأم التي نشأ عليها وترعرع من خلالها.
كما ألقى بعض القصائد الشعبية على الحضور، وقد لاقت استحسانًا كثيرًا منهم، منها قصيدة رثى فيها العلامة الشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي رحمه الله، بل واستعاد الحضور بعض النصوص منه ليقرأها مرة ثانية.
ومما تم إثارته في هذه الأمسية على ظلال الشعر الشعبي باللهجة العراقية، ما أثاره الشاعر عقيل المسكين، من أن المتلقين للشعر في منطقة الساحل الشرقي من الخليج متعودون على الاستماع للشعر الشعبي الذي يُلقى على منابر المناسبات الدينية منذ مئات السنين، وكذلك الذي يُلقى في الاحتفالات بذكريات ولادات المعصومين سلام الله عليهم أجمعين، فاللهجة العراقية بمختلف مستوياتها ومناطقها قيلت بشكل أو بآخر في العديد من القصائد الرثائية والمدحية باللهجة الشعبية العراقية من قبل مؤلفيها من الشعراء الشعبيين، حيث تُدرّس العديد من القصائد في المدح والرثاء بهذه اللهجات لممتهني الخطابة الحسينية، والرواديد، كما يدرسون ويحفظون هذه القصائد في المدح والرثاء باللهجة الأهوازية، واللهجة البحرانية، وكذلك يدرسون أطوارها المختلفة، ولا يجد المتلقي في مختلف دول الخليج صعوبة في فهم هذه اللهجات، لأنه تعوّد عليها سماعيًا من خلال المنبر الحسيني، ومنصات الإلقاء في الاحتفالات الدينية، مما يعني أن اللهجات في مختلف مناطق الخليج متداخلة في الاستعمال اليومي، إلا أنه تغلب اللهجة المحلية لكل منطقة جغرافية في تلك المنطقة لكثرة الاستعمال اليومي لها، ومن العوامل المشتركة مثلًا بين هذه اللهجات هو تداخل الأمثال بمختلف اللهجات في كل هذه المناطق، إلا أنه يغلب في نطق هذه الأمثال اللهجة العامية لكل منطقة على حدة.
ومما أثاره الأديب الشاعر عقيل المسكين، كمداخلة على روح القصيدة الشعبية التي تطرق لها الشاعر باسم العيثان؛ أن سر انجذاب الكثير من الجماهير في العراق والخليج للشعر الشعبي أكثر من القصيدة الفصيحة هو اندماج الشاعر أولًا بلهجته التي تربى عليها منذ نعومة أظافره حتى كِبره، وكذلك تحدث الناس من حوله بدءًا من أسرته وجيرانه وحارته وبيئته الاجتماعية، حيث يتحدثون باللهجة الشعبية بشكل يومي، لذلك فإن للمفردة ظلالها الخاص وجوّها التعبيري الذي درج عليه الناس وألِفه الشاعر، لذلك فإن التفاعل مع هذا الشعر الشعبي هو هو التفاعل مع اللفظة، والجملة، والعبارة، والشطر، والبيت، والدور في القصيدة، وكذلك في كامل القصيدة، لاسيما إذا امتلك القصيدة الشعبية روحًا واحدة من أوّل بيت حتى آخر بيت، وهذا أكثر ما يتميز به أشهر شعراء الشعر الشعبي بمختلف لهجاته سواء في العراق أو في مختلف مناطق الخليج.
وكان من المُداخلين على ما طرحه الشاعر باسم العيثان، الشاعر عبد الله الجفال، عضو منتدى سيهات الأدبي ومسؤول لجنة الشعر الشعبي في المنتدى، حيث تطرق إلى كون تجربة الشعر الشعبي عند الشاعر أبي حسن تجربة نوعًا ما طويلة، وله مشاركات متعددة في المحافل، واللهجة العراقية لدى الشاعر لا يعني عدم قدرته على الكتابة باللهجة الأحسائية، وأكد الشاعر على صحة هذا الأمر من خلال تجربته إلا أن لهجته التي تربى عليها هي الطاغية في نتاجه الشعري لأنه نشأ على هذه اللهجة منذ صغره.
ومن المداخلين ما ذكره الشاعر محمد الحمود عميد منتدى عرش البيان، مؤكدًا على أهمية الشعر الشعبي بالإضافة إلى أهمية الشعر الفصيح في رفد الثقافة الأدبية لدى الجيل، لأن جيل الأجداد وجيل الآباء وجيل الأبناء في عصرنا هذا لا تزال اللغة الشعبية جزءًا لا يتجزأ من هذه الثقافة الحيوية التي نعيشها جميعًا، وأدب وتجربة الشاعر باسم العيثان هي مواكبة لهذه التجربة الأدبية لدى الجيل كله سواء في منطقتنا أو في العراق.
في ختام الأمسية قام صديق منتدى سيهات الأدبي السيد فاضل عباس الموسوي بتقديم شهادة شكر وتقدير للشاعر باسم العيثان، والتقطت بعض الصور التذكارية.