تطرقنا في مقال سابق لأحد أبرز أسباب الطلاق ألا وهو تدخُّل أطراف خارجية في الحياة الزوجية (أهل الزوجين). سنتطرق في هذه السطور لسببٍ آخر يؤدي للطلاق ألا وهو (عدم وجود توافق فكري بين الزوجين).
والمراد من التوافق الفكري هو وجود مشتركات بين الزوجين بنسبة عالية في طريقة التفكير، والآراء، والتوجهات، والأولويات، وطريقة النظر للأمور وتحليلها، وفي رؤيتهما للحياة الزوجية، وفي طريقة تربية الأبناء، وفي الأهداف والتطلعات، والمعتقدات، والميول والاهتمامات والهوايات، وتفهُّم متطلبات كل طرف.
التوافق الفكري لا يعني أن يكون الشريكان نسخة متطابقة في كافة الجوانب، فهذا خلاف السُّنّة الإلهية التي اقتضت أن يكون هنالك اختلافات وتباينات بين البشر لكي يُكمل كل منهم الآخر.
يُعَد التوافق الفكري ركيزة أساسية لديمومة العلاقات الإنسانية بشتى أنواعها بين (الأزواج، والأصدقاء، وزملاء العمل، والجيران)، وغيرها من العلاقات، كما أنه يُسهم في شعور الزوجة بالطمأنينة والأمان النفسي.
يرى علماء النفس أن التوافق الفكري من الأمور التي لا تقل أهمية عن أي شيء آخر عند تكوين علاقات مع الآخرين.
يتحقق التوافق الفكري بين الزوجين من خلال التحاور الدائم الهادئ والعميق في كل ما يتعلق بالحياة الزوجية، وبالتعرف على طبيعة البيئة التي نشأ فيها الشريك إذ أنها تؤثر على فكره وشخصيته وطِباعه وقناعاته، فالتعرف على طبيعة البيئة يساعد الزوجين على اختيار الطريقة الملائمة في التعاطي والتعامل مع بعضهما.
كما يتحقق التوافق الفكري بالتغاضي عن الأمور السطحية غير الأساسية والمفصلية وعدم تضخيمها وإعطائها أكبر من حجمها لكيلا تنشأ مشاكل قد تعكّر صفو الحياة الزوجية. فكلما كانت نسبة المشتركات عالية زاد الانسجام بين الشريكين.
وأخيرًا ينبغي على الشاب عند اختيار شريكة حياته أن يأخذ بعين الاعتبار المشتركات التي بين أسرته وأسرة الفتاة، والتي بينه وبين الفتاة بحيث تكون بنسبة جيدة، فالاختيار الدقيق والجيد ينتج عنه زواج ناجح.