أودّ في هذه الخاطرة تعميقَ خيالكم لكي تتصوروا أجمل سكن وأرقى خدمة مجانيَّة!
تم إنشاء عدد من الفنادق الحديثة لكي تستقبل الجمهور واللاعبين في مسابقة كأس العالم لكرة القدم عام 2022م. أعتقد وليس جزمًا أن اللاعبين يحصلون على عنايةٍ خاصَّة وغرف أرقى من غيرهم في مكان إقامتهم.
يصل المقيم في النزل فيقال له: من فضلك هات شهادة إثبات شخصيّة ودفع الحساب – Visa” Credit Card” أو نقدًا. تفضل سيّدي بكلّ امتنان، هذا رقم غرفتك، إقامة طيّبة ولا تنس أن تتصل بخدمة الغرف Room Service عند الحاجة. يحمل العتَّال الحقيبة ويمضي الضيف إلى الغرفة.
في الأسفار رأيت تمايزًا في السكن، منها الراقي جدًّا بإطلالةٍ خاصّة، ووجبات شهيّة وأنتم تعرفون دون الحاجة إلى وصف أكثر، ومنها المتوسط والأقلّ جودة. هذا التشريف من أجل زائر في الدنيا أو لاعب، فكيف استقبال الآخرة؟!
في مخيلتي – مع التبسيط – هكذا السؤال يكون مع معرفة الجواب: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ ما هو رصيد عملك؟ لحظة من فضلك نراجع قائمةَ أعمالك! إذا كانت الإجابة مرضية زفوك إلى الجنّة كما تُزف العروس ليلةَ زفافها! وإذا كانت خاطئة رفسة في المؤخرة إلى جهنّم والعياذ بالله! تخيل أيها العزيز حفاوة الاستقبال وجمال المسكن في الآخرة:
{أُولَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا}! تفضل إلى قصرك مع الحبّ والودّ والسلام.
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}! قصرك تحيط به أشجار الجنّة من كلّ جانب لكل منها طعمه ولونه، وتجري من تحته الأنهار المختلفة، إقامة طيّبة لن تخرج منها أبدًا. غرف الدنيا تنتهي الإقامة في العادة بعد أو مع الظهر، عليك الرحيل وإخلاء الغرفة لمن بعدك!
{وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ! طمأنينة روحيّة وجسديّة من كافة النواحي، لن يطرق البابَ عدوّ أو مرض أو ألم، فهل أكبر جائزة من انعدام الخوف؟ والقارئ العزيز، يعرف قسوة الإحساس بعدم الأمن في مختلف جوانب الحياة!
{لَـٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ! عدة طوابق، قصور فوقها قصور اُخرى، أما منظر الورود والماء والأنهار والبساتين من فوق الغرف فيبعث على اللذة والبهجة بشكلٍ غير طبيعيّ!
الرجاء من القارئ الكريم ألا يعتبر هذا كل ما يحصل عليه النازل والساكن في الجنّة! إذ هناك تتغير قوانين الحواس، وترتقي بحيث تكتمل اللذة وتطيب، أما في الدنيا، فاللذة محدودة بحدودها الماديّة! في الحديث إن الله يقول: “أعددتُ لعبادي الصالحين، ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلبِ بشر، بَلَه ما أطلَعتكم عليه، اقرؤوا إن شئتم: “فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ”.
بَلَه: بِمَعْنى دَعْ، أو اُتْرُكْ.