أكِنّ شعورًا طيبًا للشعب اليابانيّ وكلّ الشعوب في العالم، وأنقل قولَ السيد المسيح (عليه السلام) من باب الحكمة العامة: “لو وجدتم سراجًا يتوقد بالقطران في ليلةٍ مظلمة لاستضأتم به ولم يمنعكم منه ريحٌ نتنة، كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمةَ ممن وجدتموها معه ولا يمنعكم منه سوء رغبته فيها”.
لماذا نستغرب إذا قام اليابانيون في مسابقات كأس العالم لكرة القدم بتنظيف ملعب الكرة بعد انتهاء المباراة عندما يحضرون؟ القارئ الكريم، لا بد من أنك شاهدتَ أو سمعتَ أو قرأت هذا الخبر، وقد يكون وصلك من عدة مصادر عن ظهور الجمهور اليابانيّ وهو يمسك بحقائب قمامة كبيرة ويسير بين المدرجات لجمع القمامة ويجعل المكان نظيفًا كما وجده تمامًا!
لماذا نستغرب ولا نفعل ذلك؟ كل ما في الأمر دقائق معدودات، مجموعة من أكياس البلاستيك، وقفازات. ما ينقصنا هو إرادة الفعل لا غير! المطلوب منا أن نأخذ هذه العادات -الحسنة- أينما وجدناها؛ من بوذي، من مسيحي، من يهودي، أو ممن لا دين له. هذه العادات والقيم والتعاليم والثقافات الإنسانيّة لا تخصّ شعبًا ولا دينًا ولا معتقدًا دون سواه.
هل نفعلها في المرة القادمة ونذهل العالم؟ ونَرى اليابانيين يضربون مثلًا بثقافتنا وحضارتنا! ليس صعبًا أن يكون ذلك، وليس عيبًا أن نقلدهم، ثم نكون أفضل منهم. هم -اليابانيين- قلدوا العالم ونقلوا إلى حضارتهم أشياء كثيرة من غيرهم!
القارئ العزيز، نحن نأخذ كثيرًا من الأشياء من الغرب والشرق ولا نبالي، فهل ينبغي لنا ألا نأخذ الحكمة والنظافة إذا وجدنا في غيرنا منسوبًا أعلى مما عندنا؟ سوف تذهلك كثرة وصايا الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) بأن نأخذ الحكمةَ من أين أتت! والعقل يقرر أن هذه الأفعال جزء من الحكمة!
ماذا لو وجدنا عند اليابانيين أو عند غيرهم لؤلؤةً نفيسة، اختراعًا مفيدًا؟ وبالفعل مئات أو آلاف الاختراعات منشؤها اليابان وغيرها من البلدان، القاصية والدانية، هل يومًا توقفنا وقلنا: لا نأخذ هذه الجوهرة أو الاختراع المفيد لأننا لا نعلم ثقافةَ أو دين من صنعه؟ لا أعرف كيف وصل اليابانيون إلى هذه الدرجة من النظافة، أهو الدين، الثقافة، أم التَعليم؟ كل ذلك عندنا ونستطيع أن نستند على هذه الركائز والمكونات ونفعل ما يبهر العالم، نحن أحقّ وأولى بذلك من غيرنا!
بالإمكان أن تكون بداية مشوارنا بالامتناع عن رمي مخلفات الطعام والأغلفة المستخدمة وأكياس الطعام الفارغة وأكواب الشراب الفارغة، وأعقاب السجائر في الشوارع والأماكن العامة. ثم نقوم بنقلةٍ سريعة إلى مدرجات الملاعب.
يا ترى من يكون الجمهور الذي يفعلها وينظف الملعب في المرة القادمة؟ هل نحن من نفعل؟