هبّة هواء وسامحناك يا صيف!

درجة حرارة الطقس فجر اليوم في القطيف تتقلب بين 19 و20 درجة مئوية. ليس باردًا لكن إذا ما قارناه بدرجة حرارة ما فوق 50 مئوية، فذلك يكفي لنسامح فصلَ الصيف على آثامه وشدّة حرارته. لا أعرف إذا كان القارئ العزيز يحب فصلَ الصيفِ أكثر أم الشتاء! أما أنا فأحبّ الشتاءَ أكثر، أحبُّ البردَ، رائحةَ الكوانين والمواقد، أحبُّ الرياح، وأحبُّ رائحةَ المطر! أحبُّ “كلَّ” شيء في الشتاء و”بعض” الأشياء في الصيف.

أدعوكم أن تسامحوا فصل الصيف أيضًا، وأن تسامحوا كثيرًا من خطايا الناس! ومن الغباء أن أدعوكم أن تسامحوا كلّ شخصٍ عن كل شيء. إذ في الحياة إساءات لا تغتفر لكي يشعر فاعلوها بحقارةِ الذنب ومرارة العقاب. لا يمكن أن تكون الحياة كاملة دون عقاب على بعض الأفعال، فهل تخيلتم حديقةً يكمل جمالها وهي مليئة بالأعشاب؟ إذن، لا بد من اقتلاع الآثام الضارّة لكي تكمل الحياة وأعطيكم مثالًا واحدًا، وأنتم تَستحضرون في أذهانكم أمثلةً أخرى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، ماذا لو كلنا سامحنا وفي كلّ المواقف؟

بعض الغفران والصفح فيه إساءة، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) – في قتيلٍ وجد لا يُدرى من قتله -: يُقتل رجلٌ من المسلمين لا يدرى من قتله؟! والذي نفسي بيده، لو أنّ أهلَ السماواتِ والأرض اجتمعوا على قتل مؤمن أو رضوا به لأَدخلهم الله في النّار، والذي نفسي بيده، لا يجلد أحدٌ أحدًا إلا جلد غدًا في نارِ جهنّم.

آيات كثيرة في القرآنِ الكريم تتحدث عن مقابلة الإساءة بمثلها: {ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}.
{فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ}. {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ}.

لا يجب أن أفسدَ عليكم جمال الطقس البديع وتَعتقدون أني أحرص على عدم المسامحة والانتقام! إنما لكي تكمل حياتنا، علينا أن نفكر في حماية الدم والعرض والمال! وإلا كانت الحياة غابة و”ملطشة”، ذاكَ يقتل، ثان يختطف ويغتصب، وآخر يسرق، وكلهم آمنون من العقاب!

أيها العزيز، إذا كنتَ من ذوي المزاجِ الشتويّ، استمتع بفصل الشتاء “المعتدل”، وإن كنت من ذوي المزاج الصيفي، انتظر، أيام الشتاء قليلة، ثم يعود الصيفُ يصرم ويحصد ما زرعناه في الشتاءِ من راحة. الشتاء عند بعض الناس ربيع وغنيمة، ومن أجمل ما وُصف به الشتاء قول الإمام عليّ (عليه السلام): الشتاء ربيع المؤمن، يطول فيه ليله فيستعين به على قيامه، ويقصر فيه نهاره فيستعين به على صيامه.



error: المحتوي محمي