جنة التائهين .!

( ١ )
لكَ الحَمدِ حَيثُ لا ينَفذ مَنَ روحِي الحَمدَ
لكَ الحَمدِ حَيثُ أستَطالتَ قامةَ امتنانيِ إليكَ
لكَ الحَمِد حِينَ بزَغَ نورَ بصيرتيِ على فيضِ نعمكَ
لكَ الحَمدُ حيثُ لملمَت شُتاتَ روحِيِ هُنا ..فِي هذهِ الإرض
نَعَمَ هُنَا بالتَحديِد .. و أنا فيِ قمةَ الراحةَ وَ قمةَ الوجَعَ
و أنَا فيِ قمةَ الإعتزازِ .. و قمة الذُل و الخضوعَ
و أنا فيِ قمةَ الإستغاثةِ .. وَ قمةَ الصَمتَ
و أنا في قمةَ الحنينَ ..و قمةَ الحِيرة
هُنا في هذهِ الأرض .!
حَيِنَ وقعتُ قدميكَ علىٰ هذهِ الأرض الخَيِرةَ ، وَ حِينَ ولدت أولىٰ خطواتكَ فيها ، تَخضرُ قدماكَ بِزهَوَ الذينَ استوطنوا الجَنةَ بَعدما كادوَ يتساقطونَ فِيِ هَاويةَ العذابِ الإليم ، بَعدما كانَوا  حُثالىٰ ذنبِ ، وَ أجندةِ لِهوىٍ ضَالِ ..
مَا إنَ تَخطو قَدماكَ حَتىٰ تَتَوطنكَ البِساتيِن ، و تَتَناثرُ منَ بينِ جنبيكَ الزَهرِ ، تَستقرُ على أغصانِ رأسك عَصافيِر
الطَمأنينةَ ، تَستأنسُ بِالخلوةَ ولا تَنالُ منكَ الوحَده بِعطبِ قَسوتها
هَذِهِ الأرضِ التيِ تُعرفَكِ كُل بقعةً فِيها ، وَ تعرف طُرقَاتَها التيِ تمرُ
فِيها أولَ مرهَ ، تُعانقَ غَربتكَ تَستلذُ بِها ، تأويِها ، وَ تَتَلو عَلىٰ اسَماعِها إياتَ الحَفظَ ..
( ٢ )
سَيديِ .. ياَ جِنانَ التائهين .
تَرىٰ كَمِ دَمعةً تهَاوتَ فِيِ هذا المَكانَ فَتربتُ علىٰ كتفِ صَاحبها
رحمةُ السمَاء ، تَرىٰ كَمَ مرةٍ تَلقَفتنيِ يداكَ وَسطَ هَذا الزَحُام ، لَملمَتَنيِ فِيَها مَنَ شُتَاتيِ ، مَلئت حُنجِرتيِ نشيِداً إليكَ ، أجِتثَثتَ
الخَنجِرِ المَسمومَ فيِ خَاصرتيِ !
كَمَ مرةٍ تَهَافَتتَ عَليكَ روحيِ شَوقاً إليكَ و خَوفاً عليكَ و فَرقاً منكَ ،
كَمَ مرةٍ ضَاعتَ لغَتيِ بينَ جِبالَ عظَمتكَ و وديانَ عَطفكَ و شَمسُ سُلطَانكَ ، أركضُ مراراً و أتعثرِ ،  وَ كلما تعثرتَ أستسقيتكَ فَيُغيِثنيِ زَمزَمك !
تَرىٰ كَمَ مرةِ أسندتُ تعبيِ علىٰ جدار غيابكَ .؟
كَمَ مرةِ دثرنيِ الإيمان بكَ وسط رياحَ الإنتظار و الخَذلان !
إيِنَ أنَتَ ؟!
لِما هَذهَ السَحَابةُ الثَقيلةَ و الكَبيرةَ منَ الغَيابِ ،
لِمَا كُلَ هذا البِعدَ عَنَا  ، لمَا كُلَ هذا الإلتصاقَ مَنا ، أسِيرُ فِيِ الطرقَات مَكسورةَ ، ردائيِ الوَحشَةَ ، أتتبعُ الخَطواتَ خَجلةَ أخَافَ أنَ يقعَ ضَلالَ خُطايِ  بِهدى خَطاكَ ،
فَتنكَشفَ عورةَ ذنَوبيِ !
اخَافُ ان استغيثَ بكِ
فَاغَاثُ بِماءِ كَالمُهل يشويِ الوَجوة .؟
أخَافُ أن إلهَجَ بإسمكَ فَيتَهاوى صَوت حَنيني خَرساً خَجِلاً ،
أخَافَ أن أسيرِ خَلفَكَ فَتنكسَرُ ساقِ عَزيمتيِ فوقَ جبِال الغَفلةَ
إينَ أنتَ ؟!
أرىٰ الحَمامَ مطمئن بكَ ، أرى السَماء تَستظلُ تَحتَ عرشِ روحَكَ
أرى القمِر يستنيرُ بكَ ، أرىٰ النجومَ تتهافتُ متلألةَ إليكَ
و أرىٰ دمَوعيِ صَائرةَ لكَ تستغيثُ بكَ تبكيِ عليكِ !
سَيديِ .،
أستطردُ بِداخِلي  كُل حيِ و إبقيكَ حياةً ، فَلا إلوذِ فيِ نهارِ حضورهم إلا بليلٍ غيِابكَ المتماديِ أفقهُ على آفاقِ آماليِ
وَ لا أسَتبصرِ فيِ عتمتيِ إلا إزليتكَ في العالمينَ


error: المحتوي محمي