شعر المرأة في القطيف.. بين الحضور والغياب

هل ثمة تأريخ لبداية ظهور الشاعرات في القطيف، فتُذكر أسماؤهن، ومنجزاتهن، وما أحدثن من آثار وتغييرات على مستوى الثقافة والمجتمع؟

القطيف مدينة تحوي من العلم والثقافة الكثير، إلا أن تميُّزها منذ القدم جاء عبر بوابة الشعر والشعراء، حيث الأجواء الجميلة، والطبيعة الخلابة، وكثرة الماء والأشجار؛ أثَّرت في نفوس أهلها، فصيَّرتهم أقرب للرِّقة، والجيشان العاطفي الشعوري، يستوي في ذلك الرجل والمرأة، إذ كلاهما متأثرٌ بالبيئة ومتغيراتها.

سؤال التأريخ الشعريِّ يستدعي البحث والتنقيب في الكتب والمرويات القديمة، وهو ما يتعذَّر اليوم لأسباب عدَّة، منها:
أ- عدم تدوين تاريخ المنطقة، والحركة الأدبية على وجه الخصوص.
ب- ضياع الآثار، أو عدم الالتفات إلى قيمتها.
ج- إتلاف الكتابات، وعدم المحافظة عليها.

تتعدد الأسباب، وتظل النتيجة واحدة؛ غياب الكثير من المظاهر الأدبية الثقافية، وضياع الكم الهائل من الكتابات الشعرية والنثرية، وعلى رأسها كتابات المرأة، التي تحمَّلت جزءًا من المسؤولية المعيشية للأسرة، فكانت تساعد الأب والزوج في أعباء الحياة.

مع تغيُّر الحياة، وميلها للسهولة؛ برزت أسماء شعرية، أصبح لها حضور على الساحة الثقافية، فيكفي تعداد الشاعرات، اللائي بدأن مسيرتهن منذ سنوات قليلة؛ لإدراك حجم التأريخ المهمل في المنطقة:
1- حوراء آل محمود
2- ريما الحايك
3- ماجدة آل قرين
4- زينب المعراج
5- وفاء الطويل
6- زهراء آل وشح
7- مريم آل رمضان
8- فاطمة هاني
9- منى الشقاق
10- زينب آل غزوي
11- نجاح الدهان
12- نجاح الفوار
13- أمامة الشاخوري
14- فتحية مرار
15- زهراء المدن
16- نادرة المرهون
17- أمينة الثواب
18- سلمى قرين
19- نسيمة أبو زيد
20- فاطمة الحبيب
21- نعيمة المزرع
22- خديجة العسكري
23- زهراء المنامين
24- رضية حسين
25- صفية العلي
26- نرجس العبيدي
27- إيمان العقيلي

التعدادُ يفرز سؤالًا حول غياب الشاعرة القطيفية عن المشاركة الفاعلة في الساحتين؛ المحلية والخارجية، فما أسباب الغياب؟

ثمة سمات متوفرة في الشعر النسائي القطيفي؛ سببت غيابه عن الساحة الثقافية، وفي المقابل ثمة سمات غابت عن شعرهن، لو توفرت؛ لتمكنَّ من الحضور والتأثير محليًّا وخارجيًّا.
أولًا: السمات المتوفرة في الشعر النسائي القطيفي:
1- الشعر بديل عن البوح المباشر، المعتمد على الإفراغ العاطفي، حيث تلجأ الشاعرة إلى المجاز والتورية والكناية؛ لإيصال الرسائل لمن تقصدهم بشعرها، مثل قول الشاعرة زهراء شوكان:
دثَّرتهُ طعمَ المجازِ مُشربًا حبًّا وشوقاً كي يُجيد لغاتي
أو مثل قول الشاعرة فاطمة الدبيس:
من هناك..
في تلك الانزياحات الباهظة التي خلقتني
من فيض المجازات التي أوَّلت أنسنتي
ابتدأتْ حكاية الوجع في مضغتي
وانهمرتْ بين أوراقها ريبتي..
2- الكتابة للذات لا للآخر، حيث إفراغ المشاعر يتَّجه إلى الأهل والأصدقاء، فتكتب إرضاء لمشاعرها، تقول الشاعرة فاطمة الدبيس:
هناك
حيث أغرق في مفردة الحب الحقيقي..
في معجزة الشعور الذي يجعلني أشع..
3- التركيز على الشعر الديني، والاكتفاء به، إذ يُنظر إليه كوسيلةٍ توصل إلى القرب من الله، وهو ما يجعل الشاعرة تدور في فلك الألفاظ والأفكار نفسها مع كل كتابة، تقول الشاعرة زهراء شوكان:
إني رجوتكَ بالمختار أحمدنا وذاك بابٌ عظيمٌ جئت أقرعه
وبالنقيِّين آل البيت سادتنا وهم نجاتي وعشقٌ لست أقطعه

ثانيًا: السمات الغائبة عن الشعر النسائي القطيفي:
1- البعد عن تجارب الأمم والشعوب الأخرى، وعدم الاستفادة منها شعريًّا.
2- الضعف الفني وانقطاع التجربة، وربما توقفها.
3- قلَّة المخزون اللغوي وضعف المعجم الشعري؛ ما يؤدي إلى تكرار الشاعرة لنفسها.
4- عدم الاطلاع على المنجزات الشعرية الحديثة.
5- عدم تطوير التجربة وإغلاق باب التجريب والاكتفاء بالمستوى الذي وصلت إليه.
6- ضعف التشجيع من العائلة والمجتمع، ورفضهم أحيانًا نشر القصيدة، أو حتى مجرد كتابة اسم الشاعرة عليها.
7- الانشغال بالعائلة وتربية الأطفال، وكذلك تلبية دعوات المناسبات المختلفة، حيث تستهلك معظم الوقت.
8- عدم حضور الفعاليات الثقافية والشعرية، ما يُبعدها عن المحيط الثقافي.

السمات المتوفرة والغائبة تؤثر في شعر المرأة، وقد تؤدي إلى ضمور موهبتها بمرور الوقت، لهذا ينبغي على كلِّ شاعرة أن تهتمَّ بتجربتها، فتحافظ عليها، وتعمل على تطويرها، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لإبراز موهبتها.



error: المحتوي محمي