عندما كانت الحمى تصيب أحدنا في سنوات الصبا، نزور الطبيب، يزرق حقنةَ دواء في الوريد ويطبطب على ظهورنا: معافى إن شاء الله، خذ راحة ولا تستحمّ ثلاثة أو أربعة أيام! كان ذلك في الماضي، فهل يشارك أطباء اليوم الأطباءَ القدامى النصيحة بعدم الاستحمام؟
أجزم أن أغلب القراء الكرام – وأنا معهم – نستحمّ يوميًا، لكن دراسة في “Harvard Health Publishing” أو قسم الإعلام والنشر في كلية الطب بجامعة هارفارد نشرت في تاريخ 16 أغسطس 2021م تحت عنوان “الاستحمام يوميًّا – هل هو ضروري؟” لا تنصح بالاستحمام كلّ يوم ومن يرغب في تفاصيل الدراسة كاملة يستطيع أن يجدها في محلها وملخصها هو:
الاستحمام كل يوم قد يكون غير صحيّ، حيث يحافظ الجلد الطبيعيّ والصحيّ على طبقة من الزيت وتَوازن البكتيريا الجيّدة والكائنات الحيّة الدقيقة الأخرى، لكن الغسيل والتنظيف كلّ يوم يزيل هذه الأشياء، خاصة إذا كان الماء ساخنًا، حيث إنه يمكن أن يسبب جفافًا في الجلد أو تهيجًا أو حكة، وقد يسمح الجلد الجاف المتشقق للبكتيريا والمواد المسببة للحساسية باختراق الحاجز الذي من المفترض أن يوفره الجلد؛ ما يسمح بحدوث التهابات الجلد وردود الفعل التحسسية.
على الرغم من عدم وجود تكرارٍ مثالي، إلا أن الخبراء يقترحون أن الاستحمام عدّة مرّات في الأسبوع يعد كثيرًا لمعظم الناس (إلا إذا كنت متسخًا أو متعرقًا أو لديك أسباب أخرى للاستحمام كثيرًا). يكفي أن يكون الاستحمام قصيرًا (يستمر لمدة ثلاث أو أربع دقائق) مع التركيز على الإبطين والفخذين.
تحتاج أجهزتنا المناعية إلى قدرٍ معين من التحفيز بواسطة الكائنات الحية الدقيقة الطبيعيّة والأوساخ والتعرضات البيئيّة الأخرى من أجل تكوين أجسام مضادة واقية و”ذاكرة مناعية”. هذا هو أحد الأسباب التي تجعل بعض أطباء الأطفال وأطباء الأمراض الجلديّة يوصون بعدم الاستحمام اليومي للأطفال. قد يؤدي الاستحمام أو الاستحمام بشكلٍ متكرر طوال العمر إلى تقليل قدرة الجهاز المناعي على أداء وظيفته.
كان السابق ملخصًا لما ورد في المقال. وهو على عكس ما تفعله الأمّهات – عن حسن نية وطيبة – من فرك ودعك للأطفال مثل الثياب المتسخة حتى يحمر الجلد من أثر الليف الخشن! وقد يكررن ذلك أكثر من مرّة في اليوم! هذه الخلاصة العلمية لا تتعارض مع النظافة الواجبة والمطلوبة من الدين بالأغسالِ الواجبة والمستحبة، إذ يكفي كمية بسيطة جدًّا من الماء للغسل!