المعرفة الشرعية لليوم وأهميته في العبادات

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين .

{المعرفة الشرعية لليوم وأهميته في العبادات}
اليوم الشرعي في الفقه تترتب عليه مجموعة من المسائل الشرعية المهمة جدآ وقبل البدء في تبيانها نتشرف بذكر بعض الآيات القرآنية المباركة والتي ورد فيها كلمة اليوم أو أيام :-
*آيات ورد فيها ذكر《يَوْمٌ/أيام》
1-مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴿٤ الفاتحة﴾
2-وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٧٤ البقرة﴾
3-قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ﴿٢٥٩ البقرة﴾
4-فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ﴿٦٥ هود﴾
5-إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ۖ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيم.ٌ(155 آل عمران) .
*نلاحظ ان الآيات القرآنية جاءت بعدة معاني وتعريفات لليوم ولم تقتصر على معنى واحد بل بعضها جاء بمعنى :-
1-اليوم هو النهار يعني من طلوع الشمس إلى الغروب .
2-اليوم هو القطعة من النهار.
3-اليوم على نفس الحادثة.
4-اليوم هو ما يشتمل على النهار والليل. وبما ان الآيات القرآنية لم تحدد أن اليوم ما هو في موازينه في بعض الأحكام وكذلك الروايات الشريفة كانت مطلقة، فعليه نشأ الخلاف في تعريفه ، كما أنني لاحظته من المباحث الدقيقة في تعريفه ودقة تحديد مبدئه ومنتهاه :-
1- هل هو على نحو الدقة العقلية؟
2- هل هو على نحو الدقة العرفية ؟
3- هل هو على نحو التسامح العرفي ؟
إلا في بعض الموارد التي جاء بها محكم التنزيل كما جاء في الآية الكريمة والخاصة بالصيام .
1-وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ (ۚ187 البقرة) .
**《تنبيه مهم في المقام》**
والحق من هذه المعاني هو أن اليوم يشتمل على النهار والليل
على نحو( الدقة العرفية)
كما هو مختار كثير من الفقهاء وأصحاب التفاسير حسب تتبعي القاصر لبعض التفاسير التي اعتمد عليها في بحوثي وهي :-
1-فالمراد بعدم تكليم الناس عدم القدرة على تكليمهم، من قبيل إطلاق اللازم و إرادة الملزوم كناية، و المراد بثلاث ليال بأيامها و هو شائع في الاستعمال فكان (عليه السلام) يذكر الله بفنون الذكر و لا يقدر على تكليم الناس إلا رمزا و إشارة، و الدليل على ذلك كله قوله تعالى في القصة من سورة آل عمران: “قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا و اذكر ربك كثيرا و سبح بالعشي و الإبكار”: آل عمران: 41.( الميزان ج 14)
2- والمراد بثلاثة أيام مع لياليها بقرينة قوله تعالى في موضع آخر {ثلاث ليال سويا} سورة مريم (مواهب الرحمن ج 5)
3-دل ذكر الليالي هنا والأيام على أن ذلك كان ثلاثة أيام بلياليها . (الطبرسي)
كما هو مختارهم في المقام بأن اليوم يشمل النهار والليل، فعليه تترتب كثير من المسائل الفقهية المهمة فمنها مثلا:
1-كيفية حساب أيام الإقامة الشرعية .
2-حساب أيام الدورة الشهرية للنساء .
3-ثلاثة أيام بيع خيار الحيوان .
وإلى آخره. وسوف نستعرض مسألتين في المقام أو ثلاث بحسب أهميتها من الابتلاء :-
أولا: مسألة الإقامة
1- إذا كنت مسافرا فما هو أقل ما يتحقق به الإقامة التي يجب معها الصلاة تامة من دون قصر ومتى يصح الصوم ومتى لا يصح في السفر؟ وهل يختلف في بداية حساب اليوم إذا نزلت في بلدة ما بالليل أو النهار؟ وهكذا للمرأة هل يختلف حساب أقل الحيض عندها على ابتداء خروج الدم ليلا أو نهارا؟ ومتى يقال لها أنه قد تجاوزت أكثر الحيض؟
وبعبارة أخرى أن في الفقه بعض المسائل تطرح هكذا: يصلي المسافر الصلاة الرباعية تماما إذا أقام عشرة أيام.
أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة. وأقل الطهر للمرأة هو عشرة أيام.
فلو أن المسافر وصل إلى البلد الذي سيقيم فيه ليلا فمتى يحسب بداية اليوم ومتى تكون نهايته حتى يقال أنه قد أقام عشرة أيام؟ وماذا لو كان وصوله في النهار؟
ومتى يتحقق أقل الحيض وأكثره هل هناك فرق بين أن يكون بداية نزول الدم عليها في النهار أو الليل؟
مثل هذه الأسئلة تتحدد بمعرفة كيف يحسب اليوم في الفقه؟ ويترتب عليه مسائل تتعلق بصحة الصوم وعدمه ووجوب قضاءه وكذا بصحة الصلاة وعدمها وكذا بالقصر والتمام.
الظاهر أن المسألة أصبحت كبيرة ومتشعبة ولكن كل ذلك سيتضح في التطبيقات بعد معرفة الحساب الشرعي و طريقة الحساب إذا عرفناها سيسهل علينا التطبيقات المختلفة.
ولكن قبل بيان حساب اليوم الشرعي أريد ان أضع ملاحظة مهمة وهي: أن حساب اليوم يحقق شرطا من شروط الحكم للمسألة الفقهية أي أنه ومجموعة من الشروط إذا تحققت فإن الحكم يعتبر فعليا في حق المكلف وهذا ما يحتاج إلى توصيح في المقام .
2- كيفية حساب اليوم الشرعي:
يختلف حساب اليوم الشرعي باختلاف مبدأ الحساب وباختلاف منتهى الحساب إلى ثلاث مسائل:-
المسألة الأولى:
أ/ أن يكون ابتداء حساب اليوم من وسط النهار فيكون منتهاه هو اليوم التالي في نفس الوقت أي 24 ساعة وهذا ما يعبر عنه باليوم التلفيقي أي اننا نكمل حساب اليوم الذي وصلنا فيه ونلفق له بما نقص منه من اليوم التالي مثلا: المسافر يقدم إلى بلد ما الساعة الثامنة صباحا يوم السبت فإنه يكمل يومه الشرعي الساعة الثامنة صباحا من يوم الأحد.
وعليه فحتى يكمل عشرة أيام كاملة وهي أقل الإقامة الشرعية التي يجب عليه أن يتم الصلاة ولا يجوز له أن يقصر فيها فإنه يكملها يوم الثلاثاء من الأسبوع الذي يليه الساعة الثامنة.
وطريقة الحساب هذه《متفق عليها بين الفقهاء》.
المسألة الثانية: أن يكون ابتداء الحساب أول النهار فيكون منتهاه هو أخر النهار ولكن يحتاج المكلف أن يعرف رأي مرجع التقليد الذي يعتمد عليه فالمسألة خلافية في بداية النهار وفي نهايته فبعض الفقهاء يرون الابتداء للنهار هو أول الفجر الصادق أي عند أذان الصبح والبعض (كما هو رأي زعيم الطائفة السيد السيستاني وكل من يتبناه) .
ب/المبنى الآخر يرى الابتداء عند أول شروق الشمس (كما هو رأي زعيم الطائفة السيد الخوئي وكل من يتبناه) ، وهكذا الاختلاف في النهاية فبعض الفقهاء يرى نهاية النهار بسقوط قرص الشمس والبعض الآخر يرى أن نهاية النهار عند ذهاب الحمرة المشرقية.
على كل حال نبين في المثال ببداية النهار ونهايته بغض النظر عن الاختلاف الفقهي فكل يرجع إلى فقيهه لتحديد ذلك.
مثال :: فإذا دخل المسافر بلد ما يوم السبت أول النهار بما بيناه فإن يومه الشرعي ينتهي بنهاية ذلك اليوم وحتى يكمل عشرة أيام كاملة فإنها ستنتهي يوم الاثنين عند نهاية النهار أي عشرة نهارات وتسع ليال بينها.

المسألة الثالثة: وهو نفس الطريقة في الطريق الثاني ولكن بإلغاء الليلة الأولى والليلة الأخيرة .
مثال/فلو أن المسافر وصل منتصف الليل فإن هذه الليلة لا تدخل في الحساب بل تلغى ويبدأ الحساب من أول النهار وهكذا لو أراد الخروج في الليل فإن الليلة الأخيرة لا تحتسب وإنما يحسب أخر النهار السابق على تلك الليلة.
وهكذا عرفنا كيف نحسب اليوم الشرعي بداية ونهاية ولكم بعض التطبيقات كي يسهل الأمر أكثر:

3. من أهم التطبيقات لحساب اليوم الشرعي حساب .
( أيام الدورة الشهرية).
نفس التطبيق في الحساب وعلى حسب رأي الفقيه في بداية اليوم
مثال/لو طرقها الدم من الفجر ليوم السبت الى يوم الإثنين عند الغروب تنتهي ثلاثة الأيام ، على رأي من يرا بداية اليوم من الفجر
{مبنى والدنا زعيم الحوزة النجفيةالسيد السيستاني وكل من يتبناه} .
ومن يرا بداية اليوم من طلوع الشمس {مبنى زعيم الطائفة السيد الخوئي وكل من يتبناه}.
مثال آخر /لو طرقها الدم في الساعة التاسعة من يوم السبت تنتهى الأيام الثالثة في يوم الثلاثاء الساعة التاسعة .《مسألة متفق عليها 》
مثال آخر /لو طرقها الدم في الليل تبدأ حساب أيامها من الفجر ولا تحتسب الليلة من ضمن الأيام الثلاثة يعني بعبارة أخرى ليست داخله من ضمن الأيام وإن كان يترتب عليها احكام الحائض .《مسألة متفق عليها》.

نسأل الله تعالى لنا ولكم الوصول لأعلى منازل الكمال بالتفقه في أحكامه ببركة الصلاة على محمد وآل محمد.


error: المحتوي محمي