دمجت بين الفن والخط العربي وسط لوحاتها فكانت لمسات الخط العربي وفنونه هي بصمتها المميزة في لوحاتها، ولم تكتفِ بهذا الدمج بل دمجت الجمال برسمه تارة على لوحاتها التي تتزين بها معارضها ومشاركاتها في مختلف البلدان، وبرسمه أخرى على وجوه زبائنها ليتزينّ بلمسة من مكياجها المتوسم بوسم الفن الجميل.
ولأن الجمال وصانعيه مصدر إلهام، فقد تم استضافة الفنانة التشكيلية ورائدة الأعمال في مجال التجميل “إيمان محمد سعيد الجشي” لتكون ضمن لقاء تجارب نسائية مميزة “ملهمات” الذي نظمته جمعية العطاء النسائية، وأقامته عبر حسابها بالإنستقرام، حيث حاورتها الإعلامية باسمة الغريافي.
بين المنزل والمدرسة
أن تكون ناجحًا فهذا يدل على أن بذرتك تم سقيها من البداية بعناية، وأول محطات السقاية تكون في البيت والمدرسة، وهذا ما حظيت به “الجشي” بين تشجيع والدتها التي كان ترسم على القماش وتعمل على خياطته، وبين تشجيع مدرساتها بمراحل المتوسطة والثانوية ومن بينهن معلمتها ابتسام الجشي التي أثنت على دورها، وكذلك معلمتها الراحلة أميمة الزاير، والتي كانت تتابعها وتزور معارضها وتشجعها بكلماتها.
ووجهت شكرها لزوجها الذي يتفهم سفرها وانشغالها بأعمالها، حيث كان يسافر معها ويحضر معها الأمور المهمة فكان خير داعم لها.
بصمة فنان وأرقام خيالية!
قد لا يتعجب البعض حين تُعرض لوحة لفنان معروف له بصمته الخاصة وتُباع بأرقام خيالية عبر المزادات العالمية، لكن قد يكون لافتًا لهم أن أرقامًا خيالية تفرض للوحات فنانين معاصرين، فينبثق السؤال: هل يُعد الفن التشكيلي مصدر رزق جيد يُعتمد عليه كوظيفة؟
هنا ذكرت “الجشي” ضرورة أن يمتلك كل فنان بصمة خاصة به وبأسلوبه، وعبرت عن سعادتها حين يرى أحدهم عملًا من أعمالها ويتعرف عليه وينسبه لها فورًا، وأشارت إلى أن هذا الأمر لا يصل له الفنان بسهولة فهو لا يأتي إلا بعد مروره بمراحل عديدة في إنشاء خطه وأسلوبه الخاص فيه.
وبينت أن الفن سيكون مصدر رزق للفنان إذا استطاع تفريغ نفسه للتسويق للوحاته أو عمل “براند” أو نسخ منها لتكون أسعارها مناسبة، خاصة أن الأعمال يكون سعرها مرتفعًا وليست في متناول الجميع، كما أضافت أن مقدرة الفنان لعمل ورش عمل ودورات تدخل له دخلًا ماديًا، وعقبت: الفن مصدر رزق و”يأكل عيش” هذا يعتمد على الفنان إذا كان يستطيع فعل هذه الأمور.
قيمة عالية
وبينت “الجشي” السبب الذي يجعل بعض اللوحات ترتفع قيمتها، حيث يرجع ذلك لعدة عوامل مثل موضوع اللوحة والعناصر والتكوين والألوان وغيرها، مضيفة أن بعض الأعمال تحمل قصة أو قضية، والفنان يرسم على سجيته ولا يعلم إن كانت لوحته ستلقى صيتًا أو شهرة أم لا، فذلك يعود للحظ والصدفة.
وعقبت على الأسعار الفلكية لبعض اللوحات خاصة بالمزادات، فهناك خبراء لديهم نظرات في الفن يعود لها ارتفاع قيمة العمل لمئات الملايين.
الفن التشكيلي والذكاء الاصطناعي
ولأن الرسم فن متجدد يواكب الزمن حتى في ذكائه الاصطناعي، ظهر الرسم بالذكاء الاصطناعي الذي ذكرت “الجشي” أنه أحدث ضجة بنزوله القوي على الساحة الفنية، وهو يعتمد على برامج في الكمبيوتر وتتلخص فكرته أنه قد يستخدمه أي أحد حتى لو لم تكن له علاقة بالرسم، وحين يتم إدخال كتابة أو مقولة يوجهها للبرنامج فمن خلاله يصمم رسمًا تشكيليًا، ونوهت بأن هناك أعمالًا مبهرة، ومن خلالها صممت أعمال ملحمية كما رُسم في شهر المحرم باستخدام هذا الفن.
وذكرت “الجشي” أن السؤال الذي يتبادر مع ظهور هذا النوع من الرسم هو هل ستلغي هذه التقنية الفنان أم ستكون إضافة جديدة على الساحة؟، وأشارت إلى أنه سبقه الرسم الرقمي وكان هناك تخوف من ظهوره لكن أصبح له فنانوه وأتقنوه، وبالطبع سيكون للرسم بالذكاء الاصطناعي فنانوه.
رحلة لوحة لا تُباع
ما بين وقت وجهد وأدوات وألوان ورسم أفكار واشتراك بمعارض وتكاليف نقل وغيرها، كلها تمثل رحلة للوحات الفنان الذي يشارك في معارض قد يكون محظوظًا لو تم اقتناء لوحاته وحصد فائدة مادية تعوض تكاليفه فكيف لو كانت مشاركاته بمعارض تكون فيها لوحاته للعرض فقط لا للبيع، حيث ذكرت الجشي أن 90% من العرض لا يباع فيه، والفنان الذي يحمل في داخله حبًا وشغفًا لا يهمه هذا الأمر فالأهم أن تُرى أعماله من قبل الناس ويراها المتلقي فهو بها يمثل دولته وبلده، فمسألة العرض فقط فيها جوانب عديدة حتى يستمر الفنان في فنه، فكل معرض يطرح له فرصة أخرى ومشاركة أخرى بدولة مختلفة، فلا بد من وجود تضحية وصبر من قبل الفنانين.
معارض وإنجازات
وتحدثت “الجشي” عن معرضها الأول الذي حقق أكبر مبيعات في ذلك الوقت وحظي بصيت حينها حيث بيع فيه 45 عملًا من أصل أكثر من مائة عمل، حيث عرضت “الجشي” كل تجاربها، وأشادت بدور أهلها ومن ابتاع شيئًا من أعمالها في دعمها وتشجيعها ونوهت بقولها: إن الفنان بدون أهله وناسه ومجتمعه لايساوي شيئًا.
وأشارت لانجذاب الشعوب للحرف العربي الذي تزدان به لوحاتها، والذي قالت إنها درست المدارس التشكيلية المختلفة وحين انطلقت لتبحث عن ذاتها وجدت ذاتها في الحرف العربي.
وحازت “الجشي” على جائزة البردة التي تقام سنويًا بمناسبة المولد النبوي بالإمارات لعام 2018م بحصولها على المركز الثالث في فئة الحروفيات.
وتحدثت عن معرضها الأخير الذي أقيم بالرياض وحمل اسم “لبيك” والعرض الذي رفضته من أحد الأجانب لإحدى لوحاتها حفاظًا على قدسية موضوعها.
لوحة لم تُقبل وعُرضت بمطار العلا
وبينت “الجشي” أن الفنان أصبح له قيمة ووزن بعد مبادرة سمو ولي العهد، والتي تدعو لاقتناء أعمال الفنانين السعوديين في جميع الوزارات والدوائر الحكومية حيث ساعدت المبادرة الفنان السعودي ليرتقي وتقتنى أعماله، وعن قصة لوحتها التي أصبحت من مقتنيات مطار العلا، ذكرت أنها كانت مشاركة باللوحة في معرض بالإمارات لكن تم إرجاعها لأنه لم يتم قبولها، وعبرت عن استيائها لعدم قبولها، ولكن بعدها حادثتها شركة بريطانية حيث رأوا العمل عبر الإنستقرام ووافقت ووضعت لهم سعرًا واستغرق الأمر سنة حتى تمامه ولم يخبرها أحد أين سيكون العمل، إلا بعد أن تم عمل لقاء معها وبعدها أصبح العمل في مطار العلا، وعبرت بقولها: كان حلمًا حيث إن نجاح الفنان في أن ترى أعماله بهذه الأماكن.
بين التلوين والتجميل
وبعيدًا عن فرشاة الرسم على اللوحات والفن التشكيلي، قد لا يعرف البعض أن “الجشي” فنانة تجميلية وآرت تست تجيد استخدام فرش المكياج لتغدو صور زبوناتها بأبهى صورة في مناسباتهن السعيدة.
وذكرت “الجشي” أنه ليست كل فنانة تشكيلية هي آرت تست لأن هناك فنانات لا يجدنه، وبينت أن علاقتها مع التجميل والمكياج أصبح ملكة، حيث إنها من صغرها كانت تجرب المكياج على أخواتها حتى امتهنت هذا المجال وأصبحت لها عميلاتها وعرائسها وخرجت تجميليات كثر من تحت يديها في هذا المجال.
وذكرت أن مجال التجميل مجال كبير جدًا ويحتاج إلى وعي وأن تكون ملمًا بكل جديد وأن تكون متابعًا لكل شيء يخصه وتحضر الدورات والكورسات الخاصة به.
وأوضحت “الجشي” أنه لولا مصدر الرزق من ناحية التجميل لما كان لديها اهتمام بالناحية الفنية، لأن الفن يحتاج لسفر وتنوع في الألوان والأدوات وغيرها ويحتاج مصدر دخل وهذا أمر مهم للفنان، وقالت: كنت أعتمد على مصدر الدخل في التجميل حتى أستطيع الصرف على الفن فهو كان مصدرًا لتغذيته.
رسالة إلهام
ووجهت “الجشي” رسالة لتلهم بها القادمين لساحة الفن، بحثهم على عمل الشيء الذي يحبونه فإذا أحبوه عملوه بصدق وبأفضل ما لديهم ويكون فيه تقديم النفس فيه كفنان أو فنانة قطيفية أولًا وسعودية ثانيًا وتقديم النفس بصورة لائقة، مع الاهتمام بالجانب الاجتماعي حتى من ناحية المبادئ والقيم، فلابد من أن يكونوا منتبهين خاصة مع الجيل الجديد الذي يتعرض لكثير من المؤثرات.
وقالت: أتمنى من الجيل القادم الذي سيمتهن هذه المهنة أن ينتبه لنفسه ولا يتسرع وينجرف مع التيارات والشهرة الزائفة فلا بد من أن يقدم نفسه بما يليق بنفسه وبمجتمعه وبلده.