ترتبط صحة الإنسان في جميع مراحل حياته بغذائه لا سيما أننا نعيش عصر التقنيات، في وسط وبيئة بها ما يؤثر على صحتنا من كل جانب، ولا يخفف من ذلك إلا معرفة حقيقة الأمر، لقد عرفنا أمراضًا لم تكن معروفة من قبل، بل ودخلنا عصر الأمراض المستعصية.
بداية، نحن لا يمكننا أبدًا أن ننتقص من حجم الانتصارات العظيمة التي حققها الطب الحديث، ولكننا نعي أن الله سبحانه وتعالى خلق النباتات والأعشاب لينتفع بها الإنسان فيجد فيها ما يسد رمقه ويطفىء ظمأه، وأيصًا ما يبرئه من أمراضه وعلله، وقد أوحى الخالق من علمه غير المحدود إلى الإنسان ليهتدي إلى النباتات الشافية من الأمراض عن طريق الملاحظة والبحث والتجربة العلمية، لكن المشكلة هي أن الكثير من الأمراض التي يصاب بها الإنسان لا يوجد لها حتى الآن علاج ناجع في الطب الحديث، وفي أحيان أخرى يكون العلاج من الشدة بحيث تسبب مضاعفات جانبية خطيرة وعواقب كارثية على المريض، مما جعل الكثير من المرضى يتريثون في استخدام تلك العلاجات، والبحث عن علاج طبيعي لأمراضهم بعيدًا عن الطب الحديث الذي هو طب كيميائي بالدرجة الأولى.
وبالرغم من المجهودات الكبيرة التي يبذلها الباحثون، وتراكم المعرفة والمعلومات عن دور الغذاء في علاج الأمراض، إلا أنه ما زال هناك تساؤلات يتصورها صانعو مافيا الأدوية أو مبتدعو العلاجات الكيميائية أو معارضو التداوي بالمستخلصات النباتية والعشبية عن حقيقة ذلك الدور، وبعيدًا عن الشكوك التي لا جدوى منها، دعونا نضع بعض المعالم التي نرجو أن تكون سببًا في التخلص من معظم مشكلاتنا الصحية، ولا نقف عند أولئك العلماء الذين يسعون بما فتح الله عليهم، وقد تصيب نتائجهم أو تخيب ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ سورة يوسف 76.
وليس صحيحًا أننا لا نملك إلا الأدوية فقط، ولا نعرف إلا الذهاب للطبيب!! فهناك دراسات أظهرت أن أفضل طريقة لمكافحة نمو الخلايا السرطانية تنطلق من تصحيح العادات الغذائية، إن الغاية المقصودة من الغذاء هي على وجه التحديد، حفظ قدرة الجسم وحيويته، وتحقيق نموه، ووقايته من الأمراض، والحقيقة أن الغذاء هو الحياة لأنه مرتبط ببقاء الإنسان ووجوده وقدرته على السعي وراء الرزق ومتطلبات الحياة، والاستمتاع بمباهجها، لا شك في أن التوجه للاهتمام بالنباتات والأعشاب بمثابة صيدلية طبيعية، قد أخدت تنتشر بصورة كبيرة جدًا بين الناس، كما أظهرت الدراسات الحديثة ضرورة العودة إلى الطبيعة التي أعطت فاعلية عظمى في مداواة أمراض مختلفة ومشكلات صحية يصعب علاجها، هذه القيمة العظيمة والمكاسب العلاجية – عملية – وبسيطة – ومنسجمة مع الطبيعة، وقائمة على التجربة والاختبار، وقد طبقتها على نفسي وعرفت نتائجها، وأوصي الناس باتباعها، وسيلمس القراء ذلك.
إن أعظم المصادر الطبيعية للفيتامينات والمعادن والألياف الغذائية ما تحويه العصارات النباتية، نتناولها نيئة، أو قضمًا، وإلا فاعصرها، ولجني فوائدها اعصر الكرفس والجزر والأناناس والتفاح مع الرشاد، والسبانخ مع الكرفس، والتفاح مع الجزر، وتناول منها عوضًا عن الماء، واحرص على شربها فور عصرها لكيلا تضيع فيتاميناتها الثمينة، ولا تضف إليها سكرًا، بل عوّد ذوقك على تناولها بطعمها الطبيعي.
هناك أدلة علمية تشير إلى وجود مركبات في الخضروات الطازجة خضراء اللون كثيفة الورق، تلك الأغذية الطبيعية والحية استطاعت أن توقف الانحطاط الجسدي، وتحميه من المرض والتعب واجتياز مصاعب الحياة واكتساب الحيوية والنشاط، الأغذية التي تقودنا إلى نتائج واضحة قدمت للإنسانية دواءً شافيًا.
ما زالت الأبحاث تؤكد أن في الخضروات الطازجة والفواكه فوائد ودعوة للوقاية من الأمراض، وما زلنا نرصد ما جدّ من تلك الدراسات، إن في الفواكه والخضروات مثل الليمون البرتقال والجوافة والفلفل الحلو فيتامين C مضاد الأكسدة الواقي من أمراض القلب والسرطان بإذن الله تعالى، وإن في الطماطم والجزر وبعض الخضروات الأخرى الداكنة فيتامين A أو مشتقاته وشبيهاته مثل البيتا كاروتين والليكوبين، وهذا الفيتامين مضاد أكسدة وواقٍ من بعض أنواع السرطانات بإذن الله تعالى، وفي الخضراوات الطازجة فوائد أخرى ففيها الألياف الغذائية وهي غنية بالفيتامينات.
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن لمنتج رخيص الثمن وفي متناول كل شخص، ويباع دون وصفة طبية، أو إرشاد طبيب، أن يكون له مفعول السحر في جسد الإنسان القلق المنهك، ويصلح ما أفسد الدهر، ويكافح السرطان، ويعزز الجهاز المناعي.. ؟!! هل يعقل لهذا الغذاء المعجزة أن يكون وصفة شعبية لمرضى يعانون من أمراض مستعصية في متناول الجميع ؟!! تحفل الطبيعة بأنواع كثيرة من الخضروات التي تشكّل بمجموعها وحدة متكاملة من مصادر الغذاء، فهي مصدر غني بالفيتامينات والمعادن والألياف الغذائية، وهذه العناصر بمجموعها تعد وسيلة الحياة والنمو والوقاية من الأمراض.
لقد أثبتت الدراسات أن في الخضروات الحل السحري للمرضى وفوائد أكبر بكثير مما كان مقدرًا. يمكن عن طريقها رفع الكفاءة الدفاعية – والهجومية – للأسلحة المقاومة ضد مختلف الأمراض في الجسم، وتلك التي تضعف قدرتها كحصن منيع ضده، هذه الدراسات أثمرت عن حلول عدة، من بينها المداومة على تناول الأغذية التي تدعم مقاومة الجسم وتساعده في السيطرة على المرض. اختيار تشكيلة يومية من أجمل الخضراوات المتاحة والميسرة من جزر وجرجير وبقدونس ونعناع وكرفس وفلفل وخيار وطماطم وغيرها، وغسلها جيدًا وتقطيعها ووضعها في الخلاط وتناولها، لتهدئة الأعصاب وزيادة القدرة على التركيز، وتجديد نشاط الخلايا، والاحتفاظ بشباب أطول، كما أنه يكافح الإحساس بالإرهاق والتعب، ويعد من أفضل ما يمكن تناوله لتنظيم عمل وإخراج الأمعاء لمن يشكون من الإمساك أو الإسهال الخفيف، ونظرًا لغنى المشروب بمادة الكلوروفيل “اللون الأخضر في النباتات” فإنه تساعد جهاز المناعة على القضاء على الخلايا السرطانية في الجسم. هي كنوز من الصحة في غذائنا، هذا هو السلوك الغذائي الرائع.
هناك دراسة بجامعة نوتنجهام، أظهرت أن المأكولات الغنية بالألياف الخضراء تكافح السرطان، فالأشخاص الذين يتناولون تلك الأغذية أقل عرضة من غيرهم للإصابة بالسرطان. ومن هذا المنطلق يكون تناول العصائر الخضراء الغنية بالكلوروفيل والعناصر الغذائية الأخرى لمواجهة الخلايا السرطانية التي تدمر الجسم؛ فهي تعطي الدم الكثير من الأوكسجين؛ وتخلصه من نواتج وسطية حامضية التأثير مثل كيتونات والدهنيات التي ترفع حموضة وتسمم الدم، مما يجعل الدم قلويًا وغنيًا بالأوكسجين، وإذا كان دمك قلويًا فأنت توقف تكون الجذور الحرة التي تحطم الحامض النووي في الخلية، قد يستغرق هذا بضعة أيام أو بضعة أسابيع، لكنه في النهاية سيتوقف، يجب أن يصل الدم لدرجة الحموضة الشافية، فرقم 7.36 يعد مثاليًا. لكن في مرحلة الشفاء، يجب أن تصل حموضة الدم إلى 7.5 ويكون نظامك قلويًا بشكل أكبر.
– “أدوية الطبيعة السبعة الممتازة” هذا عنوان للكتاب الذي ألفه الدكتور جون هينرمان، في الفصل السادس من الكتاب تحدث عن السرطان، يذكر الكاتب أنه زار عددًا من المصحات الطبيعية في المكسيك والتي اشتهرت بإمكانية علاج السرطان والشفاء منه، وأنه قام بدراسة الأنشطة العلاجية الطبيعية فيها. وقد وجد أن أكثر تلك المراكز نجاحًا في معالجة السرطان، وهي تدرج ضمن برنامجها العلاجي الغذائي نوعًا من الكلوروفيل النباتي على هيئة مشروبات خضراء تقدمها لطالبي العلاج. وأفضل وصفة طبيعية تساعد على منع الإصابة بالسرطان أو العلاج منه إن كان الشخص مصابًا. وتعد الوصفة التالية من أشهر الوصفات التي تم استخدامها، وتعرف بـ”المشروب الأخضر المضاد للسرطان” ولكن ماذا عن مكونات الوصفة؟ هي عبارة عن: تفاحة صغيرة – كمثرى متوسطة الحجم – نصف حبة فلفل أخضر (مع بذورها) – ملعقة أكل من مسحوق الحنطة الخضراء – ملعقة أكل من مسحوق الشعير الأخضر – وحبة متوسطة من البنجر – ورقتان صغيرتان من الملفوف الأحمر – ورقتان صغيرتان من الملفوف الأخضر – نصف باقة بقدونس – ورقتان من الخس – ورقتان من السبانخ – كوب ونصف الكوب من الماء. توضع المحتويات في الخلاط الكهربائي وتخلط لمدة دقيقتين، ولا يحفظ العصير في الثلاجة أبدًا بل يجب تناوله طازجًا دائمًا حال خلطه.
يختم مؤلف الكتاب بالقول: إن العالم لم يقم بعد باستجلاء القوى الكامنة في المشروبات الخضراء بشكل كاف، وهي إلى الآن تنتظر من يكتشف الإمكانات العلاجية فيها والتي تتراوح بين علاج أنواع الحساسية وعلاج السكر وبين علاج الالتهابات التي سببها العدوى إلى علاج الجروح ومشكلات البشرة، إضافة إلى القدرة العلاجية أو الوقائية ضد السرطان “بإذن الله تعالى” إن المشروبات الخضراء هي حقًا نموذجًا حيًا لأغذية مشوقة في طعمها ونكهتها المعروفة وأهميتها العلاجية.
هناك رابطة قوية بين استهلاك الأغذية النباتية وانخفاض حالات السرطان، لقد اكتشف علماء الأحياء الجزيئية في العقد الأخير أن المركبات الكيميائية الموجودة في تلك الأغذية يمكنها العمل على إعاقة نمو الأورام الخبيثة. اليوم زادت معرفتنا عن طبيعة هذه المركبات، ويأمل علماء التغذية أن تكون هذه المواد سببًا في التخلص من جميع أنواع الأورام الخبيثة عند من هم مؤهلون لذلك، لقد كشف الباحثون عشرات من المركبات الكيميائية في الفواكه والخضروات المعروفة سريعة الفاعلية، لها مقدرة فائقة على إيقاف تكوين الأورام والوفيات الناتجة عنها “لا قدر الله”.
وفي النتيجة يمكننا الذهاب إلى قول دكتور مايكل قينور – جامعة روكفلر : “للأورام هناك عشرات من المركبات الكيميائية في الفواكه والخضروات لها مقدرة فائقة على إيقاف تكوين الأورام الخبيثة، لقد عرفنا طريقنا إلى تلك الغاية، والمستقبل هو الغذاء”. الخضروات من الأطعمة الطازجة والحية المليئة بالعصارات الهاضمة المغذية تأتينا من المزرعة بأوراقها وقشورها، ولأجل الفائدة، ينبغي أن تؤكل بكاملها دون تقشير، هذه الطريقة الوحيدة التي تحفظ قيمتها الغذائية، كما أن النقع طويلاً في الماء والطبخ الجائر غير نافع، لأنه يسلبها كميات كبيرة من المعادن ويذيب فيتاميناتها. إن عصير الخضروات عندما يكون طازجًا يحوي كثيرًا من المعادن والفيتامينات والألياف، صحيح أن الجسم البشري يمكنه أن يحصل على هذه المواد من الخضروات كلها -بدون عصر- ولكنه في كثير من الحالات يحتاج إليها كمساعد ثمين عندما يعاني نقصًا ما في غذائه، ويضطر لتأمين النقص بسرعة فلا يجد غير العصير، لأن حاجته تتطلب تناول كميات كبيرة من الخضروات وهذا مما لا تتحمله معدته بسبب أنسجة الخضروات المرهقة لها، كما أن المسنين لا يستطيعون مضغ الخضروات فيحتاجون للعصير، وفي هذه الحالات وغيرها حملت الأطباء وعلماء التغذية على الإيعاز بتناول عصير الخضروات. فكثير من الناس يقنعون بأكل كميات من الخضروات مع أوراقها مع أنهم في الحقيقة لم يأكلوا إلا القليل جدًا مما يحتاجون إليه، من أجل ذلك كان نظام عصير الخضروات لذيذًا لأنه يعطي الكمية المطلوبة في شكل مركز.
يمكن علاج السرطان أو الوقاية منه بنسبة 80 % عن طريق اختيار الغذاء الطبيعي، وتغيير أسلوب الحياة، المصدر: (المعهد الأمريكي للعلوم والصحة ACSH)، ولكي يقاوم الجسم المضاعفات الخطرة قد يكون الحل في أغذية تقوي جهاز المناعة، وتمنح الجسم مانعًا للأكسدة، مثل الخضروات الورقية الغضة الداكنة والجزر والبصل الأخضر والطماطم والبطاطا.. تنمو في كل مكان، وتزرع طوال العام، ومتاحة ومتيسرة للجميع، ومحاولة الاستفادة منها كمصادر علاجية، لا تهاون ولا استسلام عندما يكتشف الشخص إصابته بداء العصر، أو إذا شك في ذلك، فمن الأفضل أن يبدأ برنامجًا علاجيًا ذا فعالية مؤكدة، وجانبًا علاجيًا محمودًا فيه السلامة والأمان وليس له أعراض جانبية، وبالطبع أقل ضررًا من الآثار الجانبية التي يمكن أن تنشأ عن استخدام العلاج الكيماوي، وأيضًا تكاليف العلاج بها أقل.
وخلاصة كل ما ذكرنا، أن النصيحة الدائمة تكمن في اللجوء للعصارات النباتية التي تتكون من خليط الخضروات الطازجة حتى نحصل على فوائدها والتي تعد أعلى وأفضل مصدر غذائي يحوي كمًّا كبيرًا من مضادات الأكسدة ذات التأثير العلاجي، فإن كأسًا من عصير الخضروات الطازجة المكون من عشرة أنواع من الخضار عند كل وجبة لهي عادة حسنة تعطينا مع الفيتامينات معادن وأليافًا وصحة، وبه مواد واقية من السرطان وفوائد وفوائد.. إذن، فهو غذاء ودواء في الوقت نفسه، فعلينا المواظبة على تناوله يوميًا كونه الطريق الأكثر فائدة.. وقد تبينت فوائده، ودليلنا ذلك الشراب الأخضر المكسيكي الذي وقفتْ أمامه العديد من الأدوية عاجزة، يحيل الأمراض الخطيرة إلى أخرى قابلة للعلاج!!
منصور الصلبوخ – أخصائي تغذية وملوثات