من صفوى.. رحلة مُلهمة عن الأحلام والإنجازات في «بقعة فارغة» لـ ريما الدرازي

أصدرت الكاتبة الشابة ريما أحمد الدرازي، الطالبة بكلية الإعلام جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل، كتابها الأول “بقعة فارغة” الذي ضم بين دفتيه 91 نصًا أدبيًا في اختلاف شرفاته في 96 صفحة، الصادر عن دار ريادة للنشر والتوزيع، حيث حمل الكثير من المشاعر والأحداث التي اصطحبت قراءها إلى فضاءات عديدة، جعلت ضحكاتهم وبكاءهم يصدح عاليًا.

وتحدثت “الدرازي” حول ما إذا كان قارئ نصوصها يشعر بأن الألم يكتنزها، وحالة من الأمل تخترق اللغة، قائلة: “نحن بشر نمر بتقلبات في حياتنا، ومشاعرنا عبارة عن متضادات تحارب بعضها بعضًا، فالأمل يكون ناتجًا عن ألم في أغلب الأحيان”.

وأضافت: “فلن نستطيع إكمال حياتنا دون تحقيق أهدافنا حتى مع غياب الأمل من حولنا، مستشهدة بقول الشاعر الهندي طاغور: “كل طفل يولد هو دليل أن الله لم يفقد الأمل في البشر بعد”.

وبيّنت أن الإصدار يمزج الحالة النثرية بالحالة الشعرية، وقالت: “إن الأسلوب النثري هو الغالب في الكتاب، ومن وجهة نظري أن مزج أكثر من أسلوب في كتاب واحد لن يكون عائقًا، بل سيكون متعة للقارئ من خلال التعرف على الأدب العظيم والرائع في لغتنا العربية”.

وأشارت الكاتبة الدرازي، في حديثها إلى عالمها الكتابي، وتعلقها بالأبجدية، لتأخذنا إلى ضفاف البدايات في رحلة ملهمة، يتنفسها القارئ، لتغدق عليه من حبيبات مطرها، لتزدهر الحروف بالغيمات.

البداية
تحدثت ابنة مدينة صفوى لـ «القطيف اليوم» عن مسيرتها الأدبية وبداياتها، موضحة أن رسائل التعبير عن الحب والامتنان والاعتذار لوالدها في بعض الأحيان، كانت هي بداية انطلاقتها في عالم الكتابة التي تزامنت مع مرحلة طفولتها، وقد مرت بمراحل عديدة حتى تطور الأمر، حيث بدأت بكتابة موضوعات مختصرة وبسيطة للإذاعة المدرسية، ثم العديد من الحوارات والمسرحيات، ومسودة صغيرة لكتاب، وظلت هذه الموهبة والحلم يكبر معها في كل مراحل حياتها حتى أصدرت “بقعة فارغة” مستعينة بكتابتها في الماضي.

“سعيدة بكل هذه المراحل التي جعلتني أصل لهذه المحطة التي لن أتوقف عندها إن شاء الله”، بهذه الكلمات وصفت “الدرازي” رحلتها في عالم الكتابة، مبينة أن حبها للأدب والفنون دفعها إلى مشاهدة العديد من الأفلام الأجنبية، والبرامج والمسرحيات، وقراءة الكثير من الكتب والنصوص والحوارات في عمر صغير، وخاصة كتابات الأستاذ الدكتور خالد بن صالح المنيف.

وقالت: “أهوى مشاهدة الأفلام باختلاف أنواعها، وكنت في طفولتي، أشاهد أفلام ديزني في الغالب، مما كوّن في ذائقتي، التّخيل الدرامي، والاستشعار الفني”.

دعم مستمر
أسهمت أسرتها وأصدقاؤها في تشجيعها وصقل موهبتها، وتنمية رؤيتها الفكرية والأدبية، وهو ما عبرت عنه “الدرازي” بقولها: “لا تكفي الكلمات لشكرهم على دعمهم المستمر، فالحمد لله التشجيع والدعم كان في كل خطوة أخطوها”، موضحة أن هذا الدعم الأسري، كان من أكبر الجوانب التي أسهمت بشكل فعلي في تحقيق حلمها، حيث إن الدعم جاء في ضفته النفسية من خلال تحفيزها على الكتابة، بالإضافة إلى شراء الكتب، وحثها على القراءة والكتابة.

وأشارت إلى أنها منذ كانت في الروضة، توجد في زاوية من حجرتها مكتبة، تحتضن الكتب التي تشتريها لها أسرتها، فقد كان والدها يحضر لها العديد من الكتب، والتي جاءت في البداية قصصًا، وكتبًا تعليمية.

وتحدثت “الدرازي” عن هذه المرحلة البريئة من حياتها، والمفعمة باستهواء الأبجدية، قائلة: “وبعد ذلك نمت بذرة حب القراءة، لأصبح شغوفة بها، لأقوم بعد ذلك باختيار الكتب بنفسي، والتي تكون في الغالب قصصًا قصيرة باللغة الإنجليزية، أو كتبًا أدبية باللغة العربية”.

وأضافت بكل اعتزاز، يشي بالفخر: “إن هذه المكتبة لا زالت تنمو، وتزدهر بالكتب، لأبحر فيها، كربان سفينة، يغريه البحر”.

اهتمامات أخرى
وحول اهتماماتها الأدبية الأخرى، ذكرت “الدرازي” أنها محبة ومهتمة بكل فروع الأدب من الشعر والنثر، ولكن أكثر الفروع المحببة لها هي الخواطر والنصوص والمسرحيات والنقد والفلسفة من ناحية الكتابة والقراءة، والشعر والخطابة من ناحية الإلقاء، مؤكدة على دور الكتابة في صقل شخصية الفرد وتشكيلها، وتأثيرها الإيجابي خاصة في عصر التكنولوجيا والألعاب الإلكترونية.

وأجابت “الدرازي”، عن سؤال عن مدى الاختلاف في كتابة تجارب الحياة عن غيرها من الآداب، بأنه من وجهة نظرها، كل مجالات الكتابة تتعلق بتجارب الحياة والمواقف التي نعيشها أو نشاهدها، مستطردة: “فالآداب والنصوص الأدبية ما هي إلا ترجمة لمشاعر مستوحاة من تجارب الحياة، ممزوجة بخيالات وتساؤلات”.

رسالة امتنان
تسعى “الدرازي” من خلال كتاباتها في كل عام إلى إيصال رسالة تعبر عن امتنانها لمشاركتها مع الجميع في هذا الكوكب الذي يتسع لكل الأحلام، فعندما تكثر الأحلام حتمًا ستكثر الإنجازات، وبشكل خاص تخبرهم من خلال كتابها “بقعة فارغة” أن الحياة ستمضي دون انتظار، لذا يجب ملء البقع الفارغة التي ستتحول لمرتفع صغير يسمى إنجازًا ونجاحًا، بحسب وصفها، متابعة: “أحببت أن تكون صيغة الكتاب بسيطة لكنها تحمل معنى عميقًا، حيث يسهل فهم المعاني وتحليلها، كما أحببت أن أركز على مشاعر يشعر بها كل فرد لكن لا يستطيع أن يعبر عنها للملأ”.

عقبات
ترى “الدرازي” أن هناك صعوبات في أي مجال يجب أخذها بعين الاعتبار، ومنها مجال الكتابة، مضيفة: “الأمر ليس سهلًا بل هناك مسؤولية كبيرة على عاتق الكاتب في أن يختار ويبحث عن أنسب الطرق والمؤسسات التي سيتعامل معها؛ لكي ينتج هذا العمل في أفضل شكل ممكن، لكن تجربتي الشخصية كانت تجربة رائعة محت كل الصعوبات من ذهني”.

وأوضحت أن اختيار دار نشر موثوقة بسعر مناسب، وأيضًا كيفية التسويق للكتاب ونشره على الملأ، وتحديد الفئة المستهدفة من المجتمع، والوسائل الأنسب للوصول إليهم، هي أبرز العقبات التي واجهتها، ولعل البيئة التي تواجدت فيها، ورحلة بحثها المتعمق هو ما ساعدها على تخطي هذه العقبات، على الرغم من الوقت الذي استغرقته كمبتدئة في المجال.

وعن أهمية الكتابة في صقل شخصية الإنسان، والتأثير فيه خاصة في زمن الألعاب الإلكترونية، والانفتاح على قنوات التواصل، تجيب الدرازي: “للكتابة دور كبير في صقل، وتشكيل شخصية الفرد، ولها تأثير إيجابي، من وجهة نظري”.

وتابعت: “بالنسبة للألعاب الإلكترونية أرى أن الإنسان الذي يميل للكتب والثقافة والأدب لن تؤثر عليه هذه الأمور الخارجية بنسبة كبيرة، وأيضًا من الممكن أن تسهم قنوات التواصل في نشر الثقافة”.

وأضافت: “فاليوم مع الانفتاح والتطور وتعدد الوسائط نرى أن وسائل الإعلام تقدم للفرد ما يريد أن يراه، فإن كان اهتمامك في المجال الثقافي بشكل عام أو الكتابة بشكل خاص، فبالطبع ستسهم قنوات التواصل في توسيع مداركك حول هذه الأمور، لكن يكمن الخطر عندما يضيع الشخص في خضم هذا الانفجار المعلوماتي”.

إضافة جميلة
أعربت “الدرازي” عن سعادتها بتوقيع كتابها في حدث عالمي مثل معرض الرياض الدولي للكتاب، والتي تعده إضافة جميلة في مسيرتها ككاتبة وإعلامية، قائلة: “كانت تجربة جميلة وكانت فرصة ثقافية رائعة، شعرت بأنني في حلم سيبقى أثره ولن يمحى من ذاكرتي، حلم عشته في الحقيقة لا في المنام، فشعوري لا يوصف بقليل من الكلام، وجاء لي الكثير من الداعمين والمحبين، فهناك أشخاص أتوا لزيارتي والحصول على توقيعي من مناطق مختلفة، لذا كُلي امتنان ولي الشرف بالطبع، وأقدم جزيل الشكر لكل القائمين والزائرين والداعمين”.

وعن مصدر إلهامها في مجال الكتابة، أشارت إلى وجود العديد من الكتاب الرائعين الذين تقرأ لهم وتنتظر إصداراتهم بفارغ الصبر من مختلف الدول، لكن لا يوجد شخص معين ألهمها في الكتابة، فهي تحب أن تقيم الكتاب وليس الكاتب، ومن هذه الكتب التي قرأتها في الآونة الأخيرة رواية “عالم مجنون” للكاتب أحمد حامد، وكتاب “الأمنيات لا تموت” للكاتب عبد الله حمد، وكتاب “رسائل ما قبل الانتحار” للكاتب الدكتور إسماعيل عرفة، ورواية “الطنطورية” للكاتبة رضوى عاشور.

طموح
تحدثت “الدرازي” عن طموحها مستقبلًا، قائلة: “أشعر بأنني في بداية الطريق والأحلام كثيرة وسوف أسعى دومًا لتحقيقها بإذن الله”،

واستكملت: “أطمح في تقديم ما يشرف مملكتنا العزيزة، ويخدم وطننا، كما أطمح في أن أجعل كل غريب يشعر أن له صديقًا إن كان يحمل كتابًا، فالكتاب ليس طيات من الورق وبقعًا من الحبر بل هو روح إنسان”.

واختتمت حديثها، بكلمات مقتبسة من كتابها، تقول: “أنت أيضًا لديك بقعتك الخاصة، ربما نصفها امتلأ حتى الآن بخير وربما بشر، لكن لا تنس أن تملأ النصف الآخر بإنجازاتك ونجاحاتك، فكن بصمة خير”.



error: المحتوي محمي