هل يحق لنا أن نزعم أن هناك تاريخًا محرمًا؟ وما هذا التاريخ المحرم؟!
لقد أصبح من الواضح تمامًا أن التاريخ بحاجة لأن يكتب من جديد.
هل خطر في بالك يومًا مثل ذلك السؤال المثير؟
لماذا تخلو جميع التّقاليد الشّعبية السائدة بين القبائل البدائية في جميع أنحاء العالم من مفاهيم تتحدث عن تطور الإنسان، وتحوله من مستوى بدائي إلى مستوى متقدم؟، حيث إن التاريخ يجمع على أن التقاليد البشرية جميعًا، تؤكد أن الإنسان قد انحدر من مستوى راقٍ، ومتقدم جدًا إلى مستواه المتدني الحالي، أي بعكس ما نعتقده نحن كأفراد متحضرين، حيث نعتمد على نظرية التّطور التّدريجي، وهي (الابتداء من مستوى متدنٍ متوحش وضيع)، فتلك الأصول الغامضة للإنسان لم تظهر تطورًا واضحًا من الأسفل حتى الأعلى، بل مع كلّ الأسف أثبتت الحوادث أنه قد انحدر نحو الأسفل!
لا ننكر أن العلم قد تقدم كثيرًا منذ عام 1847م، ولكن القائمين على المؤسسات التّعليمية الأكاديمية عملوا على ترسيخ فكرة أن الحضارات الإنسانية، يعود تاريخها إلى عشرة آلاف عام فقط، وأن الفترة التي سبقت هذا التاريخ، كان الإنسان حينها عبارة عن كائن متنقل من مكان لآخر، يقتات على الصّيد، وقطف الثّمار، ثم استقر بالقرب من مصادر المياه الدّائمة كالأنهار والبحيرات.
وحينئذٍ اكتشف الزراعة، ثم أقيمت المستوطنات الصغيرة، ثم كبرت، وأصبحت مدنًا، ثم حضارت وهكذا..، أو ليس هذا ما تعلمناه، وما نؤمن به؟
إنه ليس من الضروري أن تكون ذكيًا لتشعر بأن ثمّة خطأ، يحيط بهذه المعتقدات والنّظريات.
إن هذا الإخفاء المقصود من قبل المؤسسات التعليمية، يحرمنا من فوائد كثيرة لا يمكن تقدير مدى أهميتها، فهناك عدد هائل جدًا من القطع الأثرية التي كان من العقلانية ألا تكون موجودة في تلك الحقبة الزمنية طبقًا لما تعلمناه في المدرسة، وهذه القطع إنما تكشف عن تكنولوجيا في غاية التّطور، بل هي خارقة، والتي لم تكن محصورة في مكان واحد.
لقد تم اكتشاف قطع أثرية في نواحٍ مختلفة من العالم، أي أن الكرة الأرضية بأكملها، كان يسودها نموذج واحد من التّكنولوجيا المتطورة في إحدى الفترات من التاريخ السحيق.
كما أكد الباحثون أن في التاريخ ما يثبت أن هناك آثارًا قد تم قذفها في المحيط الأطلسي، تشهد بأن أسلافنا كانوا على قدر عال من التّكنولوجيا.
وفي حوالي 3400 قبل الميلاد اختفى ما يقرب من مليارين من البشر، ومسحوا تمامّا مع تقنياتهم المذهلة من على وجه الأرض.
هذا العرق البشري المتفوق تكنولوجيًا سبقنا إلى القمر، وفي صنع الكمبيوتر، وكذلك الحروب النووية، والتي دمرت بالكامل، وأزيلت من الوجود نتيجة كارثة كونية شاملة، عرفت هذه الكارثة في العالم باسم الطوفان العظيم، وقد ذكرتها الكثير من المراجع القديمة جدًا، وأشهرها سفر التّكوين، حيث بنى نوح سفينة لينقذ ما تبقى من البشر، وانتشر أحفاد هذا العرق العظيم من جبل أراراك في أرمينيا، بالإضافة إلى مناطق أخرى في العالم، مثل الهيمالايا ليعيدوا إنشاء حضارات متقدمة تكنولوجيًا، ولكن بدرجة أقل بالرغم من معرفتهم الجيدة بأصول أسلافهم العظماء.
والواقع أن التقنية الفائقة أو ما يسمى بالتاريخ المحرم تم تحضيره بصورة غير مباشرة عن طريق الخيالات غير العلمية، فالعالم الغربي الذي نعده فائق الذّكاء، هو ناقل وليس مؤسسًا للذّكاء، فالعلوم المخفية، وتكنولوجيا سيدنا سليمان، ليست رجمًا بالغيب.
إنه سرٌ عظيم، وعلمٌ يدرس تم نقله إلى مكتبات الغرب فاجتهدوا في إخفائه عن الناس، والواقع أننا نعيش على أنقاض حضارةٍ ذات تقنية فائقة التّقدم.
وما يسعى إليه العالم اليوم، هو كما ذكرته الكتب التّاريخية القديمة من استعادة ولو جزء صغير مما كانت عليه تلك الحضارة العظيمة قبل آلاف السنين، وكانت الآثار أكبر مصدق لذلك.
في 26 من يناير عام 1926م، بعد أن استطاع العالم الغربي “تسلا” اختراع جهاز الموبايل قبل 25 عامًا، كيف استطاع ابتكار أكثر من 300 اختراعًا؟
هناك سبب ضمنى يبزغ في الأفق..
من خلال الاطلاع على ما سبق في القرون الأولى، نجد أن تسلا قد عاصر في القرن التاسع عشر كاتبًا وروائيًا شهيرًا يدعى”جول فير”، الذي ولد في فرنسا عام 1828م.
هذا الرّوائي قام بتأليف العديد من كتب الخيال العلمي، كما ألف العديد من رواياته الأدبية التي تتخذ من الخيال العلمي بوصلتها.
كتب جول عن رحلة باستخدام الغواصات، والتي تدار بالطاقة الكهربائية، حيث لم تكن هذه التقنية موجودة في زمانه، والكهرباء كانت لا تزال وليدة، فمن الغريب أنه بعد عقود من الزمن تم اختراع غواصة مطابقة لتلك التي صورها في الرّواية.
كما ظهرت أفكار أخرى، تضمنتها رواياته في الخيال العلمي كناطحات السّحاب الزجاجية، والقطارات فائقة السرعة، وشبكات الاتصال حول العالم، والحواسب بالرغم من أن “جول”، كان في عصرٍ لم يكن فيه حتى الراديو موجودًا آنذاك.
هذا كما قد تكهن بأنه سيتاح للبشر رؤية بعضهم بعضًا عن طريق تقنية ما، وذلك يأتي عبر إسقاط ضوئي ثلاثي الأبعاد، يتيح لك رؤية الأشياء، وكأنها أمامك.
وهو ما تراه اليوم كأننا موجودون هناك بجسدنا المادي.
لذا فقد أطلق عليه نفس الاسم الذي ذكره “جول ” في رواياته، وهو الهيلوغرام.
السؤال الأهم، مفاده: من أين أتى هذا الكاتب الروائي بتلك الأفكار التي عبر عنها في الرّوايات؟
قد يقول البعض إنها مجرد خيال علمي ترجم إلى الواقع.
فإن أخذنا بهذا الافتراض، فذلك يعني أن التقنية كانت موجودة في الأساس، وما تلك الرّوايات إلا لفتتات ضوئية أو ما نسميه استشراف الشيء من خلال الحالة التّحليلية التي يبدع الكاتب في تصويرها، وإعلامًا ممنهجًا، يشير لما هو قادم.
إن الصدفة يمكن تحققها في رواية واحدة أو روايتين، ولكن ليس منطقيًا تحققها في عشرين رواية أخرى.
وإذا قلنا إنه رجم بالغيب فإنه لا يحتمل النّقاش، فالغيب بيد الله سبحانه وتعالى.
نستنتج بذلك أن ما كتب في تلك الرّوايات إنما هو اكتشاف من الحضارات ذات التقنية الفائقة قبل التاريخ أو ما يسمى بالتاريخ المحرم، والعالم الغربي ما هو إلا ناقل، ومنفذ للتقنية، وليس مؤسسًا لها.
وعليه، فقد أصبح الذّكاء الاصطناعي، هو المغذي لأفكار أفلام الخيال العلمي التي كنا ولا زلنا نشاهدها، ثم يتحقق محتواها بعد زمن، فنتعجب من ذلك.
هل يمكن القول بأن العالم “تسلا “، قد استفاد فعلًا من الحضارات القديمة، أم أن ذلك بمحض الصدفة؟
الإجابة ستكون نعم، مثالًا على ذلك التّعرض إلى جسيمات النيوترينو في عام 1895م، كان تسلا يجري أبحاثه من خلال الكهرباء ذات الجهد العالي، إذ لا حظ أن الزمان والمكان يتأثران بالمجال المغناطيسي، أي يمكن للمرء أن يغير في الزمان والمكان بواسطة الحقول المغناطيسية.
استطاع العالم “تسلا ” تحقيق بعض الاكتشافات الخاصة به من خلال الكهرباء ذات الجهد العالي، والمتداخلة بالقرب من المجالات المغناطيسية، كما اكتشف أن الزمان والمكان يتشوهان بهذا التأثير، وهذا التّشوه من هذا الزمان، يخلق بابًا من التأثير والانتقال من مكان إلى آخر.
إن التّعرض لتيار أحمر ومغناطيسي للطّيف، مُعين على إخفاء الأجسام عن الأعين بما يعرف بعباءة الانقسام.
وبيان على ما سبق، إن التّطور لتكنولوجيا النبي سليمان عليه السلام، ومعجزات الأنبياء والرسل ليست رجمًا بالغيب، إنما هو علم لا تخلو مكتبات الغرب منه، ومن سيرة حياتهم، وتلك العلوم قد أصبحت تدرس في أروقة جامعاتها، ومراكزها العلمية المختلفة.
كما نستنتج أن علوم النهضة العلمية الغربية الكبيرة بعلومها ليست تأسيسًا، بل يمكننا القول بأنها قد استفادت من الحضارات القديمة بما أنعم الله على أنبيائه، وبما استفاض الله سبحانه وتعالى من هذه العلوم، وبما سطره الفلاسفة والمفكرون، أمثال ابن سينا، وابن رشد، وحي بن يقظان، وابن حزم، وهو ناقل للتقنية، وليس مؤسسًا لها، وأولئك حقًا، هم الذين كانوا على معرفة جيدة بأصول حضارة أسلافهم العظماء.
قال تعالى: {قال يا أيها الملأ من يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك.. }.
{قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك.. }.
إنه علم وليس قذفًا بالظّن، والحدس، وليس رجمًا بالغيب أو القول بالظّن، وما لا تستيقنه، والهدف منه، هو إخضاع العالم للنّظام العالمي الموحد، فالثقافه الكونية، تحول البشر إلى مقاس واحد
Free Size uni Form كلهم يتكلمون بنفس الطريقة، كلهم يأكلون همبرغر، وكلهم يسمعون نفس الأغاني، هذا التّشابه السريع الذي يهيمن على الأطفال، تشابه مخيف خلقته أيدي (الثقافة الغربية)، ولأننا ننسب إلى عروق، تنتسب إلى الفخر والمهانة معًا، وتنوء بتاريخ من الخسائر، فنقف متأثرين بأن يرمي المنتصر على المغلوب هويته، ولأن هويتنا، تكون ماضوية أحيانًا، ومستقبلية أحيانًا أخرى، فالأجيال الجديدة، تتعاطى الرطانة، ولا تعرف غير لغة الأعجمين بصفتها لغة العصر بعد أن غيبت الأجيال، واقتلعت أشجار النحو، وأعيد غرسها ببيئة، تهب عليها رياح ذات تأثير لا يقوى على صدها إلا من جذور، تتحلى بلسان عربي مبين.
وحتى لا يسهل اجتثاثها، ولا تكون هويتها مجردة، ولا تكون ابنة شرعية للصدفة، ومع إملاء بأن الهويات قاتلة، طبق قانون لائحته الخروج من كل الأنانيات، والدخول عميقًا في البرودة الوجدانية، لتحول الفرد وتبقيه متحليًا بالمستقبل ومتحللًا عن الماضي.
لذا من الواجب علينا حماية إرثنا الحضاري القديم، فحتى الكلاسيكيات، والحكايات الشعبية، والأساطير، ووصفات العطارين، وأغاني الحضارات البائدة، وقصص الخلق القديمة، والكتب المقدسة، والشّروح الملحقة بها جميعها، تحظى بالأولوية، وذلك لما ثبت أن حضارتهم الغربية، تستأنس بتحريف حقائق الماضي.
إن إرثنا الثقافي، وذاكرتنا الحضارية، وهويتنا الإسلامية، تحتاج أن نكون حراسًا، وحفاظًا لها، لنرتشف منها معين المعرفة، فإن من يحافظ على الماضي، سيبني المستقبل، وعندما تحين اللّحظة لسقوط هذا العالم، وتسميته بالعالم القديم
سيكون لدينا نقطة مركزية، لتكون محور البداية.
فمن يسيطر على الحاضر، يسيطر على الماضي، ومن يسيطر على الماضي، يسيطر على المستقبل، إننا نسعى لإنقاد الماضي لكي يصير المستقبل ممكنًا، ونرغب في أن نكون حراسًا لذاكرة الكتب فوق أروقة المكتبات، فاللّغة هي آخر قلاع، يمكننا أن نحتمي بها.
وإلى جانب اللّغة العربية؛ إذ بسقوطها من عيون أجيالنا، وذواتهم، يسقط كلّ شيء..
هيا..، لنسُد الفجوة، ونسمو في القمم الشّماء بتعلم القرآن الكريم والبيان، حينها ستكون لنا بصمتنا، ونبهر العالم بإنجازاتنا العلمية.