لا للقطيعة

عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): {لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث}. وروي عن الإمام السجاد عليه السلام قوله: “إياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعونًا في كتاب الله عز وجل في ثلاثة مواضع”، قال الله عز وجل: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾محمد:22-23. وقال عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾الرعد:25. وقال عز وجل: ﴿الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾البقرة:27.

وذكر الله سبحانه وتعالى في الكتاب المبين أنّ من حِكَم وجودنا الدنيوي التعارف والتعامل مع الآخرين، فلا يمكن أن يعيش الإنسان معتكفًا مطلّقًا التواصل مع غيره رافضًا الاستفادة من سائر النعم الماديّة والمعنوية التي تأتيه من تفاعله ومشاركته داخل أسرته وخارجها، وهذه الحاجة إلى التعامل مع الآخرين عن قرب أو عن بعد مطلب جميع الطبقات العمرية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها وعبر التواصل يحقَق الإنسان ذاته ويترجم أحلامه إلى واقع ملموس ومحترم. مهما كانت درجة علم الإنسان لايدرك الأحداث وزواياها إلاّ بالحوار ودراسة حزمة من العناصر المؤثّرة والمتأثّرة والتي يصعب إتقانها بمثالية دون اندماجه مع آخرين.

ثمّة أمور فظيعة تحدث في حياة الإنسان مشاركًا أو شاهدًا عليها منها “التملّص في الأخلاقيات والعبادات من تطبيق النصّ القرآني وأحاديث العترة عليهم الصلاة والسلام”، وإلاّ المؤمن بطبيعته وما أسبغ الله عليه من نعم هو بذاته محصّن من الزلاّت والخلافات والتجاوزات التي يقع فيها عمدًا أو سهوًا، مع الأسف شريحة واسعة من الموالين. هذه التجاوزات ما صغر منها وما كبر قطعًا هي من الابتلاءات التي نواجهها -بإرادة أو من غير إرادة- نُحاسَب على حسن أو سوء تعاملنا معها ومع نتائجها المتتالية. محطات عديدة في مسار تواجدنا على الأرض غير مريحة لنا ظاهريًا وهي في الواقع مرتبطة بأمور أخرى من الأحداث والبشر لا ندرك الشاهد فيها ولا حصادها الدنيوي أو الأخروي متى غلبت علينا شقوتنا والهوى. ولعلّ من أسباب قوة وطول القطيعة بين الأرحام والأصدقاء التطرّف الأخلاقي في التعامل مع خطوات العفو والصفح والاعتذار حيث كلٌ يرميه على الآخر ليبدأ هو فاقدين الإجابة العبادية والثواب ومعمّقين القطيعة والخلاف.

بعض نماذج القطيعة طويلة الأجل المنتشرة في مجتمعنا والتي يقشعرّ منها البدن وتقع من وبين الموالين وجميعهم مطّلعين على الآيات والأحاديث ولربما يحثّون غيرهم على عدم الإخلال بها:

▪ قطيعة الابن لأبيه
▪ قطيعة البنت لأمها
▪ خلاف الزوج والزوجة
▪ قطيعة الزوجة لأهل زوجها
▪ قطيعة الزوج لأهل زوجته
▪ قطيعة بين الإخوة في مختلف الأعمار
▪ قطيعة بين الأخوات في مختلف الأعمار
▪ خلاف الورثة الإخوة والأخوات والزوجات على توزيع الميراث
▪ قطيعة بين أصدقاء العمر
▪ قطيعة بين زملاء العمل الاجتماعي
▪ قطيعة بين شركاء العمل التجاري، إخوة أو أصدقاء
▪ الطلاق وأسبابه
▪ وأخرى..

أنا أدعو الى مواجهة القطيعة ومعالجتها، وأناشد الوجهاء وأهل الخير بالعمل الحثيث لإنشاء “لجنة إصلاح ذات البَين” بصلاحيات نافذة ما أمكن للتوسّط بين المختلفين والمتخاصمين، كما على الأصدقاء عدم التغافل عمّا يحدث بين زملائهم ومعالجة أي خلاف دون تأجيل.

نَسِيَ الطينُ ساعَةً أَنَّهُ طينٌ — حَقيرٌ فَصالَ تيها وَعَربَد

وَكَسى الخَزُّ جِسمَهُ فَتَباهى — وَحَوى المالَ كيسُهُ فَتَمَرَّد

يا أَخي لا تَمِل بِوَجهِكَ عَنّي — ما أَنا فَحمَة وَلا أَنتَ فَرقَد

إيليا أبو ماضي



error: المحتوي محمي