وأنت ترى الأعداد الكبيرة للخريجين العاطلين عن العمل في ازدياد قد يقفز إلى ذهنك تساؤل:
هل الشهادة اليوم أصبحت هي المطلب الوحيد للحصول على الوظيفة فقط؟
بمعنى آخر هل كل طالب جامعي يملك وثيقة تخرجه سيجد أبواب الوظائف مفتوحة على مصراعيها لاستقباله لشغل تلك الوظيفة التي قد يحلم بها، بالتأكيد الجواب لا.
ماذا يحتاج ذلك المتخرج برفقة تلك الشهادة التي يحملها بيديه وفي قلبه؟
في الأعوام القليلة السابقة ومع انطلاق الرؤية 2030 في وطني المملكة العربية السعودية تبدل الحال وتغير كثيرًا عما كان عليه في السابق، حيث أصبح سوق العمل والميدان لمن يملك الكفاءة (المهارات والقدرات) لا لمن يملك الشهادات والأوراق، اليوم المهارة مقابل المال لا الجهد مقابل المال، في السابق أعطني وقتك وخذ نظيره مقدارًا من المال أما الآن فبدأت تلك النظرة تنحسر وتتلاشى تدريجيًا، ما الذي يميزك عن أقرانك أيها الخريج؟
وهذا يقودنا إلى تساؤل آخر قد يطرح من قبل القارئ الكريم ما دام الوضع كذلك
لماذا ينصب تركيز الأسر في الغالب على المستوى الدراسي والحصول على الشهادات؟
قد يكون لتلك الأسرة أسبابها المنطقية التي تجعل جل اهتمامها وتركيزها منصبًا على حصول الأبناء على تلك الشهادات منها:
1/ ترى الأسرة أن الشهادة تزيد فرصهم للالتحاق بأفضل الجامعات.
2/ القبول في الجامعة يزيد من فرصهم للحصول ربما على وظيفة مرموقة.
3/ تكون الأسرة في وضع يسمح لها بالتباهي والتفاخر أمام الجميع بتفوقهم.
ماذا تحتاج الأسرة الآن للتركيز عليه مع الأبناء أثناء دراستهم لتحسين الحال وزيادة فرصهم الوظيفية في المستقبل؟
يرى دانيال جولمن في كتابه (ذكاء المشاعر) أن 80% من عوامل النجاح تعتمد على تمتع الفرد بمهارات وقدرات الذكاء العاطفي وهو ما يعرف بالمهارات الناعمة (soft skills)، بحاجة إلى الاهتمام لتنمية بعض المهارات الحياتية:
(الثقة بالنفس – مهارة حل المشكلات – ضبط الانفعالات – التكيف مع المتغيرات – التفكير الناقد – القدرة على التعامل مع الآخرين).
الإلمام بهذه المهارات برفقة الشهادات قد يكون هو الضمان بتوفيق الله لمستقبل مشرق لأبنائنا، وذلك لما لتلك المهارات من أهمية كبرى، حيث أصبحت اليوم هي المعيار للتوظيف في الكثير من الشركات في القطاع الخاص وأيضًا قد تكون حاضرة وبقوة في القطاع الحكومي مع البدء في الخصخصة كذلك.
ختامًا نحتاج أن نقرأ من الآن فصاعدًا كـ (أسر) في أن عدم الحصول على درجات الامتياز لا يعني فشل الأبناء دراسيًا، ستيف جوبز مؤسس شركة آبل وإيلون ماسك الرئيس التنفيذي لتسلا ماتورز خير دليل وشاهد على كلامنا، لم يكونا الأكثر تفوقًا مع أقرانهما ولكنهما حققا نجاحات عملاقة، هذا كفيل بتوفير المزيد من راحة البال للأسرة والطالب كذلك، وهذه ليست دعوة للإهمال والتقصير.