من القديح.. في احتفاء أدبي في سيهات.. الكاتب جمال الناصر يغرق في التيه

احتفى منتدى سيهات الأدبي “عرش البيان “، بتوقيع باكورة أعمال الكاتب والإعلامي جمال الناصر، ” تيه اللّغة”، بحضور أعضاء المُنتدى، ونخبة من المهتمين بالأدب والثّقافة، وذلك مساء الأحد 12 ربيع الآخر 1444هـ، بمجلس الأديب عقيل المسكين بحي الكوثر في سيهات.

ونوقشت المجموعة القصصية ” تيه اللغة”، خلال الاحتفالية لاكتشاف جماليات الكلم وأسرار التيه، في المجموعة التي صدرت عن دار ريادة للنّشر والتوزيع، وبلغت 67 نصًا سرديًا، جاءت في 141 صفحة، ليحمل الكتاب في الجزء الأول منه 12 قصة قصيرة، وفي الجزء الآخر 55 قصة قصيرة جدًا.

واستهل الحفل الذي قدمه النّاقد والأديب محمد الحميدي، بالحديث عن تجربة “الناصر” السّردية، وقراءته بعض النصوص التي امتازت بلغتها الأدبية المُنمقة، واختتم الحفل بالتوقيع.

التّجربة الفُستق
وتحدث “الناصر”، عن تجربته في الكتابة، موضحًا أنه بالإصدار الأول لا يُعد كاتبه صاحب تجربة كتابية، كون التّجربة تأتي بعد عدد من الإصدارات، والتي تفتح الشّرفة لقراءة تجربة الكاتب في هذا الفن، مبينًا أنَّ الحياة بكلّ ألوانها، والثّقافة باختلاف مداها، تُعد السّاحة الخصبة لكلّ مُهتم بالكتابة، ومُغرم بالبوح.

وذكر أنَّ اليراع كان رفيقه مُنذ الصّغر، إذ كانت البداية عبر “التّسكع” في طريق الشّعر الذي لم يكتشف ذاته فيه، مُوضحًا أن ثمّة فيض من الذّات، لم يُشبعه الشّعر، ليجد نفسه في القصة، لتكون وجهته، كظلّه، تشبهه في كلّ تقلباتها، وخط الاستواء.

وبين “الناصر” أنَّ التّجربة السّردية، التي يهواها ويُغرم بها، هي التي يُبصر فيها الإنسان، وتحترم عقل القارئ، لتأخذ من رُوح كاتبها، وثقافته، وأنفاسه، ليُقدمها إلى القارئ بكلّ تفاصيلها المُدهشة، لا “الحكواتية” فحسب، ولكنَّها التّجربة، التي تُخيط شخصياتها، كشيء يُشبه اللمس، يشعر بها القارئ، كأنّها حقيقة من خلال تصوره الذّهني لها، وتفاعله معها بعاطفته، ويتناغم معها بكلّ تفاصيلها.

وأشار إلى أنَّه في الكتابة السّردية، يهفو إلى المحتوى الثري بالثّقافة، المُحتوى الذي يأخذ القارئ إلى الأفق الأوسع، إلى ذلك النَّص الذي لا ينتهي بمُجرد الانتهاء من القراءة، ولكنَّه يسكن وجدانه وذاكرته، ليشتاق إلى الارتماء في أحضانه مُجددًا.

ارتعاش البلاغة
ونوه “الناصر” بأن “تيه اللّغة”، لم يكن وليد الآنية في الوقت في حساب السّنوات المُتأخرة، حيث إنَّ بعضها كتبت مُنذ ما لا يقل عن خمسة عشر عامًا، لتتراوح القصص الأخرى على امتداد السّنوات عبر سلّم تنازلي.

وذكر أنَّ الفكرة في الإصدار، بمثابة الإنسان، يجده من خلال ما تُبصره عيناه، والواقع الذي يعيشه، ويتأثر به، إضافة إلى ما يتمتع به من ثقافة، وأسلوب سرديّ، يأتي قالبًا فنيًا، يُحاكيه، ويُجدف منه إلى المُتلقي، حيث جاءت بعض القصص من مواقف واقعية، أشبعت بالخيال والتمويه.

وأضاف “الناصر” : “إنه يأتي أيضًا، ليجعل القارئ، يُفعل من عنصر التفكير في المعنى، وذلك من خلال الفعل السّردي، وتكوّن الحدث الدّرامي، الذي يراه إن جاء ضمنيًا، فإنَّه الأروع من الكلاسيكية، داعيًا الكاتب إلى السعي في كتابته إلى الارتقاء بالذّوق الأدبي، المعجون بالذّوق الفني، ليُقدم إلى القارئ ما يُثري ذائقته في مُختلف زواياه.

القراءة نسج حكاية
وأكدّ “الناصر” أنَّ الكاتب ينبغي أن تكون آفاقه واسعة، لتزهر الكلمات، كالفُستق بين أصابعه، ليُكون له أسلوبه ولغته الخاصة به، موضحًا أن النّجاح في أيّ مشروع، يعتمد في جزء كبير منه على القراءة.

وقال: “فبقدر ما تقرأ، فإنَّك تُعمل ذلك في مُعالجة، لتعمل توليفة”، داعيًا أنَّ تكون القراءة من خلال تقنية القراءة النّقدية، الاستكشافية، مُؤكدًا: “ولا نُخطئ إن قلنا إن القراءة زاد المُبدعين، الذي لا ينضب معينه..”.

ماهية العنوان؟
وبين “الناصر” أنَّ العنوان، يأتي كحالة شبيهة باليقظة ولا تشبهها، فالتيه يُمثل حالة الإغراق التي تنتاب الكاتب، والذي يبتعد من خلاله عن الحسّ، ويتفرد في عالم يحتويه، ينطلق من الواقع إليه.

وأضاف: “فهي الوسيلة للتّعبير عن خلجاتنا، عن هذه الذّات، وما نشعر به، واللّغة هي عشق الكاتب، يُفصل من خلالها أحلامه، وأمنياته، اشتياقاته، أحزانه وأفراحه، أفكاره التي يسعى من خلالها لأن يُقدم للقارئ ما يُثري ذائقته، ويجعله يمتلئ بالأمل والعنفوان، ويُبصر الطّريق الذي تُثيره الأبجدية”.

كلمة أخيرة
وقدم “الناصر” في نهاية الأمسية شكره وامتنانه، المُفعم بالفلّ والياسمين إلى الوجيه ورجل الأعمال عبدالله السيهاتي، لتكفله بطباعة إصدارات المُبدعين في مُنتدى سيهات الأدبي “عرش البيان”، وبما يُقدمه من الدّعم السّخي، لخدمة الأدب والثّقافة، متمنيًا أن يحذو رجال الأعمال حذوه، ويحتضنوا اليراع، كما توجه بشكره إلى مُنتدى سيهات الأدبي “عرش البيان”، وإلى الأديب الشّاعر عقيل المسكين، الذي احتضن قلمه بلطفه، وشدَّ خُطاه، ليبزغ “تيه اللّغة” في الأفق.

وتوجه بحديثه إلى الكتاب، قائلًا: “نحن بحاجة لأن نقرأ، ونقرأ، لنستطيع أن نكتب، ونصل إلى ذائقة القارئ، فالكتابة لوحة فنية، إذا منحتها كلك، ستمنحك كلها..”.

وأضاف: “نحن في حاجة لأن نضع بين يدي القارئ كلّ جميل ونوعي، فامنح موهبتك جُهدك، لتُحقق أحلامك وأمنياتك، مُشددًا على أنه لا عيب في أن تتعثر، ولكنَّ العيب أن تركن لهذا التّعثر، فإنَّ الفشل، هو الطّريق إلى النّجاح”.

المحطة القادمة
وذكر “الناصر” أنَّ في جعبته عدد من الإصدارات، للآن لم تُعانق الطّباعة، منها؛ إصدار قصصي بعنوان “كأنَّه الضّوء” جاهز للطّباعة، وإصدار آخر مقالات، بعنوان “مائدة أمي والدّهشة”، و”تأملات نقدية”، ونثريات، بعنوان “جماليات” جاهز للطّباعة، ورواية أدبية لا تزال في طور الكتابة، بعنوان “لكنَّها لم ترحل”.




error: المحتوي محمي